دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

علي الأمين لأوغاريت: تصريحات “أردوغان” لم تكن موجهة للحكومة السورية بالكامل.. والمعارضة موافقة على “التطبيع” مع الأسد

 أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – شهدت الأيام القليلة الماضية تصاعد في تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فيما يتعلق بالعلاقة المقبلة بين أنقرة ودمشق بعد سنوات من القطيعة والحرب السياسية والعسكرية.

وقال أردوغان، إنه قد يدعو نظيره السوري بشار الأسد إلى تركيا “في أي وقت”، وهو ما يشير إلى إمكانية حدوث العديد من التطورات الجديدة.

وقبل أكثر من أسبوع، أكد الرئيس التركي أنه لا يوجد ما يمنع إقامة علاقات بين البلدين، بعد توترات شديدة منذ اندلاع الحراك الشعبي في سوريا قبل 13 عاماً.

بالمقابل، لم تصدر عن الحكومة السورية أي موقف رسمي حول ذلك، فيما نقلت صحيفة “الوطن” عن مصادر وصفتها بالمتابعة والمطلعة إمكانية حدوث لقاء بين أردوغان وبشار الأسد ولكن بعد تنفيذ عدة خطوات.

 

وفي حوار خاص مع الكاتب والمعارض السوري، علي الأمين السويد، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” العديد من الأسئلة حول العلاقة بين تركيا والحكومة السورية في ضوء التطورات الحالية، وهل التوافق الدولي والإقليمي لإنهاء الأزمة السورية بات ممكنا وقريباً؟.

 

وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع الأستاذ علي الأمين السويد:

 

 

هل العلاقة بين تركيا والحكومة السورية تتجه نحو التغيير خلال الفترة القريبة المقبلة؟

 

حسب المشهد الراهن والتداخلات الإقليمية، وقرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لن يكون هنالك أي تغيير يستحق الذكر فيما يخص العلاقة بين النظام التركي والنظام السوري. علماً أن الإيجابية واقعيا هي من تسيطر فعلياً على العلاقات بين الحكومتي السورية والتركية. فتركيا هي من سلمت حلب للنظام السوري. وهي أحد الدول الضامنة لاتفاقات أستانا وسوتشي. وتركيا من سيطرت على قادات الفصائل في درعا والقنيطرة، وريف دمشق، وحمص وضغطت عليهم لتسليم مناطق خفض التصعيد الثلاث للنظام السوري، وهي من تحافظ على هدوء الجبهات الشمالية بين ما كان يسمى “معارضة سورية” وقوات الحكومة المتعددة الجنسيات. فإن لم تكن علاقة النظام التركي بالنظام السوري إيجابية، فماذا يمكن تسميتها أقل من ذلك؟

 

كيف تقرأ تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة تجاه الحكومة السورية؟

التصريحات التركية الأخيرة تجاه الحكومة السورية لم تكن موجهة للحكومة السورية بنسبة 90% . فهذه التصريحات كانت موجهة للداخل التركي وخصوصاً للأحزاب التركية التي تطالب الحكومة التركية بإعادة السوريين الى سوريا عن طريق الاتفاق مع دمشق كما يرون. ولأن هذه الأحزاب بعيدة عن المطبخ التركي الذي يحكمه الأمن القومي التركي والذي ينفذ مصالح تركيا العليا، تراها تطالب بأمور تعتقد أنها محرجة للنظام التركي كي تخفض من شعبيته وتحتل مكانه إن أتيح لها. ولهذا يضطر أردوغان لمسايرتهم واسكاتهم بنطق كلمات وتصريحات ليس لها أي وزن سوى انها تستجيب لطلبات المعارضة الداخلية.

 

شهدت تصريحات أردوغان تناقضاً خلال ساعات حول دعوة الرئيس السوري لعقد اجتماع ثم مطالبة دمشق بتنفيذ الخطوة الأولى مقابل إعادة العلاقات، ما رأيك بذلك؟

 

تحاول الدبلوماسية الروسية كسب ود تركيا بكل الطرق الممكنة، وهي تضغط على النظام السوري “شكليا” للاستجابة لتنفيذ مصالح تركيا في سوريا وفق تفاهمات تضمن بقاء تركيا في الشمال السوري من إدلب الى نهر دجلة بشكل شرعي. وبنفس الطريقة واستجابة للضغوط الروسية على النظام السوري ومن وراءه إيران للاستجابة لطلب روسيا القاضي بجلوس أردوغان والأسد على طاولة الحوار، صرح النظام السوري بأنه على استعداد للتجاوب مع أي مبادرة تفضي الى تحسين العلاقات بين تركيا وسوريا. ففهم النظام التركي بأن النظام السوري وافق على اللقاء بدون شروط.

إلا أن النظام عاد وأكد على ضرورة انسحاب تركيا من سوريا كشرط للحوار مما اضطر أردوغان للتصريح بأنه مستعد للقاء النظام السوري عندما يقبل. وهذا التصريح الأخير موجه تماما للمعارضة التركية وللداخل التركي.

