دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

مؤشرات على تحرك تركي عسكري ضد “هيئة تحرير الشام” في إدلب إن رفضت الاندماج مع فصائل المعارضة

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تدل مؤشرات الانعطافة التركية الجديدة في ملف إدلب، وتصريحات ضامني “آستانا” التي أعقبت القمة الثلاثية في أنقرة قبل أيام، فضلاً عن الضغوطات التي تُمارس على “هيئة تحرير الشام”، عن تحرك تركي وشيك (سلماً أو حرباً) لحل معضلة الهيئة؛ كجزء من مخرجات سوتشي، يدعم ذلك وقف إطلاق النار الأخير الذي بادرت إليه موسكو كفرصة أخيرة لأنقرة لتفكيك التنظيمات المصنفة إرهابية في إدلب.

أنقرة أبلغت المعارضة بالاستعداد لترتيبات سياسية وعسكرية وشيكة في إدلب

تواردت أنباء من مصادر متقاطعة، عن ضغوطات كبيرة تتعرض لها “هيئة تحرير الشام”، للقبول بالعرض التركي بحل نفسها والاندماج ضمن فصائل المعارضة الأخرى “الجيش الوطني” المدعوم تركيا، أو مواجهة تحرك عسكري وشيك.
وسط معلومات من مصادر معارضة أن أنقرة أبلغت شخصيات في الائتلاف الوطني السوري، والحكومة السورية المؤقتة، أن هناك ترتيبات سياسية وعسكرية وشيكة تخصّ محافظة إدلب وعليهم الاستعداد لهذه المرحلة.
التسارع التركي الأخير في التعامل مع معضلة هيئة تحرير الشام في إدلب، جاء عقب قمة أنقرة الثلاثية بين ضامني آستانا (روسيا، تركيا وإيران) في 16 من الشهر الجاري، والذي سبقه وقف لإطلاق النار بمبادرة روسية، مطلع الشهر الجاري، بعد التقدم السريع للقوات الحكومية جنوب إدلب وسيطرتها على مدن استراتيجية؛ الأمر الذي اعتبرته أوساط سياسية إشارة من موسكو لأنقرة بفرصة أخيرة لحل معضلة الهيئة.
وتقول مصادر معارضة أن مفاوضات جرت بين هيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية للتحرير، بوساطة من فيلق الشام لتسليم المناطق للحكومة السورية المؤقتة المدعومة تركياً، لتجنيب إدلب حرباً شاملة قد تشنها القوات الحكومية مدعومة روسياً.

الخطوة التركية المحتملة تلقى مباركة روسية للتفرغ لملفات أخرى ذات أولوية

ويقول مراقبون إنه ليس أمام تركيا؛ في حال رفضت الهيئة عرضها بالاندماج، إلا التحرك عسكرياً ضدها بمباركة روسية، لتبقى إدلب منطقة نفوذ كاملة لأنقرة؛ التي يسهل التعامل معها من قبل موسكو لتنفيذ بنود اتفاق “خفض التصعيد” والتفرغ لملفات أخرى أخذت أولوياتهما مع إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سحب قوات بلاده من سوريا أواخر العام الماضي، وفيما بعد اتفاق “المنطقة الآمنة” في شمال شرق سوريا بين واشنطن وأنقرة.
إلا أن المعضلة التي تواجه قضية تفكيك الهيئة ودمجها مع فصائل المعارضة تحت العباءة التركية، تكمن في العناصر الأجنبية داخل صفوف الهيئة والتي تقدر التقارير عددهم بالآلاف، يدعم هذه الرؤية الانشقاقات والخلافات داخلها، وآخرها كان انشقاق أحد أبرز قادتها “عبد المعين كحال” الملقب بـ “أبو العبد أشداء” على إثر خلافات مع من وصفهم عناصر متشددة داخل الهيئة.

