أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بدأت الاحتجاجات الشعبية في السويداء تأخذ بعداً دولياً بشكل أكبر، خاصة بعد استمرارها ودخولها للشهر الثاني، فيما تزداد المشاركة الشعبية، وسط مواصلة دعمها من قبل شريحة واسعة من السوريين بمختلف مناطق البلاد وباختلاف الانتماءات السياسية.
40 يوم على الحراك.. ومطالب الحل لاتزال مستمرة ضمن سوريا موحدة
وتخطت الاحتجاجات السلمية لأهالي السويداء يومها الـ40، حيث خرج المئات من الأهالي إلى ساحة الكرامة في قلب المدينة للتأكيد عن الاستمرار بمطالب الحل السياسي والتغيير الجذري في سوريا وفق القرارات الأممية ذات الصلة وخاصة 2254، كما حمل المحتجون لافتات تعبر عن مطالبهم في التغيير السلمي، و “إسقاط النظام”، و “الثورة مستمرة”، إضافة للمطالبة بدستور جديد يكون فوق الجميع.
كما دعا المحتجون في حراكهم السلمي، الذي أعطى الصورة الحقيقية للشعب السوري وثورته الذي خرج فيها في بدايات 2011، وتم تحريفها من قبل أطراف إقليمية ودولية وعربية وداخلية حتى، إلى “الحرية لجميع المعتقلين”، وسط الإشارة إلى أن سوريا “بلد الخيرات” ورفض أخذ المساعدات، مع التأكيد على رفض اتهامات السلطة في دمشق وموالوها لأهالي السويداء “بالانفصال” وإحداث كيانات على أساس مناطقي أو طائفي أو عرقي، مجددين التأكيد على هويتهم السورية الوطنية ومطالبهم التي يجب أن تنفذ ضمن سوريا موحدة لكل الشعب السوري.
الدعم الشعبي للحراك سبب في استمراره
إن أحد الأسباب التي أدت لاستمرار الحراك الشعبي في السويداء، هو التكاتف والمشاركة من قبل كل أطياف ومكونات المجتمع، حيث انضمت عشائر البدو في جنوب سوريا، إلى الاحتجاجات الشعبية ولليوم الخامس على التوالي، حيث وصف ذلك “بالتطور الملحوظ”، وقالت مصادر محلية لشبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية، الخميس، إن العشرات من الشبان من تجمع عشائر بدو الجنوب وصلوا إلى ساحة الكرامة وسط السويداء، وذلك للتضامن مع المحتجين والتأكيد على “الانتفاضة الشعبية”.
وأكدت المصادر التي تحدثت لشبكتنا، أن البدو رفعوا شعارات “الدروز والبدو يداً بيد” نحو سوريا ديمقراطية حرة تعددية، وأشارت المصادر إلى أن أهالي السويداء المشاركين في الاحتجاجات بساحة الكرامة رحبوا بشبان البدو عبر هتافات “واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد”.
ماذا يعني مشاركة بدو الجنوب في احتجاجات السويداء ؟
ولفتت المصادر إلى أن مشاركة البدو في الاحتجاجات الشعبية السلمية في السويداء هو رسالة ورد مباشر على السلطة في دمشق، التي سعت خلال الفترة الماضية إلى تأجيج الخلافات بين الدروز والبدو جنوب سوريا، وخلق صراعات بين الطرفين للتغطية على الحراك السلمي.
وتابعت المصادر أن مشاركة كل أطياف محافظة السويداء في الاحتجاجات الشعبية وفي يومها الـ40، دليل على أن الحراك لم يعد فقط لأبناء المدينة بل تعدى ذلك ليصبح لكافة السوريين ولا يعبر عن طائفة معينة ولا عن مكون معين، بل باتت تعبر عن مطالب كل السوريين التي خرجوا للنداء بها قبل 12 عاماً، وتم تحريفها من قبل أطراف عربية وإقليمية ودولية وحتى داخلية.
محاولات فاشلة من دمشق لاحتواء الحراك
وكانت الحكومة السورية حاولت خلال يوم الأربعاء، بمحاولة لاحتواء الاحتجاجات الشعبية في السويداء، عبر تكليف محافظ السويداء بسام بارسيك، بلقاء الرئيس الروسي للطائفة الدرزية الشيخ العقل حكمت الهجري في دارة بلدة قنوات بريف السويداء.
