أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تعيش المناطق الشمالية والشرقية من سوريا حالة تصعيد عسكري عنيف وغير مسبوق، تتداخل فيه جيوش دول عدة، ما ينذر بأن البلاد باتت على أبواب مرحلة عنف جديدة، بعد هدوء نسبي دام تقريباً لـ 3 سنوات، وسط الحديث عن حروب مفتوحة ستفاقم معاناة السوريين وتبعد الحلول السياسية عن البلاد لفترات قادمة.
تصعيد أمريكي إيراني.. وتهديدات من واشنطن بإجراءات أكثر حزماً
وتشهد المناطق الشرقية في سوريا، حالة تصعيد عسكري غير مسبوق بين القوات الأمريكية من جهة، و “الحرس الثوري الإيراني” والمجموعات المسلحة الموالية له من جهة أخرى، وسط قصف متبادل بين الطرفين، وتحذيرات من أن تتطور هذه المناوشات إلى حرب مفتوحة تمتد نيرانها لخارج الأراضي السورية.
وخلال الساعات الـ 48 الماضية، استهدف الجيش الأمريكي من خلال عمليات قصف برية وجوية مواقع عسكرية إيرانية شرق سوريا، حيث عاود طيران التحالف المروحي استهداف مواقع تابعة للقوات الإيرانية بالقرب من مناطق الكورنيش والتنمية الريفية ودوار الطيبة بمدينة الميادين شرق دير الزور، وذلك بعد جولات قصف بالمسيرات والطائرات المروحية طالت مواقع إيرانية عدة على أطراف الميادين وغيرها من المناطق.
يأتي ذلك وسط قصف للقوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها لأكثر من مرة منطقة، حيث طال الاستهداف محيط حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي، الذي يضم قاعدة عسكرية للتحالف وهي أكبر قواعدها ضمن الأراضي السورية، إضافة لقاعدة كونيكو.
بايدن يهدد: سنتخذ إجراءات حازمة ضد التهديدات
وكانت القيادة المركزية الأمريكية أعلنت أنها وجهت ضربات جوية ضد مجموعات مسلحة تابعة لإيران رداً على استهداف لقواعد أمريكية في سوريا، وأشارت إلى أن هذه الغارات أسفرت عن تدمير مراكز للقوات الإيرانية ومقتل عناصر ومسلحين لها.
كذلك علق الرئيس الأمريكي جو بايدن على هذه الغارات وقال في مؤتمر صحفي أمام البيت الأبيض، أن القوات الأمريكية استهدفت مواقع إيرانية ولمجموعات مسلحة تابعة لها في سوريا، وأشار إلى أن هذه العمليات هي “لحماية الأمريكيين في الداخل والخارج”، وشدد الرئيس الأمريكي على أن بلاده ستتخذ المزيد من الإجراءات الحازمة ضد هذه التهديدات.
هجوم إسرائيلي هو الأعنف في 2022
وليس الولايات المتحدة فقط من استهدفت المواقع الإيرانية خلال الساعات الماضية، حيث دخلت إسرائيل أيضاً على الخط، عبر شنها هجوماً على مواقع ومستودعات ذخيرة وأسلحة إيرانية بريف محافظة حماة.
وطال قصف إسرائيلي مواقع ومستودعات ذخيرة إيرانية عند مغيب شمس، يوم الخميس، وطال منطقة البحوث العلمية ومنطقة السويدة جنوب شرق مصياف ومنطقة الجليمة حيث تتواجد مقرات عسكرية إيرانية.
بدوره كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنه بعد 4 ساعات من القصف الإسرائيلي لا تزال أصوات الانفجارات تسمع بشكل ملحوظ بين الحين والآخر، من مستودعات للذخيرة والسلاح للقوات الإيرانية، وسط معلومات مؤكدة عن خسائر بشرية أيضاً، وذكر المرصد أن الاستهداف الـ 21 للقوات الإسرائيلية لمواقع إيرانية خلال 2022، هو الأعنف نظراً لكمية الانفجارات.
تصعيد عسكري مستمر.. وحديث تركي متواصل عن “30 كم”
وبعيداً عن الصراع الأمريكي الإسرائيلي مع الإيرانيين في سوريا، لاتزال تعيش المناطق الشمالية من البلاد تصعيداً عسكرياً تركياً ولو أن حدته انخفضت خلال الأيام الماضية، إلا أن عمليات القصف مستمرة من القوات التركية على مناطق متفرقة من أرياف الحسكة والرقة وحلب.
تزامن ذلك مع حديث جديد للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن عزم بلاده تنفذ العملية العسكرية في شمال سوريا وتأمين حدودهم الجنوبية لـ 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، مشيراً إلى أن “نضالهم سيتواصل” حتى تحقيق هذه الأهداف.
وهذه المرة الثانية التي تتحدث تركيا عن عمليتها العسكرية في سوريا بعد الحديث عن تقارب بين حكومتي أنقرة ودمشق بدفع روسي، وسط تساؤلات حيال توقيت التهديدات التركية الجديدة، أهي رد على شروط دمشق للموافقة على التطبيع، أم أنها تصريحات متفق عليها بين أنقرة ودمشق وموسكو للحرب ضد قوات سوريا الديمقراطية، خاصة مع ترويج روسي “لاتفاقية أضنة الأمنية” التي تعطي لتركيا الحق بالتوغل لـ5 كيلومترات داخل سوريا بهدف “مكافحة الإرهاب”، وامكانية تعديلها وفق ما يتفق البلدين.
وترى أوساط سياسية أن ما تعيشه سوريا بكل مناطقها سواءً الشمال والغرب والشرق والجنوب من تصعيد عسكري وأمني وسياسي، هو نتاج ما تم الاتفاق عليه بين الأطراف الرئيسية المتدخلة في الأزمة السورية خلال قمتي طهران وسوتشي، وهو ما يعني بحسب آرائهم، أن سوريا مقبلة على مرحلة جديدة من العنف بعد هدوء نسبي دام لسنوات.
إعداد: علي إبراهيم