خبراء: لتركيا تجربة في التعامل مع التنظيمات المصنفة إرهابياً وإعادة دمج عناصرها مع فصائل المعارضة

فيما يرى خبراء أن لتركيا تجربة في التعامل مع التنظيمات المتشددة في سوريا، وإعادة دمج عناصرها بين صفوف الفصائل المعارضة أو إنشاء فصائل جديدة بمسميات أخرى مع ترك بوصلة تحركاتهم بيدها؛ كما سبق أن فعلت مع عناصر تنظيم “داعش” في الباب وجرابلس شمال حلب.
وكانت تركيا صنفت هيئة تحرير الشام “منظمة إرهابية” قبل نحو عام، بعد انتقادات دولية لاذعة لها، بل واتهامات من قبل روسيا والحكومة السورية لأنقرة بدعمها وحمايتها.
ويبدو أن التعامل الجديد لأنقرة مع قضية هيئة تحرير الشام، سيأخذ طابعاً أكثر حزماً وربما عسكرياً؛ وإن كان في حدودٍ متفق عليها للإسراع في إغلاق هذا الملف.
وتشير التصريحات التركية الأخيرة، مضافاً إليها ما ورد على لسان مصادر قيادية من المعارضة، بقرب الاتجاه بهذا المنحى.

مسؤولون أتراك لا يستبعدون تكرار سيناريو عفرين في إدلب

وبصدد ذلك قال ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي أن بلاده لا تستطيع أن تحافظ على منطقة إدلب بوجود هيئة تحرير الشام، مضيفاً أن الجيش التركي والمؤسسات التركية تراقب الوضع في إدلب عن كثب. وتوجه أقطاي بكلامه لعناصر “هيئة تحرير الشام” قائلا: من يريد أن يجاهد فليذهب إلى حمص أو دمشق أو الرقة وغيرها من المناطق، لا أن يتحصن في إدلب. مشيراً أنه من الوارد تكرار سيناريو عفرين فيها، مؤكداً أن أنقرة لن تتخلى عن نقاط المراقبة التركية هناك أبداً.
تأكيد آخر للمنحى الجديد الذي تسير فيه أنقرة جاء من قيادات في صفوف المعارضة، حيث أشار، مصطفى السيجري، رئيس المكتب السياسي للواء المعتصم؛ أحد ألوية “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، إلى اتفاق جديد بشأن إدلب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، خلال قمة أنقرة الأخيرة، وأحد أبرز بنوده: إبعاد الشخصيات المصنفة على لوائح الإرهاب الدولية ودخول الحكومة السورية المؤقتة التي تدعمها تركيا إلى المنطقة وحل “حكومة الإنقاذ” المشكلة من قبل هيئة تحرير الشام.
وتدرس هيئة تحرير الشام منذ أشهر عرضاً تركياً، بحلها واندماجها ضمن الفصائل المعارضة الأخرى، أو إمكانية بروز فصيل جديد قد يكون المنحلون منها جزءاً منه.
مع مؤشراتٍ توحي بأن موسكو ستتفق مع حل من هذا القبيل لعدم خسارة التفاهمات بينها وبين أنقرة حول سوريا وانهيار مسارَي آستانا وسوتشي اللذين تعوّل عليهما روسيا لإنهاء “الأزمة السورية” وفقاً لرؤيتها.

أوساط معارضة تخشى اكتفاء أنقرة بالشريط الحدودي وترك باقي المناطق عرضة لهجوم القوات الأجنبية

في حين لا تخفي بعض أوساط المعارضة من السيناريو الأسوأ المتمثل باكتفاء تركيا بالسيطرة على عمق محدد من إدلب على الشريط الحدودي، وتبقى باقي المناطق عرضة لهجوم واسع من قبل القوات الحكومية تنفيذاً لاتفاق سوتشي.
ويبقى السؤال: ماهو مصير العناصر الأجنبية داخل صفوف “هيئة تحرير الشام” حتى وإن نجحت تركيا في تعويم السوريين منهم؟

إعداد: سمير الحمصي