وسبق أن حاولت دمشق مرات عدة عبر شخصيات سياسية ومؤسساتية ورسمية لاحتواء احتجاجات السويداء، التي بدأت تأخذ طابعاً دولياً وإقليمياً أكبر بشكل يومي، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل، نظراً لشروطها التي وصفت بالتعجيزية والتي لاتتناسب مع مطالب الأهالي في المحافظة.
الشيخ الهجري يستقبل وفداً لحزب “اللواء السوري”
وفي سياق الدعم الشعبي للحراك السلمي في السويداء، استقبل الشيخ حكمت الهجري، وفدا سياسياً من حزب اللواء السوري، وقدم الوفد للشيخ الهجري شرحاً كاملاً عن عمل مؤسسات الحزب الخدمية والمدنية بدءاً من المياه ومكتب العمل والبلديات ومكتب المرأة ومكتب الدفاع المدني وغيرها من المؤسسات البديلة التي قام الحزب بانشائها مؤخرا والتي تعمل على خدمة سكان السويداء كبديل لمؤسسات الحكومة.
كما تحدث الوفد عن عدد من المبادئ الرئيسية التي يؤمن بها الحزب وفي مقدمتها وحدة الأراضي السورية والدعوة لإجراء انتخابات ديمقراطية وتشكيل برلمان يضم كافة شرائح المجتمع
الشيخ الهجري يبحث أوضاع السويداء مع مسؤولين دوليين
وكانت السفارة الأمريكية في سوريا، أعربت عن دعمها للاحتجاجات في السويداء، وذلك عبر اتصال هاتفي مع الشيخ حكمت الهجري، وقالت السفارة أن نائب مساعد وزير الخارجية إيثان غولدريتش، تحدث مع الشيخ الهجري، وعبر له عن تضامن واشنطن مع الاحتجاجات، فيما جدد المسؤول الأمريكي تأكيده على أن الحل في سوريا سياسي بما يضمن وحدة البلاد.
سبق ذلك إجراء رئيسة لجنة الشؤون الخارجية ومسؤولة الملف السوري في كتلة الخضر البرلمانية الأوروبية، كاترين لانغزيبن، اتصال هاتفي مع الشيخ الهجري، والتي اطلعت خلاله على ما يجري في السويداء، معربة عن دعمها الكامل لمطالب الأهالي، وأن الاتحاد الأوروبي يعمل لوضع حد لمعاناة السوريين، مع التأكيد على كل الحرص على سلامة الشيخ الهجري والشخصيات الوطنية وسلامة المتظاهرين، مع إدانة حادثة إطلاق النار على المتظاهرين السلميين التي جرت قبل أيام.
وأكّدت على وجود استراتيجية أوروبية جديدة للتعامل مع القضية السورية، هدفها حصول الشعب السوري على حقوقه المشروعة، وفق قولها.
في المقابل، رحّب الهجري بمواقف الدولة الألمانية والشعب الألماني لاستضافتهم الشعب السوري، الذي فرّ من سوريا نتيجة انعدام مقومات الأمن و الأمان، طيلة السنوات الماضية.
إضافة لذلك، أجرى النائب في الكونغرس الأمريكي فرينش هيل، اتصالاً مع الشيخ الهجري يوم الجمعة الماضي، للتأكيد على دعم الانتفاضة في السويداء، والتنديد بمحاولات دمشق لتصعيد الأمور، وسط تأكيد النائب الأمريكي عن اعتزازهم بشجاعة أهالي السويداء وقياداته السياسية والدينية والعسكرية.
ولا شك في أن الاحتجاجات الشعبية في السويداء أعادت القلق من عودة الأمور إلى 2011، وخروج السوريين للشوارع مرة أخرى، لأروقة القرار في دمشق، خاصة وأن عامل الوقت لم يكن مساعداً للأخيرة لوقف الاحتجاجات، إضافة إلى أن الأزمة الاقتصادية واستمرار معاناة السوريين من الممكن أن يشكل دافعاً آخر للشعب للخروج إلى الشوارع والمطالبة بتغيير الأوضاع وتحسينها، كذلك هي رسالة مباشرة لدمشق بأن السوريون لم يملوا من مطالبهم، التي توقفوا عن المطالبة بها بقوة السلاح والنار، وأن شرارة صغيرة قادرة على تفجير الأمور من جديد.
إعداد: علي إبراهيم