 

ما مصير المعارضة السورية بشقيها المسلح أو السياسي، إذا ما تم التطبيع بين تركيا والحكومة السورية؟

 

بالنسبة للشق العسكري: لا توجد معارضة مسلحة للنظام السوري منضوية تحت تشكيلات عسكرية حالياً. فالذي يوجد الآن عبارة عن تشكيلات مسلحة مرتزقة رديفة للجيش التركي ومعظمها فصائل مرتزقة تحت الطلب. وهذه الفصائل التي هي تحت مسمى الجيش الوطني ليست لديها مشكلة في التعاون مع النظام السوري والانخراط في جيشه المتعدد الجنسيات بدليل ان مشغل الجيش الوطني، أردوغان، قال بأن لا أحد يعترض على تطبيع تركيا علاقاتها مع الأسد سوى “قسد” و”داعش”.

أما بالنسبة للشق السياسي، فالائتلاف الوطني وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية سيكونون أيضاً تحت رحمة النظام التركي. إلا أن معظم أعضاء هذه التشكيلات يحملون جنسيات غير سورية وغير تركية مما يجعل عملية الضغط عليهم إن كانوا لا يقبلون التطبيع أمرا شبه مستحيل. أما الأعضاء الذين لا يحملون سوى الجنسية السورية فهؤلاء قد يقعون في دائرة خطر التسليم للنظام السوري.

 

ما هي المصلحة المشتركة لتركيا والحكومة السورية التي تدفعهم للتقارب في هذه الظروف؟

 

للإجابة على هذا السؤال، يجب أن نشرّح مصالح كل طرف من هذا التقارب إن كان هنالك تقارباً بالطبع.

بالنسبة لتركيا، تسيطر تركيا فعليا على نصف الحدود السورية غربي الفرات بمتوسط عمق  30 كم حسب اتفاقيات خفض التصعيد فيما يخص إدلب، وحسب اتفاقية أضنة 1998 فيما يخص عفرين المحتلة وباقي شمال حلب المحتل.

وتسعى تركيا للسيطرة على باقي الشريط الحدودي شرقي الفرات بعد تعديل اتفاقية اضنة الذي يضمن حق تركيا بالتوغل 40 كم في العمق السوري دون التنسيق مع الحكومة السورية بذريعة ملاحقة الإرهابيين. علما أن هذه المنطقة المستهدفة حاليا خالية من السلاح بضمانات أمريكية.

 

بالنسبة لدمشق، ترغب الأخيرة بإعادة مدينة إدلب والطريق M4 ومسافة آمنة شمال الطريق، كما ترغب بالتخلص من عبئ أكثر من 6 مليون معارض على طول الشريط الحدودي شرقي وغربي الفرات، يضاف إلى ذلك ظهور الحكومة السورية بمظهر من باع الشمال السوري بمن فيه لتركيا في سبيل استقرار حكمه.

الآن روسيا تضغط على النظام السوري ليستجيب لطلب تركيا الجلوس على طاولة الحوار وتعديل اتفاقية أضنة بحيث تعطي الحق لتركيا بالتوغل في الأراضي السوري حتى عمق 40 كم دون التنسيق مع النظام السوري.

ولأن النظام السوري يعلم بأن التوقيع على تعديل الاتفاقية أمر مفضوح ويكشف بيعه للأرض السوري ويفقده الصفة الوطنية، فتراه لا يقبل إلا بانسحاب القوات التركية من سوريا كشرط للقاء أردوغان.

وهذا الرفض يحقق للنظام السوري رغبته الأساسية بالتخلص من 6 مليون معارض باق تحت الإدارة التركية. ويطمح بأن تقبض روسيا انسحاب تركيا من مدينة ادلب والطريق M4  من تركيا نتيجة لسعيها لتنفيذ مصالح أنقرة والتي فشلت بسبب تعنت الأسد. ولكن روسيا قامت بدورها استجابة لتركيا فمن واجب تركيا مكافأة روسيا بتنفيذ اتفاق سوتشي 2022.

وهذا الرفض الاسدي، يلقى استحساناً تركياً بشكل جزئي، كون الرفض الاسدي للقاء يمنح تركيا حق البقاء في المناطق التي تتواجد فيها الى ما شاء الله. وبذلك يتحقق جزء من مصلحة تركيا وجزء من مصلحة النظام، ومصلحة روسيا في كسب تركيا كحليف استراتيجي، وتبقى إيران المتسترة خلف النظام حليفة تركيا وروسيا بكل قوة.

إذا يمكن القول بأن عدم التقارب الشكلي بين النظام السوري والنظام التركي يحقق مصلحة الطرفين حاليا.

 

برأيك، هل التوافق الدولي والإقليمي لإنهاء الأزمة السورية بات ممكنا وقريباً، أم أن الأوضاع باقية كما هي؟

لا توجد جهة دولية مهتمة فعلاً بإنهاء الأزمة السورية. والأطراف الدولية المتدخلة في الشأن السوري يسعى كل طرف فيها لتحقيق مصالحه بكل الطرق الممكنة. وجميع الأطراف الدولية لا تفكر في الشعب السوري، ولا معاناة السوريين لا في الداخل ولا في الخارج. وستبقى الأوضاع محكومة بالتجاذبات الدولية إلى ما شاء الله، أو الى أن تبرز قيادة ثورية وطنية سورية تفرض نفسها على المجتمع الدولي بقوة الشعب السوري. عندئذ يكون لكل حادث حديث. أما وهذه الحال مستمرة فسننتقل من بيع الى بيع ومن سيء الى أسوأ.

 

 

حاوره: يعقوب سليمان