أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد اجتماعات وقمم كثيرة وعديدة، اتفق وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة، يوم الاحد، الـ7 من أيار/مايو الجاري، على اعادة سوريا للجامعة العربية، وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة، والتشديد على الحل السياسي المتكامل للصراع القائم على السلطة في سوريا منذ ما يزيد عن 11 عاماً.
عودة كان لها ترحيب كبير من قبل الدول العربية، وقبولها من الداخل السوري من قبل الجهات المعارضة، بينما اعتبرتها جهات أخرى معارضة ولكنها مقربة من تركيا بأنها “قتل للعملية السياسية”.
الأطراف التي رحبت بعودة دمشق للجامعة العربية
ورحبت روسيا والعراق وإيران بقرار عودة سوريا للجامعة العربية، وذلك بإصدار بيانات شددوا من خلالها على أن الدور العربي في سوريا مهم لحل الأزمة وإعادة سوريا لمحيطها ما سيسفر عن حل للصراعات والأزمات في المنطقة.
وفي سياق الترحيب، كان لأطراف داخلية سورية الموقف ذاته، حيث أعربت شخصيات سياسية تعرف بالـ “القوى الوطنية الديمقراطية السورية المعارضة” عن ترحيبها بقرار وزراء خارجية العرب، مشيرين إلى أن هذا القرار يعني عودة الدور الريادي العربي في سوريا بما يحفظ سيادة البلاد ووحدتها ويلبي تطلعات السوريين، مشددين على وجوب أن تكون الحلول السياسية مرتبطة بالقرار الأممي 2254.
تحذيرات من محاولة “المتشددين” بعرقلة الجهود لحل الأزمة
وحذرت هذه الأطراف “من محاولات المتشددين من كل الأطراف السورية بالعمل على عرقلة تنفيذ الخطوات المطلوبة، بما فيها التي تضمنها البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب، للوصول إلى حل شامل ونهائي للأزمة”.
وتضم “القوى الوطنية الديمقراطية السورية المعارضة” شخصيات سورية معروفة كـ الأمين العام “لحزب الإرادة الشعبية” قدري جميل، والنائب السابق لرئيس “هيئة التفاوض” خالد المحاميد، و رئيس حركة التجديد الوطني عبيدة نحاس.
مسد يرحب بعودة دمشق “يجب أن تراعي مأساة السوريين وحل سياسي متكامل“
كما حازت عودة دمشق للجامعة العربية على ترحيب من مجلس سوريا الديمقراطية “مسد”، الذي قال في بيان له أنه لطالما كان يدعو لدور عربي ريادي في الملف السوري، بما ينسجم ويتكامل مع الجهود الأممية.
وقال مسد أن معظم الجهود التي بذلت لحل الأزمة فشلت لأنها لم تراعي مصالح الشعب السوري، وهذا بدوره أدى لرفض دمشق للأفكار التي من شأنها التأسيس لحوار وطني يفضي لتغيير ديمقراطي، وشدد أنه “بدون القضية الديمقراطية لن تتمكن سوريا من استعادة عافيتها وإعادة هيكلية مؤسساتها الوطنية”.
وأشار مسد إلى أن اجتماعات الدول العربية التي هي محل ترجيب، يجب أن تراعي مأساة السوريين وضرورة إنهاءها وفق حل سياسي شامل، مؤكداً على وجوب مشاركة كافة الأطراف الوطنية الفاعلة بالعملية السياسية دون إقصاء.
ودعا مسد المعارضة الوطنية الديمقراطية، للعمل لتوحيد جهودها لعقد مؤتمر وطني للمعارضة يمثل بداية جديدة ومختلفة قائمة على المصلحة الوطنية بعيداً عن التجاذبات والمصالح الإقليمية، مبدياً استعداداه للتعاون ودعم العملية السياسية على أن تتمثل فيها الأطراف الوطنية بما يحقق مصالح وتطلعات السوريين بدولة ديمقراطية مستقرة وآمنة.
“تنديد أمريكي خجول”.. والمعارضة المقربة من أنقرة “العرب قتلوا العملية السياسية“
أما المعارضين لقرار عودة سوريا للجامعة العربية، اعتبروا أن الأسباب التي أدت لتعليق عضوية دمشق لم تزل بعد، حيث قالت الولايات المتحدة الأمريكية أن سوريا لا تستحق العودة للجامعة العربية، وشككت برغبة بشار الأسد في حل الأزمة.
ليس ذلك فحسب بل أعلن البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن، قرر تمديد العقوبات ضد سوريا لعام آخر.
وفي بيان له، قال البيت الأبيض، إن “تصرفات النظام السوري تشكل تهديداً للأمن القومي والسياسة الخارجية والاقتصاد للولايات المتحدة. ولهذا السبب؛ فإن حالة الطوارئ والإجراءات المتخذة يجب أن تكون سارية المفعول بعد 11 أيار 2023”.
ونقل عن بايدن “لذلك، أمدد حالة الطوارئ المعلنة لمدة عام على خلفية إجراءات الحكومة السورية”.
وأضاف “أن الولايات المتحدة تدعو السلطات السورية وداعميها إلى وقف الحرب الوحشية ضد شعبها، ووقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع السوريين المحتاجين، وبحث التسوية السياسية في سوريا”.
وأضاف “ستنظر الولايات المتحدة في التغييرات في سياسات وإجراءات الحكومة السورية لتحديد ما إذا كانت ستستمر أو تنهي حالة الطوارئ الوطنية هذه في المستقبل”.
الموقف الأمريكي ورغم أنه جاء ليناً بعض الشيء، إلا أنه رسالة للعرب بتوخي الحذر وعم التسرع باستعادة العلاقات مع دمشق، وإلا فإنهم سيتعرضون للعقوبات.
“للعرب مصلحة بعودة العلاقات مع سوريا أكثر من قطعها“
وتقول أوساط سياسية أن مصلحة العرب في إعادة العلاقات مع دمشق باتت أكبر من قطعها، حيث أن دمشق استعادت معظم أراضي الدولة من قوى المعارضة، والدول الجارة لسوريا التي تستقبل السوريين كلاجئين راغبة بالعمل مع دمشق لإعادتهم، فيما ترغب الدول الأخرى بوقف التجارة غير المشروعة للمخدرات الذي يهرب عبر الأراضي السورية إلى الدول المجاورة، حيث تتهم دمشق برعايتها للتخفيف من حدة العقوبات والحصار.
إضافة لذلك عزلة سوريا أدت لوقوعها في شباك إيران وروسيا، اللتان استحوذتا على ثروات وموارد البلاد في وقت يكافح السوريون لتأمين لقمة عيشهم، كما أسفرت التدخلات الخارجية لزيادة أعداد المتطرفين والإرهابيين في البلاد وهو ما يشكل خطراً على الأمن القومي العربي، ولعل عودة الدور العربي يحل كل هذه المعضلات ويفتح الباب أمام حلول سياسية تنهي الأزمة وتعيد سوريا لمكانتها، وبالطبع فإن ذلك لم يكن ليحصل لولا “الضوء الأخضر الأمريكي”.
إعداد: علي إبراهيم