أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تعيش مناطق سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها حالة فلتان أمني كبيرة وفوضى انتشار السلاح، واقتتالات عديدة بين الفصائل المتناحرة أصلاً، وهو ما تسبب بحالة استياء وغضب شعبي واسع، كون حالة الفلتان الأمني هذه تؤدي إلى وقوع خسائر بشرية بين المدنيين وأضرار مادية في ممتلكاتهم، وسط قبضة أمنية تمارسها الفصائل ضد كل من ينتقد الأوضاع والسياسة المتبعة والواقع المعاش.
الاستياء الشعبي يزداد ضد “الهيئة” و الفصائل
إضافة إلى ذلك كله، زادت سيطرة “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” إما عبر عناصرها أو فصائل مسلحة عاملة معها، من هذه الأوضاع سوءاً، عبر ممارسات وانتهاكات من خلال الاعتقالات والتحكم الاقتصادي بالأسواق وخاصة تجارة المحروقات، مما زاد الغضب الشعبي ضد الهيئة والفصائل على حد سواء.
وخلال الفترات الماضية خرجت احتجاجات شعبية عارمة في مناطق سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها، احتجاجاً على الواقع الأمني والاقتصادي والخدمي المتردي، إضافة إلى احتجاجات تم تنظيمها ضد “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” وسياساتها في تلك المناطق.
“تحكم أطراف الصراع بقوت المواطنين تزيد من الأزمة الاقتصادية”
وهناك أطراف محسوبة على الجهات الحاكمة في الأراضي السورية، هي من تتحكم بقوت المواطنين ولقمة عيشهم من خلال السيطرة على المعابر والتجارة والمحروقات والمواد الأساسية ورفع اسعارها حسب ما يعود بالفائدة عليهم، في ظل عدم قدرة المواطنين السوريين من مواكبة ارتفاع الأسعار وجشع تجار الحرب هؤلاء، بسبب تدني الأجور والرواتب والأزمة الاقتصادية المعاشة.
وفيما يخص مناطق سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة، شهدت مدينة الباب شرق حلب، احتجاجات شعبية نظمها تجار المحروقات وأصحاب محطات الوقود، وذلك بعد منعهم من قبل “هيئة تحرير الشام” من دخول منطقة “حراقات ترحين” التي سيطرت عليها الهيئة خلال عملية التوسع الأخيرة، على حساب فصائل “الجيش الوطني”.
تحرير الشام تحتكر قطاع المحروقات بمناطق سيطرة الفصائل
وباتت “تحرير الشام” تتحكم في سوق المحروقات في مناطق سيطرة القوات التركية و “الجيش الوطني” بريف حلب، وذلك عبر ما يعرف “بأحرار عولان” المقربين من الهيئة، وشخصيات أمنية واقتصادية أخرى، وهي التي تحتكر قطاع المحروقات في مناطق نفوذها بإدلب أيضاً، وتقوم برفع الأسعار وفق ما ترعى مصالحها دون أي مراعاة للأوضاع الاقتصادية للمدنيين والأزمة المعيشية والاقتصادية المعاشة، فيما تجني هذه الأطراف أرباحاً هائلة من تجارة بيع المحروقات هذه.
وقالت مصادر محلية، أن السبب وراء منع “تحرير الشام” لتجار المحروقات من دخول منطقة “حراقات ترحين” هي كون شركة “الأنوار” التابعة “للهيئة” تريد احتكار تجارة المحروقات لصالحها وأن يكون البيع عن طريقها فقط.
وسبق أن نفذ سائقو سيارات نقل المحروقات في مدينة الباب، أواخر شهر آب/أغسطس الماضي، إضراباً مفتوحاً عن العمل وأغلقوا عدداً من الطرق الرئيسية احتجاجاً على زيادة الضرائب من قبل شركة الأنوار التابعة لتحرير الشام.
“تحرير الشام تستعد لضرب الاحتجاجات”
وفيما يبدو أنها تحضيرات من قبل “تحرير الشام” لتصعيد الوضع في حال عدم إنهاء المحتجين تظاهراتهم، حيث وصلت فرق أمنية من قواتها إلى منطقة ترحين قادمين من ريف حلب الغربي، والتي تشرف عليها “أحرار عولان”.
وسبق أن سيطرت “تحرير الشام” على تجارة وسوق المحروقات بريف حلب خلال عملية توسعها في ريف حلب، تحت مرأى وأنظار القوات التركية التي وقفت صامتة أمام تقدم الهيئة وسيطرتها على مواقع فصائل “الجيش الوطني”، وبعدها قامت الهيئة بإنشاء جهة اقتصادية للسيطرة على المنطقة من خلال المحروقات باسم “شركة الأنوار” الشبيهة بشركة “وتد” في ريف إدلب.
“احتكار تحرير الشام لقطاع المحروقات رفع الأسعار لأضعاف”
ووفق مصادر إعلامية محلية، فإنه منذ بدء شركة “الأنوار” العمل في مناطق سيطرة فصائل “الجيش الوطني” ارتفع سعر البرميل الواحد 15 دولاراً أمريكياً، وذلك بعد فرض ضرائب وإتاوات من قبل الشركة تقدر بـ 3.5 دولارات للبرميل، قبل أن تخفضها إلى 2.5 على خلفية التظاهرات التي خرجت ضدها في مدينة الباب في وقت سابق.
وتضيف المصادر، بأن “تحرير الشام” أجبرت المحطات على شراء مادة المازوت من “سوق الحدث” شمال مدينة الباب، وذلك بهدف بدء رحلة الاحتكار ورفع الأسعار، التي بدورها أثرت على كافة جوانب الحياة وزادت الأسعار بشكل كبير.
كما حددت “تحرير الشام” للمحطات وتجار المازوت شركة حوالات مالية واحدة، للمعاملات المالية المتعلقة بدفع ثمن المازوت، المسماة “حوالات كديلة” وهي شركة افتتحت مركزاً في سوق الحدث وآخر في مدينة الباب.
ويطالب الأهالي بخفض سعر المحروقات خاصة مع الدخول في فصل الشتاء وتوفير المحروقات بأسعار تتوافق مع المستوى المعيشي والأزمة الاقتصادية التي تثقل كاهل الأهالي في تلك المناطق دون فرض أي رسوم مالية أو إتاوات أو ضرائب من قبل الفصائل أو المجالس أو الحكومات.
وفي سياق الاحتجاجات، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن نساء في قرية السحارة بريف حلب، خرجوا في تظاهرة مساء الثلاثاء، منتقدين خلالها “تحرير الشام” مع إضرام النار بصور “الجولاني”، وذلك في إطار استمرار التظاهرات النسائية ضد الهيئة منذ أشهر في ريفي إدلب وحلب ضمن مناطق سيطرة “الهيئة”.
وذكر المرصد أنه خلال الأسابيع الماضي، خرجت مظاهرات في كل من مخيمات ريف حلب الجنوبي كفرة – ترمانين – الأتارب – إعزاز – صوران – الباب – السحارة بريف حلب، مخيمات تجمع الكرامة – مخيمات أطمة الغربية – مخيمات دير حسان – أطمة المدينة – كللي بريف إدلب، تطالب بالإفراج عن المعتقلين والتنديد بممارسات “تحرير الشام” من اعتقالات تعسفية وانتهاك لحرمات المنازل وترويع الآمنين.
إعداد: علي إبراهيم