“نفذ صبرنا .. سنقوم بما يلزم”.. بهذه الكلمات عاود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تهديده للمناطق الشمالية الشرقية من سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، وذلك كون “روسيا والولايات المتحدة الأمريكية لم تقومان بالتزاماتهما في اتفاق وقف إطلاق النار”. من المنظور التركي.
بعد قمة موسكو .. أردوغان يعاود تهديد الشمال السوري
وبعد انتهاء العملية العسكرية الأخيرة في شمال شرق سوريا المسماة “نبع السلام” لم يهدد الرئيس التركي بشكل مباشر بالقيام بعملية عسكرية جديدة، لكنه أعاد وعيده بعد هجوم استهدف جنوداً أتراك في مدينة مارع بريف حلب الشمالي واستهداف صاروخي طال المدينة ذاتها، مع انفجار عنيف ضرب مدينة عفرين بالقرب من مقر عسكري لفصيل محلي، على الرغم من عدم تبني أي جهة حتى الآن تلك العمليات، التي عادة ما تتهم أنقرة التشكيلات العسكرية التابعة لقسد.
كما تأتي هذه التهديدات الجديدة بعد أيام من الاجتماع الذي ضم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، في مدينة سوتشي الروسية، ذاك الاجتماع الذي لم يكن له مؤتمر صحفي أو بيان ختامي، وتضاربت الأنباء حينها حول ما تم الاتفاق عليه، وترجيحات بوجود صفقات جديدة بين موسكو وأنقرة على حساب الأراضي السورية.
هل حصلت أنقرة على ضوء أخضر روسي ؟
ويرى محللون أن التهديدات التركية ربما تمهد لعملية عسكرية جديدة في الأراضي السورية، وقد يكون ذلك تم الاتفاق عليها في الاجتماع الأخير بين بوتين وأردوغان، وتشدد تلك الأوساط على أنه لا يمكن لأنقرة أن تشن عمل عسكري جديد دون وجود ضوء أخضر روسي لتوسيع رقعة السيطرة التركية، حيث كشفت تقارير إعلامية تركية أن الزعيمان اتفقا على “تعديل مناطق سيطرة المعارضة لإعادة اللاجئين السوريين في تركيا”.
وتشير معظم تصريحات المسؤولين الأتراك إلى أن التشكيلات العسكرية لقسد هي من تقف وراء تلك الهجمات، بينما يقول قادة عسكريون في “الجيش الوطني” إن ذلك يتم “برضا وتنسيق روسي”، على اعتبار أن المناطق التي يخرج منها القصف تشهد انتشارا لقوات من الشرطة العسكرية الروسية وقوات الحكومة السورية.
بعد تهديد أردوغان .. طائرة روسية تقصف مارع !
الغريب في الأمر والذي يمكن أن يعتبر “تحذير روسي لتركيا”، القصف الجوي الروسي بعد تصريحات الرئيس التركي بساعات قليلة على مدينة مارع، قد يحمل رسائل تحذيرية لتركيا بأن موسكو غير موافقة على أي عملية عسكرية تركية جديدة. كون موسكو هدفها في سوريا إرجاع كافة الأراضي إلى سلطة الدولة، وتوسيع تركيا لرقعة سيطرتها يمكن أن يقف عائقاً امام ذلك. كون موسكو تعتبر أن التفاهم ممكن مع قسد والإدارة الذاتية، بينما لا ترى ذلك ممكناً مع تركيا والفصائل المعارضة إلا بتقديم تنازلات، وروسيا ليس بوارد ذلك في هذه المرحلة. بحسب محللين وتقارير إعلامية.
مسد: لا ضوء أخضر لتركيا لشن هجوم جديد
وتعليقاً على ذلك، استبعد “الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية” رياض درار، أن تركيا حصلت على أي ضوء أخضر روسي أو أمريكي للقيام بالمزيد من العمليات العسكرية في سوريا، حديث تزامن مع تصريحات أمريكية بضرورة الحفاظ على خطوط وقف إطلاق النار في شمال سوريا.
وقال درار لوكالة الأنباء الكردية “هوار”، “أن المزاعم التركية حول الهجمات الأخيرة (..) لعبة تركية لكسب مواقف لصالح الاعتداءات التركية القائمة وأنها ورقة تبرئة النفس من الأعمال الاحتلالية والإجرامية”، واعتبر أن زيارة أردوغان لموسكو وواشنطن والسلبية التي رافقت تلك الزيارات مع انخفاض شعبية الحزب الحاكم، يدفع أردوغان لإطلاق هذه التصريحات، واصفاً إياها “بالعصبية التركية”.
هل تنفذ تركيا مغامرة جديدة في سوريا ؟
وتخشى أوساط سياسية ومتابعة سورية من أن تقوم تركيا بمغامرة جديدة كالتي حصلت في عام 2019، ضمن العملية العسكرية “نبع السلام”، وأن تنسحب القوات الروسية أو الأمريكية أمامها، كما حصل في رأس العين “سري كانيه” و تل أبيض “كري سبي” وعفرين سابقاً، فيما يعتقد البعض الآخر أن أي عمل عسكري جديد في سوريا إن حصل فإن موسكو موافقة عليه مع واشنطن، وقد يكون ذلك أحد التنازلات لأنقرة لإنجاح “التفاهمات الجديدة الأمريكية الروسية” للحل في سوريا، وتعهد الطرفان بحماية الحدود الجنوبية لها.
إعداد: ربى نجار