أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لا شك في أن نشاط تنظيم داعش الإرهابي الكبير في الآونة الأخيرة مرتبط بشكل كبير بالتصعيد العسكري المستمر في المناطق السورية الشمالية، وضعف العمليات الأمنية والعسكرية في البادية من قبل القوات الروسية والحكومية، والأوضاع المضطربة بشكل عام في البلاد، حيث استغل التنظيم هذه الأوضاع وعمل على استعادة نشاطه والقيام بعمليات إرهابية بمناطق سورية عدة خلال الفترة الماضية.
“شمال شرق سوريا”.. داعش يعود بعد 3 سنوات من “الانتصار العسكري”
وبعد أكثر من 3 سنوات من إعلان “الانتصار العسكري” على التنظيم، تشهد المناطق الشمالية الشرقية عودة كبيرة لنشاط داعش، على الرغم من الحملات الأمنية والعسكرية المكثفة، والتي كان آخرها حملة تمشيط وتفتيش لأخطر مخيمات العالم (مخيم الهول)، بعد تزايد عمليات الاغتيالات والجرائم فيها على يد خلايا التنظيم.
وأعلنت قوى الأمن الداخلي “الأسايش” انتهاء أعمال الحملة وتلميحها إلى أن خلايا داعش كانت تتجهز لشن هجوم من داخل المخيم على النقاط الأمنية المحيطة.
وبحسب ما جاء في بيانات الأسايش وأكدت عليه وسائل إعلام محلية، فإن كمية الأسلحة الكبيرة التي أدخلت إلى المخيم وعناصر داعش الذين ألقي القبض عليهم والبالغ عددهم أكثر من 200 عنصر، كان دليلاً على أن تنظيم داعش الإرهابي كان يحضر لشن هجوم من داخل مخيم الهول، على شاكلة الهجوم الكبير الذي شنه التنظيم على سجن الصناعة بحي غويران بمدينة الحسكة في كانون الثاني/يناير الماضي.
ما علاقة تركيا وفصائل “الوطني السوري” بنشاط داعش ؟
وتتهم الإدارة الذاتية وقواتها العسكرية والأمنية، تركيا وفصائل المعارضة السورية الموالية لها، بتقديم الدعم الكامل لخلايا داعش مع وجود مراكز لهم في المناطق التي يسيطرون عليها في شمال سوريا وخاصة رأس العين، للتخطيط وتنفيذ هجمات في شمال شرق سوريا، مشيرين إلى أن هجوم داعش من داخل مخيم الهول كان سيتزامن مع أي “غزو تركي للمنطقة”.
وما كان لافتاً في الأمر بحسب خبراء في مجال التنظيمات الإرهابية، تزايد نشاط داعش بشكل كبير وعملياته العسكرية التي استهدفت قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي في أرياف دير الزور والحسكة، بالتزامن مع التصعيد العسكري التركي من جهة، وعمليات التمشيط والتفتيش في مخيم الهول من جهة أخرى، حيث نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أخباراً عن أكثر من 7 عمليات ضد قسد بالتزامن مع “حملة الهول”.
قسد تكثف من عملياتها لاحتواء نشاط داعش
وأفادت مواقع إخبارية عن مقتل عدد من قوات قسد فجر الأحد، جراء انفجار سيارة مفخخة بالقرب من قرية غزيلة بريف الحسكة الشرقي، وفرضت القوات العسكرية عقب الانفجار طوقاً أمنياً بعد أن أرسلت تعزيزات عسكرية كبيرة إلى المنطقة، كما قتل عنصر آخر من قسد واصيب آخرون بجروح نتيجة استهداف دورية عسكرية لهم من قبل خلايا التنظيم الإرهابي في بلدة الكبر بريف دير الزور الغربي.
ورداً على هذه الهجمات لداعش، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن حملة أمنية في منطقة الكبر، بهدف مطاردة “خلايا إرهابية” بعد الاستهداف الذي طال قواتها، وأكد بيان صادر عن قسد اعتقال العديد من المتورطين والعثور على كميات كبيرة من الأسلحة.
ولم تهدأ قوات سوريا الديمقراطية منذ أشهر في مطاردة خلايا تنظيم داعش، حيث تشن حملات أمنية وعسكرية بالتعاون مع قوات التحالف الدولي في أرياف الحسكة ودير الزور والرقة، أسفرت عن القبض على العشرات من عناصر التنظيم بينهم قيادات، وخلال اعترافات هؤلاء أكدوا حصولهم على دعم استخباراتي ولوجستي من مناطق سيطرة القوات التركية في الشمال السوري.
إفشال هجوم على مخيم الهول.. والعالم يكتفي بالتحذير من خطر داعش
وقبل أيام أعلنت قوى الأمن الداخلي “الأسايش” إفشال هجوم على مخيم الهول، الذي يؤوي عشرات الآلاف من عائلات داعش، من نساء وأطفال، حيث كان التنظيم يخطط بالهجوم على المخيم من الريف الجنوبي لمدينة الحسكة، عبر سيارتين مفخختين، وذلك تكراراً لسيناريو الهجوم الكبير على سجن الصناعة بمدينة الحسكة الذي كان يضم آلاف القيادات الأجنبية للتنظيم الإرهابي.
وعلى الرغم من أن الدول الغربية والأمم المتحدة تحذران من خطر داعش على سوريا والدول المجاورة والعالم، وأن مخيم الهول بات مركزاً لتلقين الفكر المتطرف للجيل القادم من التنظيم، وأن داعش يخطط لشن هجمات على مراكز الاحتجاز والمخيمات لتهريب عناصره وعوائله، إلا أن هذه الأطراف لا تقدم أي مساعدة لقوات سوريا الديمقراطية لحل هذه المعضلة.
وتطالب الإدارة الذاتية من المجتمع الدولي، المساندة في حل معضلة تواجد عشرات الآلاف من عناصر وعوائل تنظيم داعش الإرهابي لديها في مراكز الاحتجاز والمخيمات، وتحذر من أنها لوحدها لا تستطيع الحفاظ على أمن هذه المراكز، كونها تتعرض للتهديدات من قبل تركيا، في حال أي هجوم جديد للجيش التركي فإن هذه المراكز والمخيمات ستبقى بدون حماية، ما ينذر بهروب جماعي لعناصر التنظيم و عوائلهم.
كما تناشد الإدارة الذاتية من الدول التي لها رعايا ضمن التنظيم استعادتهم ومحاكمتهم ببلدانهم، وإنشاء محكمة دولية على الأراضي السورية لمقاضاة من ارتكبوا الجرائم بحق الشعب السوري، إلا أن هذه المطالب أيضاً لا تلقى آذاناً صاغية من قبل المجتمع الدولي.
إعداد: علي إبراهيم