أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – كثيراً ما تم التأكيد على أن ما حصل في ريف محافظة دير الزور، ضمن مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” و “مجلس دير الزور العسكري” التابع لقوات سوريا الديمقراطية هو “مخطط” تم التعاون بين أطراف عدة لتنفيذه، وذلك للوصول إلى الهدف وهو “إخراج قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي من هذه المناطق”.
أهداف عدة لما جرى في ريف دير الزور
ما حصل في ريف محافظة دير الزور تزامن مع تقارير إعلامية ومعلومات حول نية التحالف الدولي السيطرة على بعض مناطق ضمن سيطرة قوات الحكومة السورية والقوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها، ولك بهدف إغلاق معبر القائم الحدودي بين سوريا والعراق والذي يعتبر خط إمداد حيوي بري للقوات الإيرانية والمجموعات المسلحة التابعة لها.
وما جرى في ريف دير الزور الشرقي “شرق الفرات” من أهدافه، عرقلة أي عملية عسكرية أمريكية محتملة أو توقيفها بشكل مؤقت، واعتمد الإيرانيون في ذلك على بعض شيوخ العشائر الموالين لها وللحكومة السورية، الذين عملوا على تأجيج العشائر الأخرى في مناطق سيطرة قسد لقتالها، وفتح الباب أمام دخول الإيرانيين وقوات الحكومة لهذه المناطق وبعد ذلك طرد التحالف أيضاً.
دور “الشيخ إبراهيم الهفل”
الشيخ إبراهيم الهفل تردد اسمه كثيراً خلال الفترة الماضية، وهو من وجهاء قبيلة العكيدات العربية، الذي قاد العمليات المسلحة ضد قوات سوريا الديمقراطية وقدم السلاح وكل التعزيزات الضرورية للبدء بتنفيذ خطة السيطرة على قرى ريف دير الزور الشرقي وإخراج قسد والتحالف منها، وفق تقارير إعلامية نشرتها وسائل إعلام كردية.
وأكدت المصادر ذاتها أن الهفل هو من عمل على “تأجيج الفتنة” بين العشائر وقوات سوريا الديمقراطية، وشددت على أن قسد لن تعفو عن الهفل مهما كان الثمن، كونه أراق الدماء بدعوته للقتال وتخريب الممتلكات العامة والخاصة والمؤسسات الخدمية ونهبها، وتعريض أمن وأمان المنطقة والسكان للخطر.
ومع انتهاء العمليات العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية في ريف دير الزور ضمن حملتها المسماة “تعزيز الأمن”، أكدت مصادر إعلامية مقربة من قسد، أن الهفل فر إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، بعد استعادة السيطرة على بلدة ذيبان.
ونقلت مواقع إخبارية وتقارير إعلامية عدة عن الهفل قوله أن الحرب لم تنتهي بعد مع قسد، وأنهم سيواصلون القتال.
دمشق وطهران تحاولان التملص من مسؤولية ما جرى في ريف دير الزور
كما نشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة عدة للهفل حينما وصل إلى الضفة الأخرى من نهر الفرات، والتي تسيطر عليها قوات الحكومة السورية وإيران، وسط وعود باستمرار ما أسموها “الحرب على قسد”.
ومع فشل هذا المخطط متعدد الأطراف (الحكومة السورية وإيران وتركيا)، بدأت دمشق محاولة التملص من مسؤولية دعمها للهفل، وتصوير أن ما جرى هو “رد فعل عفوي” من جانب العشائر ضد قسد، بسبب قلة الخدمات.
“الهفل سيتم إخراجه من مناطق سيطرة دمشق” و “مخاوف من ردة فعل التحالف”
وفي هذا السياق، أكدت مصادر مقربة من قبيلة العكيدات لشبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية، إن الشيخ ابراهيم الهفل لايزال موجوداً في مناطق سيطرة الحكومة السورية، دون توضيح المنطقة بدقة، وأشارت المصادر إلى أن هناك محاولة من قبل دمشق لإبعاد تهمة دعم الهفل عن نفسها من خلال إرساله إلى خارج سوريا أو مناطق أخرى لا تخضع لسيطرة دمشق، قد تكون مناطق سيطرة الأتراك، وذلك بهدف إظهار الحكومة للرأي العام عدم تدخلها إلى جانب الهفل فيما فعله من قيادة العمليات المسلحة ضد قسد في ريف دير الزور.
وشددت المصادر على أن الحكومة السورية وإيران اتفقتا على ذلك لإبعاد شبهات محاولة إشعال الفتنة بين العشائر وقوات سوريا الديمقراطية عن نفسها.
ولفتت المصادر إلى أن إخراج الهفل من مناطق سيطرة دمشق إلى مناطق أخرى وتصوير ما جرى على أنه مجرد “رد فعل عفوي”، الهدف منه إظهار دمشق على أنها بريئة من الأحداث التي شهدتها محافظة دير الزور.
“الخطة تقضي بتبرأة الهفل لدمشق من دعم الحراك المسلح”
وأكدت المصادر أيضاً أن الهفل بدوره سيبرئ دمشق من التهمة، وسيعلن أنه لم يلجأ إلى غرب الفرات على الإطلاق، وأنه لم يحصل على أي مساعدات أو دعم من دمشق وأنه سيواصل العمل لإخراج قسد من المنطقة ومحاولة تأجيج العشائر لقتال قسد من جديد، وأن كل ما حصل هو مجرد “رد فعل عفوي من جانب العشائر ضد قسد”، بحسب ما أكدت المصادر المقربة من قبيلة العكيدات لشبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية.
الأحداث في دير الزور كان يراد تحولها لصراع طائفي
وكان لافتاً طريقة تعاطي مسؤولي الحكومة السورية ووسائل إعلامية تابعة لدمشق مع الأحداث في ريف دير الزور ومحاولة صب الزيت على النار، وتأجيج العشائر أكثر عبر خطاب طائفي عنصري واضح وصريح.
وحتى مع إعلان قسد انتهاء العمليات العسكرية الأساسية في ريف دير الزور بعد استعادة السيطرة على 5 مناطق شهدت أعمال عنف واشتباكات من أصل 125، لاتزال هناك بعض الأصوات تطالب بالحرب وتصر على الفتن وإشعال الصراعات الطائفية، بدلاً من الحوار والتفاهم، وهي اللغة نفسها التي أوصلت البلاد إلى ما تعيشه اليوم من دمار وخراب واقتصاد منهار.
يشار إلى أن قوات سوريا الديمقراطية أعلنت في وقت سابق أنه بناءً على مطالب من وجهاء وشيوخ العشائر في ريف دير الزور والرقة فإنهم يعملون على إصدار عفو عام عن كل من حمل السلاح في ريف دير الزور، فيما أن الهفل لن يتم مسامحته، بينما عاد قائد قسد ليؤكد أن هناك مساعي عشائرية للعفو عن الهفل أيضاً.
إعداد: علي إبراهيم