دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

صحيفة اسرائيلية تتساءل: هل ستعود سوريا إلى الحاضنة العربية؟

إذا استمر مشروع الغاز، فقد يسرع عودة سوريا إلى الحاضنة  العربية، وهو اتجاه ظهر تدريجياً على مدى العامين الماضيين.

وفقا لاتفاق بوساطة أمريكية تم التوصل إليه في أوائل أيلول، سيتم ضخ الغاز من مصر عبر الأردن وسوريا لتخفيف محنة الطاقة الرهيبة في لبنان. تهدف هذه الصفقة غير العادية في المقام الأول إلى تقليص نفوذ إيران وحزب الله في سوريا.

ومما يثير الاهتمام أيضًا حقيقة أنه برعاية هذا الحل، فإن الولايات المتحدة تنتهك سياستها الخاصة بالعقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارة أوباما على سوريا في عام 2011 وتكثيفها خلال إدارة ترامب بموجب قانون قيصر لعام 2019. علاوة على ذلك، إذا تم تنفيذ مشروع الغاز، فقد يسرع من عودة سوريا إلى الحاضنة العربية، وهو اتجاه ظهر تدريجياً خلال العامين الماضيين.

في تشرين الثاني 2011، صوتت معظم الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية على تعليق عضوية سوريا وقطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق. جاء القرار بعد حملة القمع الوحشية التي شنها الرئيس بشار الأسد على المتمردين الذين يسعون للإطاحة بنظامه خلال الفترة المعروفة باسم “الربيع العربي”.

وعلاوة على ذلك، لعبت بعض الدول العربية دورًا نشطًا في الحرب الأهلية، سواء داخل التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة، أو من خلال تقديم الدعم المالي واللوجستي لمختلف الجماعات المتمردة (مع قطر والمملكة العربية السعودية والأردن).

بعد عقد من الزمان، يدرك القادة العرب أن الحرب حُسمت لصالح نظام الأسد وأن مصلحتهم تكمن في الاعتراف بهذه النتيجة والتعاون مع الأسد لمواجهة التحديات والتهديدات الإقليمية.

يعود الفضل في هذا الاختراق إلى الإمارات العربية المتحدة، تمامًا كما هو الحال بالنسبة لاتفاقات أبراهام 2020. في نيسان  2018، بعد هجوم صاروخي أمريكي وبريطاني وفرنسي مشترك على قاعدة للجيش السوري رداً على استخدام سوريا للأسلحة الكيماوية ضد المتمردين، جاءت الإمارات للدفاع عن سوريا. أعلن وزير الخارجية الإماراتي آنذاك أنور قرقاش أن الحرب الأهلية في سوريا تدور رحاها بين الأسد والقوى “الإسلامية الراديكالية”، ودعا إلى إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية. وبذلك، تبنت الإمارات الرواية السورية حول طبيعة الحرب الأهلية، وأعادت إلى جانب البحرين فتح سفارتها في دمشق.

الأردن أيضا، الذي ادعى أنه لم يقطع علاقاته مع سوريا، عين دبلوماسيا كبيرا في دمشق، بل وفتح المعبر الحدودي بين البلدين لمرور البضائع.

بعد ذلك، تولى الملك عبد الله دور الضامن لسوريا في واشنطن، منتهزًا فرصة اجتماعه في تموز 2021 مع بايدن للدعوة إلى الحوار مع الأسد. في عام 2020، أعادت عمان سفيرها إلى سوريا. كما اتخذت المملكة العربية السعودية العديد من إجراءات بناء الثقة تجاه السوريين، وفي أوائل عام 2020، مُنحت الشاحنات السورية الإذن بدخول المملكة.

وأصدر اجتماع لاحق بين وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ونظيره الروسي سيرغي لافروف دعوة لعودة سوريا إلى الأسرة العربية. في ايار 2021، وصل وفد سعودي بقيادة رئيس المخابرات السعودية إلى دمشق والتقى بالأسد ورئيس المخابرات السورية.

وبحسب التقارير الإخبارية، اتفق الجانبان على إعادة فتح السفارة السعودية في دمشق، على أن يعقبها عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. بعد فترة وجيزة، قام وفد سوري برئاسة وزير السياحة بزيارة إلى المملكة العربية السعودية، وقام وزير الدفاع السوري بزيارة نادرة إلى الأردن في 19 ايلول.

بالإضافة إلى الأردن ودول الخليج، تتجه مصر والعراق أيضًا إلى التقارب مع سوريا. أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في مؤتمر عُقد في آب 2021 في بغداد، وحضره قادة مصر والأردن والسعودية، فتح “صفحة جديدة في العلاقات مع سوريا”.

وتشير هذه الإشارات الى تمهيد الطريق للسماح لعودة سوريا إلى العالم العربي وجامعة الدول العربية.

ما أسباب هذه التطورات؟

بادئ ذي بدء، تستند السياسة العربية في المقام الأول إلى السياسة الواقعية بدلاً من الأيديولوجية، مما يعني أن معظم الحكام العرب يدركون أن الأسد موجود ليبقى. ثانياً، دول الخليج ومصر والأردن أعضاء في المعسكر الذي يسعى لإضعاف المحور الإيراني الشيعي ويأملون في أن تعزز العلاقات المتجددة مع دمشق نفوذهم في سوريا على حساب إيران وحزب الله.

وفي الشهر الماضي فقط، أعلن نصر الله أن ناقلات النفط الإيرانية ستتوجه  إلى بيروت لحل أزمة الطاقة اللبنانية. يبدو أن الولايات المتحدة قد تمسكت بهذا التفكير وعملت على إتمام صفقة الغاز المصرية مع الأردن وسوريا. ثالثًا، يمكن أن تكون العلاقات المتجددة أيضًا بمثابة ضغط لكبح نفوذ تركيا، وخاصة في شمال سوريا.

سوريا، من جانبها، مهتمة بشكل أساسي بمشاركة دول الخليج في تقديم المساعدات الإنسانية والمساعدة في إعادة بناء بنيتها التحتية واقتصادها، وهي مهام يبدو أنها بعيدة عن متناول روسيا وإيران.

وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من اعتبار سوريا حليفة  لإيران منذ الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات، إلا أن سوريا كانت تاريخيًا جزءًا لا يتجزأ من العالم العربي.

لإسرائيل مصلحة واضحة في إضعاف المحور الإيراني الشيعي، وبالتالي فإن أي تحرك سوري تجاه الدول العربية التي تحافظ على علاقات مفتوحة أو سرية مع إسرائيل هو موضع ترحيب.

المصدر: صحيفة الجيروزاليم بوست الاسرائيلية

ترجمة: أوغاريت بوست