أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تعيش سوريا أيام صعبة وخطيرة للغاية، قد تكون الأصعب خلال السنوات الأخيرة، من حيث عودة التصعيد العسكري غير المسبوق في مناطق الشمال بشقيه الشرقي والغربي، إضافة إلى عودة تحرك الإرهاب من داعش في الشرق، ودخول الصراع بين الحكومة السورية والمعارضة مرحلة جديدة تتمثل “بامتلاكها لطائرات مسيرة” باتت قادرة على شن هجمات على مواقع بعيدة، وأخيراً امكانية أن تُجر سوريا إلى حرب مع إسرائيل من قبل حلفائها إيران وحزب الله.
التصعيد العسكري جاء بعد حديث عن عودة السياسة
أواخر الشهر الماضي، كان هناك حديث عن امكانية عودة المحادثات بشأن اللجنة الدستورية، وجميع الأطراف كانت متفقة على أنه لا حل للأزمة السورية سوى بالطرق الدبلوماسية والسياسية، والخلافات ظاهرياً كانت بسيطة، على مكان عقد هذا الاجتماع، إلا أنه بين ليلة وضحاها، انقلبت الأمور رأساً على عقب، وبدأ تصعيد عسكري في مناطق بقيت هادئة نسبياً خلال السنوات الماضية.
الأمور بدأت من الشمال الشرقي، حيث شنت تركيا “عملية عسكرية جوية” استهدفت البنية تحتية ومنشآت ومرافق خدمية حيوية، قالت إنها “أهداف عسكرية” لقوات سوريا الديمقراطية ومن بينها وحدات حماية الشعب الكردية.
إلا أن ما تبين لاحقاً في شكل لا لبس فيه أن البنى التحتية هي التي كانت مستهدفة، من آبار نفطية ومحطات تحويل الكهرباء وضخ مياه الشرب والمدارس والمستشفيات والنقاط الطبية، إضافة للنقاط العسكرية والأمنية.
دمار بالبنى التحتية بالشمال الشرقي.. والعنف تزايد “بخفض التصعيد” بعد استهداف الكلية الحربية
وبحسب تقارير إعلامية محلية فإن هذه الاستهدافات أدت لدمار شبه كامل بالبنى التحتية في المنطقة والتي يعتمد عليها أكثر من 5 ملايين نسمة، فيما هناك أكثر من مليون ونصف المليون انسان سيتأثرون بشكل مباشر من هذه الهجمات.
تزامن ذلك مع عودة التصعيد العسكري غير المسبوق لقوات الحكومة السورية وروسيا على منطقة “خفض التصعيد”، وذلك بعد استهداف إرهابي دموي طال الكلية الحربية في محافظة حمص، استهدف حفل تخريج دفعة من الضباط، بحضور ذويهم وعائلاتهم وأصدقائهم، ما أدى لفقدان أكثر من 89 شخصاً حياتهم، بحسب إحصائيات رسمية، فيما تقول إحصائيات أخرى أن العدد فاق الـ126 شخصاً، مع وجود أكثر من 250 جريحاً، نصفهم في حالة خطرة.
ومع أنه لم يعلن أي طرف مسؤوليته عن هذا الهجوم الإرهابي على الكلية الحربية في حمص، إلا أن قوات الحكومة السورية و روسيا بدأوا بحملة قصف جوي وبري شرسة على منطقة “خفض التصعيد”، وكأن دمشق وموسكو تقولان بأن هذه الأطراف هي المسؤولة، حيث سبق الاعتداء الدموي تحذيرات روسية من أن هناك جماعات إرهابية تابعة للمعارضة تعمل على شن اعتداءات واستفزازات في سوريا.
هدوء نسبي في الشمال الشرقي.. والغربي لايزال يغلي
وحتى مع الهدوء النسبي في جبهات شمال شرقي سوريا، إلا أن جبهات “خفض التصعيد” لاتزال مشتعلة، من حيث الغارات الجوية الروسية، والقصف البري العنيف لقوات الحكومة السورية الذي يطال كل المناطق ولا يستثني أي شيء، وهو ما أدى لدمار كبير في مناطق الاستهداف عمليات نزوح للأهالي لمناطق أكثر أمناً.
وكالعادة، اكتفت الأمم المتحدة، بإصدار بيان عبرت عن قلقها إزاء تصاعد العنف غير المسبوق في الشمال السوري، وعمليات قصف البنى التحتية من جهة والغارات الجوية الروسية والسورية من جهة أخرى في الشمال الغربي.
“تحرير الشام” تستخدم المسيرات لضرب مدينة حلب
وفي تطور يمكن اعتباره لافتاً وهو الأول من نوعه ضمن الصراع المستمر على السلطة في سوريا، تشن “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” خلال الأسبوع الجاري، هجمات على نقاط عسكرية ومواقع في مدينة حلب، وذلك عبر استخدام الطائرات المسيرة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، مساء الاحد، بأن المضادات الأرضية السورية تصدت لهجوم بطائرات مسيرة في سماء حلب، انطلقت من مناطق سيطرة “تحرير الشام” دون معلومات عن خسائر بشرية أو إصابات.
وبهذا الهجوم، تكون تحرير الشام قد نفذت منذ الـ9 من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، 5 هجمات عبر الطائرات المسيرة على مدينة حلب، فيما كان الهجوم السادي على مدينة السقيلبية بريف حماة.
حرب مع إسرائيل وخطورتها على سوريا
أما النقطة الأكثر خطورة التي تشهدها سوريا في الوقت الحالي، امكانية أن يتم الدفع بها لدخول الحرب مع إسرائيل، وذلك من قبل حلفائها إيران وحزب الله، اللذان سبق وأن أكدا أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة في حال استمرار الهجمات الإسرائيلية على غزة.
ويتفق سياسيون سوريون، أن قرار دخول دمشق إلى الحرب مع إسرائيل ليس بيدها، بل بيد “صانع القرار إيران”، مشيرين إلى أن سوريا أصلاً لا تتحكم بكامل أراضيها وهي لا تريد ولا ترغب أساساً في ضبط حدودها مع إسرائيل.
وسقطت قبل أيام عدد من القذائف الصاروخية من الجنوب السوري على الجولان، فيما ردت إسرائيل عبر قصف مصادر النيران، ومطاري حلب ودمشق الدوليين أكثر من مرة خلال 48 ساعة.
“سوريا ستضرر كثيراً في أي حرب ضد إسرائيل”
دخول سوريا إلى الحرب مع إسرائيل في هذا التوقيت، له خطورة على البلاد بشكل عام أكثر من التصعيد العسكري القائم في الشمال، حيث أن لدخول الحرب قد يكون ثمناً باهظاً بانهيار الدولة وانتقال الحرب للساحة السورية، خاصة بعد إعلان الدعم الكامل واللامتناهي لأمريكا وبريطانيا لإسرائيل في الدفاع عن نفسها.
وسبق أن حذرت أطراف عربية ودولية، دمشق وحزب الله، من دخول الحرب ضد إسرائيل وفتح جبهات جديدة، وإلا فإن الثمن سيكون كبيراً، وتل أبيب لديها خطط لضرب دمشق وتعريض حياة الرئيس السوري بشار الأسد للخطر.
إعداد: علي إبراهيم