أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – رافق صمت دولي وأممي ولمنظمات حقوق الإنسان، القصف الممنهج للقوات التركية على البنى التحتية والمنشآت الحيوية ضمن الأراضي السورية الشمالية الشرقية، والتي يدعو القانون الدولي إلى الابتعاد عن إصابتها بأي ضرر، وذلك بحجة إنها قواعد عسكرية لقوات سوريا الديمقراطية ومن بينها “وحدات حماية الشعب”، وذلك خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر الفائت.
“عملية جوية تركية دمرت البنى التحتية”
وفي الأسبوع الأول من الشهر الماضي، أعلنت القوات التركية عن عملية عسكرية جوية ضد البنى التحتية في شمال وشرق سوريا، حيث قالها وزير الخارجية التركي صراحة، إنهم سيستهدفون مصادر قوة قسد ووحدات حماية الشعب من البنى التحتية وآبار النفط وغيرها من المرافق الحيوية، وكأن هذه المنشآت هي ملك لتلك الأطراف وليس لكامل الشعب السوري.
ودمرت 50 طائرة حربية ومسيرة تركية دخلت المجال الجوي، تحت مرأى ومسمع من الأطراف الضامنة لوقف إطلاق النار في المنطقة “روسيا والولايات المتحدة” واستهدفت مئات المواقع، من منشآت حيوية ومرافق عامة وخدمية أسفرت عن تدمير 80 بالمئة من البنى التحتية التي يعتمد عليها أكثر من 5 ملايين نسمة.
“القصف لم يستثني المدنيين”
وبعد نحو شهر من نهاية العملية العسكرية، سلط تقرير لمنظمة “هيومن رايس ووتش” الضوء على عمليات الاستهداف الممنهج للقوات التركية على شمال شرقي سوريا، أو ما تعرف “بمناطق الإدارة الذاتية” وذلك في الفترة ما بين الـ5 من تشرين الأول/أكتوبر والـ10 من الشهر نفسه.
ولفت تقرير المنظمة الدولية إلى أن العملية العسكرية الجوية التركية استهدفت عمال المياومة في إحدى حقول القطن في قرية البشيرية بريف الحسكة، ونقلت المنظمة عن ركزة صالح فواز (50 عاماً) وهي إحدى المصابات قولها “حوالي الساعة 10 صباحا، ضرب شيء ما رأسي. سمعت فرح (ابنتها) تصرخ أنها فقدت رِجلها حاولت الوصول إليها، لكني وقعت أرضاً”.
“عمليات استهداف طالت مناطق خالية من التواجد العسكري”
وأكدت المنظمة الدولية أن مكان الاستهداف لم يكن فيه أي وجود عسكري أو نقطة أمنية، وهي منطقة مدنية تم استهدافها كان يعمل فيها عمال مياومة الذين يحاولون تدبير قوتهم اليومي. هذا بحد ذاته ينفي ادعاءات تركيا بأن العملية العسكرية التي شنتها استهدفت مواقع عسكرية وأمنية لقسد.
وأضاف التقرير، “ركزة وفرح هما من الضحايا الكثر للقصف الجوي التركي في شمال شرق سوريا”، وأوضحت أن غارات المسيّرات التركية قتلت ما لا يقل عن 11 مدنيا الأقل، وأصابت آخرين.
وفي إحصائية للإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، قالت إن أكثر من 40 شخصاً فقدوا حياتهم بينهم 29 من قوى الأمن الداخلي لمكافحة المخدرات، وإصابة أكثر من 55 آخرين جراء الهجمات الجوية التركية.
“أطفال باتوا معاقين نتيجة القصف التركي”
أما تقرير “رايس ووتش” أضاف، إنه تم توثيق أن الطفلة فرح أصبحت بعد الاستهداف التركي من ذوي الإعاقات، وهي كغيرها من الأطفال الذين لا يمكنهم الحصول على الضروريات الأساسية، أو التعليم، أو الأجهزة المساعِدة، ومنها الأطراف الاصطناعية، أو الدعم النفسي-الاجتماعي ”
وعملت ركزة وفرح بأجر يومي خلال السنوات الأخيرة لإعالة الأسرة، ودعم زوج ركزة الذي لديه إعاقة ذهنية، وفق المنظمة، فيما غادرت ركزة المستشفى منذ يومين، وتعيش حاليا عند أقاربها. ونظرا إلى إصابتيهما، لا تعرف هي وابنتها كيف ستتمكنان من تدبير قوتهما، ما يضعهم جميعاً في وضع هش.
“تركيا لم تتخذ تدابير للحؤول دون مقتل المدنيين”
وأكد التقرير الدولي، إن القوات التركية خلال العملية العسكرية الجوية تقاعست أكثر من مرة عن اتخاذ التدابير الوقائية الضرورية للحؤول دون مقتل المدنيين، بما في ذلك 3 غارات جوية شنتها طائرات حربية ومسيرة وثقتها المنظمة في كانون الثاني/يناير 2018، أسفرت عن مقتل 26 مدنياً بينهم 17 طفلاً في شمال شرقي سوريا.
وقالت المنظمة الدولية “بموجب القانون الإنساني الدولي، على الجيش التركي وجميع أطراف النزاع اتخاذ جميع التدابير الوقائية خلال العمليات العسكرية للحؤول دون وقوع خسائر في الأرواح أو إصابات بين المدنيين وأضرار بالممتلكات، أو تقليصها”.
“على تركيا إجراء تحقيق شامل حول استهداف المدنيين”
واختتمت المنظمة تقريرها بإن “المدنيون الذين تأذوا من العمليات العسكرية التركية، ومنهم ركزة وفرح، يستحقون نيل المحاسبة كما يستحق الأطفال ذوو الإعاقات الحماية والدعم، وعلى تركيا إجراء تحقيق شامل في الضربات التي قتلت وأصابت مدنيين، وتقديم الإنصاف المناسب، عند اللزوم، إلى الضحايا وأُسرهم. وعليها محاسبة المسؤولين عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي نتيجة هذه الغارات”.
وخلال السنوات الماضية، شنت القوات التركية العديد من العمليات العسكرية في مناطق شمال شرقي سوريا، حيث سيطرت على مدن عفرين ورأس العين (سري كانيه) و تل أبيض (كري سبي).
وخلال هذه العمليات العسكرية وردت تقارير دولية وأممية بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين من قبل الجيش التركي وفصائل المعارضة الموالية لها، ترقى بعضها لمستوى جرائم حرب، من خلال عمليات إعدام ميدانية والتنكيل بالجثث، إضافة إلى تقارير أثبتت تعرض مدنيين لقصف بالأسلحة المحرمة دولياً، منها إصابة الطفل الكردي محمد حميد في قصف رأس العين بقنابل الفسفور الأبيض والذي تعرض لحروق من الدرجة الرابعة بأكثر من 50 بالمئة من جسده، وغير ذلك الكثير من الانتهاكات.
إعداد: ربى نجار