أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لا ترغب تركيا بعودة سوريّة إلى الحضن والجامعة العربية، على الأقل في فترة التفاوض مع دمشق لإعادة العلاقات، حيث تدرك أنقرة جيداً أن عودة العلاقات العربية مع سوريا واستعادة مقعدها في الجامعة العربية سيقوي من موقف دمشق كثيراً خلال المباحثات، مما قد يزيد من سقف المطالب، خاصة وأن السعودية باتت هي من تقود هذه المساعي.
وتطالب دمشق من تركيا لإعادة العلاقات، الانسحاب العسكري الكامل من الأراضي السورية ووقف دعم “الجماعات الإرهابية” في إشارة إلى المعارضة التي تدعمها تركيا (السياسية والعسكرية)، إضافة إلى عدم تدخل أنقرة في الشؤون الداخلية السورية، وتصر دمشق على هذه المطالب، وسط عدم دعم ذلك من قبل الحليف الأقوى “روسيا”.
تركيا ترفض شروط دمشق للتفاوض
وقبل أيام، نقلت وسائل إعلامية تابعة للحكومة السورية عن مسؤولين أن دمشق لاتزال تصر على شروطها من التطبيع مع تركيا، لتقوم الأخيرة بالرد على هذه المواقف بأن أنقرة ترفض أي شروط مسبقة لعملية التفاوض.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، خلال مقابلة تلفزيونية، أن أنقرة لن تقبل بأي شروط مسبقة تؤدي لإجراء مفاوضات مباشرة مع القيادة السورية، بما في ذلك سحب قواتها العسكرية، وأشار إلى استمرار “الاتصالات مع سوريا”، ولفت إلى أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، وشدد على موقف بلاده بخصوص الشروط المسبقة، واعتبر أن الانسحاب التركي في هذا التوقيت سيضر بأمنهم القومي.
روسيا تقف لجانب تركيا.. “لا يجب أن تكون هناك شروط مسبقة”
موقف “الحليف الأقوى” لدمشق، روسيا، كان غير داعم لها في هذا الشأن، حيث قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن أي شروط مسبقة فيما يخص الاجتماع مع سوريا وتركيا وإيران ستكون غير ملائمة، ويجب أن لا تكون هناك شروط أولية. حيث اعتبر متابعون أن تصريح لافروف هي رسالة مباشرة لدمشق التي تصر على شروطها.
وأضاف الوزير الروسي أن الاستعدادات لعقد الاجتماع الرباعي بين وزراء خارجية سوريا وتركيا وروسيا وإيران تجري الآن، ولفت إلى أن الصلح لا يمكن أن يتم بلحظة واحدة، بل لابد من تعزيز الثقة وتوازن المصالح الشرعية للمشاركين.
تطبيع بدون شروط.. لماذا ؟
القلق التركي والروسي من تأخر عملية التطبيع قبل إجراء الانتخابات الرئاسية في تركيا الشهر المقبل، قد يؤثر على حظوظ الرئيس أردوغان بالفوز، حيث يواجه معارضة شرسة موالية للغرب، ومن هنا يمكن الفهم جيداً سبب الإصرار الروسي على أن إعادة العلاقات يجب أن لا تكون بشروط مسبقة، أي بقاء كل شيء في سوريا على حاله وعلى دمشق مصالحة الأتراك دون أي مطالب.
ولا تريد موسكو وأنقرة أن يكون هناك أي دور عربي لحل الأزمة السورية، على الأقل خلال مرحلة إعادة تطبيع العلاقات، حيث هناك مساعي عربية وخاصة من السعودية لإعادة دمشق للحاضنة والجامعة العربية، وسط رفض بعض الدول التي يمكن اعتبارها حليفة للتركي “كقطر و المغرب”.
العرب يؤكدون على الحل السياسي ووحدة الأراضي السورية
يتزامن ذلك مع انطلاق الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية دول “مجلس التعاون الخليجي” والذي سيناقش عودة سوريا للجامعة العربية، بينما ذكرت قطر (أحد الحلفاء العرب المقربين من تركيا)، أن عودة سوريا للجامعة العربية “مجرد تكهنات” معتبرة أن الحديث عن ذلك “لايزال مبكراً”.
وكانت السعودية ومصر أكدتا على ضرورة احترام السيادة السورية ووحدة أراضيها وسلامتها خلال استقبالهما لوزير الخارجية السوري فيصل المقداد، مع التأكيد على انسحاب القوات الأجنبية من البلاد ومكافحة الإرهاب وكل التشكيلات المسلحة التي تعمل خارج نطاق الدولة، وهو ما يثير قلق تركيا من ضغط عربي عليها للانسحاب قبل إعادة العلاقات مع دمشق.
مصر تحض تركيا على سحب قواتها.. والأردن يدفع بخطة لإنهاء الصراع
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري حض تركيا على سحب قواتها من سوريا، وذلك خلال لقاءه بنظيره التركي مولود تشاويش أوغلو، كما شدد الوزير المصري على أن الحل السياسي في سوريا يجب أن يضمن وحدة أراضيها ورفض تواجد القوات الأجنبية، وإعطاء القدرة للدولة السورية للسيطرة على كامل أراضي البلاد.
كذلك كشفت وكالة “رويترز” عن أن الأردن يدفع “بخطة سلام عربية مشتركة” يمكن أن تنهي العواقب المدمرة للازمة السورية، وكشف مسؤول أردني أن الخطة عرضت على الولايات المتحدة والغرب، وهي ستناقش خلال “اجتماع مجلس التعاون الخليجي”.
والخطة التي اقترحتها عمان تنص على “تشكيل مجموعة عربية تخاطب دمشق بشكل مباشر لإنهاء الصراع”، بهدف معالجة العواقب الإنسانية والأمنية والسياسية للصراع، وتناول كل القضايا الرئيسية، وعودة اللاجئين وإجراء مصالحة وطنية والكشف عن مصير المفقودين والمعتقلين، إضافة للحصول على دعم غربي لإزالة العقوبات وإعادة الإعمار، والقضاء على تجارة المخدرات وإعادة الاستقرار للبلاد.
ومنذ البداية ترى أوساط سياسية ومتابعة للازمة السورية أن عودة الدور العربي سيكون مهماً وضرورياً لإنهاء الصراع على السلطة وكبح التدخلات الخارجية واستفراد بعض الأطراف بالحلول السياسية التي توضع خدمة لأهدافهم فقط.
إعداد: ربى نجار