أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لم تشهد سوريا في تاريخها الحديث جرائم بحق المكونات والأقليات التي لها أعيادها القومية وطقوسها الدينية الخاصة، سواءً عندما كانت الأراضي السورية كلها تحت سيطرة الدولة أو الأطراف المعارضة الأخرى، إلا أن هذا الحال يبدو أنه تبدل، حيث بات السوري اليوم معرض للقتل والسحق في حال الاحتفال بأعياده وطقوسه الدينية الخاصة، في مشهد يعيد إلى الأذهان ما كان يفعله تنظيم داعش الإرهابي ضمن المناطق التي كان يحتلها خلال السنوات السابقة.
الأقليات في خطر.. ودعوات لقتلهم تحت حجة “الإلحاد والكفر”
نعم كان المواطنون من الأثنيات والقوميات والديانات الأخرى تتعرض للاعتقال من قبل أجهزة الأمن السورية بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية، إلا أنه لم يسبق أن تعرض مواطنون يحتفلون بأعيادهم القومية للقتل في سوريا، إلا أن ذلك حصل عشية عيد النوروز الذي يحتفل به الشعب الكردي في كافة أرجاء العالم وليس في سوريا فقط، حيث تعرض 4 أشخاص للقتل على يد فصيل “أحرار الشرقية” الموالي لتركيا، ليس ذلك فحسب بل هناك دعوات من قبل الفصيل ذاته “لسحق الأقليات والأثنيات الدينية” وذلك بحجة “الكفر والإلحاد”، في مشهد يذكرنا بما كان يفعله داعش ضمن المناطق التي كان يسيطر عليها.
وفي سياق تطورات ما يحصل في منطقة عفرين، حرضت مجموعة تابعة لفصيل “أحرار الشرقية” على “قتل وسحق الأقليات” في مناطق نفوذهم، وسط صمت “الحكومة المؤقتة”، حيث كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن “محادثة” دارت بين عناصر مجموعة تابعة لفصيل “أحرار الشرقية” تحرض في مضمونها على قتل الأقليات وعلى الكرد بشكل خاص وتدعوا لقتل وإبادة كل الأقليات، وإبادة كل من يحتفل بعيد النوروز الذي سماه أحدهم بعيد “الإلحاد”.
“الدين أمر بسحق الأقليات” باستثناء “اليهود والنصارى”.. هل عاد داعش ؟
وجاء في سياق الحديث بأنه يجب سحق الكردي والعلوي والدرزي والزردشتي والإيزيدي، لأن الدين أمر بسحقهم وقتلهم إما يسلمون او يقتلون، باستثناء اليهود والنصاري هؤلاء يجب أن يدفعون الجزية “بحسب وصف عناصر المجموعة”. وذلك تماماً كما كان يدعو تنظيم داعش خلال فترة حكمه السوداء في المناطق السورية.
تقارير دولية وأممية: فصائل المعارضة ارتكبت جرائم حرب في مناطق نفوذها
وكانت اللجنة الدولية الخاصة للتحقيق في سوريا أكدت في تقرير لها أن فصائل المعارضة “ارتكبت جرائم حرب” في مناطق نفوذها، إضافة لعمليات قتل وسلب واغتصاب واعتقال تعسفي واحتجاز قسري بالمشاركة مع “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة”.
كذلك اعتبرت منظمة “هيومن رايس ووتش” أن ما حصل في ناحية جنديرس والجريمة التي ارتكبت بحق مواطنين سوريين “هي استمراراً للانتهاكات في هذه المنطقة على مدار 5 سنوات”، ودعت تركيا كونها قوة محتلة لهذه المناطق لوقف الدعم عن هذه المجموعات المسلحة ومحاسبة الجناة.
الغليان الشعبي مستمر في عفرين.. وقيادي كردي يتبرأ من المحتجين
وفي السياق، ذكر المرصد ان منطقة عفرين لاتزال تشهد غلياناً شعبياً على خلفية الجريمة النكراء التي ارتكبها عناصر “أحرار الشرقية” بحق مواطنين كرد احتفلوا بعيد النوروز في ناحية جنديرس، حيث خرجت تظاهرات شعبية عارمة نددت بالجريمة ودعت لمحاسبة الجناة وفرض حماية دولية على المنطقة.
كذلك دعا قيادي في “المجلس الوطني الكردي” في ناحية جنديرس خلال الاحتجاجات التي خرجت لليوم الخامس على التوالي، إلى وقف الخروج في المظاهرات، وذلك بعد ضغوط تركية مورست على قيادات “المجلس الوطني الكردي”، وسط تهديدات كل من يشارك في الاحتجاجات من قبل الاستخبارات التركية.
حيث قال القيادي “س.ع” خلال كلمة ألقاها أمام حشد جماهيري، بأن كل من يشارك سيتحمل المسؤولية، وأنهم في المجلس لن يتحملوا مسؤولية أي اعتقال، الأمر الذي أدى لغضب شعبي، معتبرين حديث القيادي الكردي الموالي لأنقرة يعبر عن رأيه الشخصي ولا علاقة له برأي الأهالي، وسط دعوات لاستمرار الاحتجاجات.
مخاوف من حملات أمنية للاستخبارات التركية بمناطق الاحتجاجات بعفرين
بدورها اعتقل حاجز الاستخبارات التركية مواطناً، أثناء عودته من المظاهرات في جنديرس بريف عفرين، وسط مخاوف لدى الأهالي بقيام الاستخبارات التركية بتنفيذ حملة اعتقالات واسعة ضد كل من شارك في الاحتجاجات، وبحجة أن هؤلاء من المتعاونين مع “الإدارة الذاتية” السابقة.
كما دعا موالون لـ “الجيش الوطني” إلى الخروج في مظاهرة تحت شعار “علمنا وثورتنا شرفنا” في 26 آذار الجاري، رداً على رفع أهالي ناحية جنديرس أعلام وصور تمثل “إقليم كردستان” العراق.
وسيطرت تركيا وفصائل المعارضة في “الجيش الوطني” الموالية لها على منطقة عفرين خلال العملية العسكرية المسماة “بغصن الزيتون” في آذار/مارس 2018، وذلك بعد 58 يوماً من الاشتباكات العنيفة مع قوات سوريا الديمقراطية التي كانت حينها منشغلة بالحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، ومنذ ذاك الحين أفادت عشرات التقارير بتعرض الأقليات الدينية والقومية إلى انتهاكات جسيمة ترقى “لجرائم حرب” على يد فصائل المعارضة وسط تغاضي تام للقوات التركية و “الحكومة السورية المؤقتة”.
إعداد: ربى نجار