أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في إطار غياب الحلول السياسية في سوريا، يخيم التصعيد العسكري في مناطق سورية عدة من الجنوب إلى الشمال، وسط الحديث عن أن المجتمع الدولي أدرج الملف السوري على الرفوف وبات يتجاهل هذه المعضلة المستمرة منذ أكثر من عقد من الزمن.
تصاعد العنف في سوريا.. هل “لمسار آستانا” أي علاقة ؟
التصعيد العسكري في المناطق السورية بدأ بالتصاعد أكثر فأكثر خاصة بعد انتهاء الجولة السادسة عشرة من “مسار آستانا” الذي جمع روسيا وتركيا وإيران في العاصمة الكازاخية، نور السلطان، قبل نحو شهرين، وعلى الرغم من قول تلك الجهات أنه لا حل عسكري في سوريا وأن حل الأزمة يكمن في إطار مقررات الأمم المتحدة وعلى رأسها القرار 2254، إلا أن العسكرة لاتزال هي المسيطرة على المشهد السوري، والحديث يدور الآن عن أن “الحلول السياسية” لسوريا لن تكون قريبة.
درعا.. تعثر للمفاوضات والقادم مجهول
الجنوب السوري وتحديداً محافظة درعا، تعاني منذ أكثر من شهر من تصعيد عسكري كبير للقوات الحكومية، حيث الاشتباكات والقصف المتبادل، وفشل كل المفاوضات ومحاولات تهدئة الأمور من قبل روسيا واللجان المركزية في حوران، حيث أن المقترحات المقدمة للحل لا “تخدم مصلحة أهل درعا وهي مذلة” بحسب وصف المتحدث باسم اللجان في درعا عدنان مسالمة، والذي أكد أن “المقترح الروسي” الأخير الذي وصفته وسائل إعلامية روسية بأنه “آخر الحلول الدبلوماسية” لايزال قيد النقاش، ولم يتم الموافقة عليه بعد. ما يضع درعا أمام مستقبل غامض خاصة مع تمسك الحكومة وقواتها بالحلول العسكرية، وتجهيزها على ما يبدو لعملية عسكرية جديدة.
وأكدت مصادر إعلامية أن المفاوضات تعثرت بعد يومين من المناقشات بين الوفد الروسي واللجان المركزية بدرعا، التي رفضت تسليم السلاح الخفيف للفصائل المحلية و بند تهجير المطلوبين من منازلهم للشمال.
“خفض التصعيد”.. عنف متواصل يدل على خلافات روسية تركية
الشمال الغربي من البلاد، ليس ببعيد عن التصعيد العسكري أيضاً، حيث القصف اليومي البري والجوي من قبل قوات الحكومة وروسيا، والاشتباكات مع فصائل المعارضة التي باتت متأهبة لأي عملية عسكرية جديدة قد تحدث في أي وقت، والعين على منطقة “جبل الزاوية” التي تشهد النسبة الأكبر من التصعيد.
هذا التصعيد العسكري الذي لم يتوقف منذ أكثر من سنة، بعد الاتفاق الروسي التركي على تهدئة الأمور، يدل على خلافات روسية تركية حول تلك المناطق، كما يعري كل التصريحات التي تدعو للحلول السياسية ونبذ العسكرة في سوريا من الطرفين.
وشهدت منطقة “خفض التصعيد” في الآونة الأخيرة تصاعداً كبيراً للعنف بين قوات الحكومة وفصائل المعارضة، التي تتبادل القصف والاستهدافات والاشتباكات بشكل يومي وعلى مدار الساعة، وكان أخر هذا العنف مقتل 5 أشخاص من عائلة واحدة في قرية مشون بجبل الزاوية بقصف من قوات الحكومة من قواعدها بمعرة النعمان.
الشمال الشرقي.. تصعيد تركي رداً على التصعيد الروسي
مناطق الشمال الشرقي، بدورها لم تهداً جبهات القتال فيها منذ نهاية اجتماع “مسار آستانا” الأخير، حيث تتعرض القرى والبلدات والنواحي الممتدة من تل تمر شرقاً وصولاً إلى منبج غرباً، لقصف تركي وفصائل المعارضة المسلحة الموالية له، ما يشير بحسب متابعين أن “التصعيد العسكري الروسي في خفض التصعيد مرتبط بشكل أو بآخر بالهجمات التركية على المناطق التي تتواجد فيها القوات الروسية في الشمال الشرقي”.
هذا التصعيد أدى لفقدان الكثير من المدنيين لحياتهم بينهم أطفال ونساء وإصابة آخرين، مع محاولات التقدم من قبل الفصائل بغطاء تركي على محاور تل تمر ومنبج، إلا أن القوات العسكرية في تلك المناطق تصدت لكل المحاولات، وسط انتقاد محلي للدور الروسي الذي ينتهج الصمت حيال ما يوصف “بالانتهاكات التركية لوقف إطلاق النار”.
لا حلول سياسية لطالما أن السوريون غير متفقين
ولطالما أن الحل السياسي في سوريا بعيد والسوريون أعطوا مفاتيحه لأطراف خارجية، فإن العسكرة ستبقى طاغية على المشهد الميداني في المناطق السورية، بحسب محللين ومتابعين للشأن السوري، وكون أيضاً المجتمع الدولي يتجاهل حل الملف السوري فإن استفراد بعض الدول الإقليمية وغيرها بهذا الملف يدفع ثمنه المواطن السوري فقط، وسط مخاوف من تصاعد العنف بشكل أكبر في الفترة المقبلة.
إعداد: علي إبراهيم