أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – كانت زيارة الرئيس الإيراني إلى سوريا على مدى اليومين الماضيين، ولقاءه ببشار الأسد والتوقيع على اتفاقات بمجالات عدة، تحمل رسائل في طياتها للدول العربية، بأن طهران لن تتنازل عن أهدافها في سوريا ومكانتها باتت محفوظة أكثر من أي وقت مضى، حتى ولو عادت دمشق للجامعة العربية وأعيد تطبيع العلاقات وحصلت تسوية سياسية شاملة في الملف السوري.
مصالح إيران أولاً وقبل أي شيء
الزيارة التي قام بها ابراهيم رئيسي، اعتبرتها أوساط سياسية ومتابعة “اقتصادية” أكثر منها سياسية، وقطعت الطريق أمام أي منافع واتفاقات اقتصادية للعرب مع حكومة دمشق بعد إعادة العلاقات، وحتى لو تم توقيع أي اتفاقيات مستقبلية فإن طهران حصة منها، إضافة لذلك كله، فمصالح طهران يجب أن تراعى في أي اتفاق أو تسوية للملف السوري، مع تحويل إيران لسوريا لورقة تفاوض العرب من خلالها على الصراعات المشتعلة في المنطقة.
وفي ختام الزيارة التي استغرقت يومين زار فيها “رئيسي” مناطق عدة في دمشق من بينها “مقام السيدة زينب”، أصدر الطرفان بياناً ختامياً جاء فيه، أن المباحثات ركزت على سبل وتطوير وتعزيز العلاقات الثنائية على أساس العلاقات الأخوية والاستراتيجية بين البلدين، فضلاً عن مناقشتهما آخر المستجدات على مستوى العالم والمنطقة.
تعزيز العلاقات والتعاون السياسي والاقتصادي والقنصلي
وأكد الطرفان على ضرورة احترام السيادة الوطنية والاستقلال للأراضي السورية، وفق أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، مع التأكيد على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية من خلال استمرار التعاون السياسي والاقتصادي والقنصلي، مع التأكيد على التعاون فيما يتعلق بإعادة إعمار سوريا.
وجدد الطرفان التأكيد على محاربة الإرهاب والتطرف والقضاء عليه والتعاون المشترك في ذلك، مع استنكار الاعتداءات التي تنفذها إسرائيل على سوريا معتبرين إياها “عاملاً مزعزعاً للاستقرار في المنطقة”، وشددا على أحقية سوريا في الرد.
رفض تواجد القوات الأجنبية.. الحديث عن ممارسات البعض والتغاضي عن الأخرى
كما رفض الطرفان “التواجد غير الشرعي للقوات العسكرية الأجنبية في سوريا” والتي وصفوها “بالاحتلالات”، وضرورة انهاءها، مع إدانة “سرقة الولايات المتحدة للموارد السورية”.
بينما تم تجاهل الممارسات التركية في الشمال السوري، وعمليات التغيير الديمغرافي المستمرة والقرى التي تقوم ببنائها بمساعدة منظمات عربية أغلبيتها تابعة للإخوان المسلمين.
كما أدان الطرفان “الإجراءات القسرية والعقوبات الغربية” ضد سوريا وإيران والتي قالوا أنها “انتهاك للقوانين وحقوق الإنسان”.
ترحيب بالتقارب العربي السوري.. وآراء متباينة حول الزيارة
ورحبا بالتطورات المتسارعة في الملف السوري، وخاصة التقارب مع الدول العربية، والاتفاق الإيراني السعودي الذي جرى برعاية صينية، وضرورة التماسك لمواجهة التحديات في المنطقة.
نظريات وآراء عدة خرجت تعليقاً على زيارة “رئيسي” إلى سوريا، منها قالت أنها جاءت لحفاظ طهران على مكانتها ومكتسباتها في سوريا قبل أي تطبيع عربي، وقطع الطريق عنهم في أي اتفاقيات اقتصادية، والمشاركة في حال التوقيع مع أي دولة عربية تريد الاستثمار في سوريا وأن يكون لإيران حصة فيها.
آراء أخرى قالت أن هذه الزيارة “تكريس للهيمنة والنفوذ الإيراني في سوريا”، وهي استكمال الاستيلاء على الموارد والثروات السورية، قبيل أي حل سياسي أو تطبيع مع العرب، مشددين على أن الزيارة جاءت في “وقت خاطئ” خاصة وأنها قد تدفع العرب لإيقاف جهود التطبيع مع دمشق.
إيران للعرب.. “مصالحي فوق أي اعتبار”
بينما اعتبر آخرون أن زيارة “رئيسي” موجهة بالذات “للدول العربية” بأن طهران باقية في سوريا حتى ولو أعادوا تطبيع العلاقات مع دمشق، وأن مصالح وأهداف إيران مستمرة ولن تتخلى عنها. حيث أن كل البيانات التي خرجت من الدول العربية تجاه دمشق دعت لرحيل كل القوات الأجنبية من البلاد، وأن الحل يجب أن يكون سورياً سورياً، وسط الحديث عن شروط عربية على الأسد للحد من نفوذ إيران في البلاد، وهو ما رفضته دمشق في آخر اجتماع في الأردن.
كما أكد آخرون رأوا في هذه الزيارة “انتصاراً للأسد ومحور المقاومة على الحرب الكونية”، أنها ستفتح صفحة جديدة في الصراع الإسرائيلي الإيراني، وهي تمهيد لمرحلة فتح الجبهة السورية على إسرائيل ومشاركتها في الحرب، والرد على أي هجمات جديدة.
الزيارة يعني “تخطيط طهران لوجود عسكري طويل الأمد بسوريا”
وتؤكد زيارة “رئيسي” أن طهران باقية في سوريا وهي تخطط لوجود عسكري وسياسي واقتصادي طويل الأمد، يكرس نفوذها الاقتصادي والديني والثقافي، وخاصة في دمشق وريفها، ودير الزور وريفها، وحلب كبرى مدن الشمال السوري.
فيما قال آخرون أنه رغم الترحيب السوري الإيراني بالتقارب مع العرب، إلا أن زيارة “رئيسي” تعني تعقيد إعادة العلاقات، خاصة وأنها تأتي في ظل مساعي عربية لإعادة سوريا لمحيطها العربي، وتعطي رسائل للعرب بأن كل المساعي العربية للحل في سوريا يجب أن تأخذ في طياتها الأجندات الإيرانية وإلا فلن تقبل دمشق بها.
وختاماً، أكد آخرون بأن الزيارة ستعرقل خطوات التقارب العربي مع دمشق، وخاصة السعودي، حيث أن العرب سيتأنون ريثما تتضح الأمور والرؤية السورية حيال مبادرات الحل.
إعداد: علي إبراهيم