أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تسعى الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلى تطوير وتوسيع تجربتها وإعادة هيكلية مؤسساتها، بجذب الكفاءات وذوي الاختصاص، إضافة إلى تدريب العناصر العاملة للارتقاء بمستوى عمل مؤسساتها من خلال إشراك أكبر عدد ممكن من سكان المنطقة، ومن خلال انتخابات ستجرى قريباً.
كذلك تعمل الجهات السياسية في المنطقة إلى تأسيس “منصة السوريين الديمقراطيين” والتي تضم شخصيات وقوى سياسية معارضة تتفق على ضرورة الحل السياسي في البلاد وفق المقررات الدولية، وذلك بما يحفظ سوريا أرضاً وشعباً ويحميها من الاحتلال والتقسيم، وتكون الجهة التي ستمثل المنطقة خلال أي فعالية سياسية حول حل الأزمة في البلاد.
وعقد مجلس سوريا الديمقراطية خلال الأيام الماضية مؤتمر لأنباء الجزيرة والفرات، للوقوف على عمل وأداء المؤسسات وكيفية الارتقاء بها، وإصدار قرار بتشكيل لجنة لمتابعة هذه المهمة.
شبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية تواصلت مع الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية رياض درار، والذي تحدث عن الهدف من هذا المؤتمر، وعن مساعيهم للمشاركة بالفعاليات السياسية حول سوريا، ورؤيتهم للحل في البلاد.
وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية:
عقدتم قبل أيام “المؤتمر الوطني لأبناء الجزيرة والفرات”، ما الهدف من هذا المؤتمر، وما أهميته بالنسبة لسوريا؟
هذا المؤتمر جاء نتيجة لقاءات استمرت أكثر من شهرين ونصف باسم الندوات للمناطق المتنوعة في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، كان يهدف من خلال الندوات إلى معرفة آراء كل المستفيدين من أعمال الإدارة الذاتية والذين يتابعون دورها، وكذلك المتابعين للحل السياسي وعدم مشاركتنا فيه، وإمكانية أن يكون لنا الحضور السياسي من خلال النشاط الخاص للمنطقة، وإبراز أهمية التفاهمات بين المكونات والتعايش الاجتماعي، وبالتالي المؤتمر كان تتويجاً لهذه الندوات، ووصلنا فيه من خلال آراء كافة المشاركين السابقين إلى أنه يجب أن يكون هناك ورقة لكل التفاهمات التي حصلت نخرج بها من أجل إنجاز المرحلة الثانية بعد التأسيس.
التأسيس الأول كان من خلال المجالس المدنية والإدارات الذاتية للمنطقة وجاءت متتالية لكل منطقة بعد الأخرى بحسب التحرير من داعش، كانت الإدارة الذاتية للجزيرة أولاً تشكلت في 2014، وانتقلنا بعد ذلك إلى المناطق الأخرى، وبعد تحرير كوباني كان هناك مجلس مدني، ثم تل أبيض ثم منبج ثم انتقلنا إلى الرقة وقبلها الطبقة، وفي منبج والطبقة والرقة كان هناك مجالس مدنية أيضاً، ثم انتقلنا إلى دير الزور التي اصبحت لها مجلس مدني تأسس للضرورة في بدايات تحرير المنطقة الغربية، لكن بعد تحرير المنطقة الشرقية صار هناك ضرورة لتمكين أبناء المنطقة ومشاركتهم في فعاليات هذه الإدارة.
كان لدينا 7 إدارات ومجالس، والآن ومنذ سنتين تشكلت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، المؤتمر الآن سوف يعطي أسمه وعمله للإدارة الذاتية القادمة، ولذلك وضعت هذه البنود التي جاءت في الورقة الأخيرة التي خرجت عن المؤتمر بأهم النقاط يمكن أن تعالج في المرحلة التالية، وذلك أيضاً نصل إليه عن طريق انتخابات لهذه المنطقة.
تحدثتم عن إجراء انتخابات في مناطق الإدارة الذاتية في وقت هناك اجتماعات ومؤتمرات دولية حول الأزمة السورية، إلا يتعارض ذلك مع المقررات الدولية ؟
الحقيقة نحن لم نكن يوماً ضمن كل مسارات الحل السياسي منذ جنيف إلى التشكيلات التالية سواء المجلس الوطني أو الائتلاف أو هيئة التفاوض أو اللجنة الدستورية، السبب كان هناك فيتو تركي باستمرار يمنع الدول باتخاذ قرار لإشراك هذا المشروع في العملية السياسية، وهذا الفيتو التركي نتيجة ابتزاز تركيا للدولتين الكبرتين أمريكا ورسيا، وكانتا تخضعان لهذا الابتزاز باستمرار، لذلك كانت خسارة عفرين بتنازل روسي لتركيا لكسبها إلى جانبها وكان هناك تفاهمات بين أمريكا وتركيا خسرنا بسببها رأس العين وتل أبيض، ولذلك نحن نؤكد تماماً بأن الابتزاز التركي هو المانع الأول، ثم أن السياسة حول حل الأزمة السورية كانت تخضع للتنافس الأمريكي الروسي، والتبعية التي تجري لهذا الطرف أو ذاك، ولذلك فإن هذا المشروع أنجز حاجاته بنفسه، ولم ينتظر المشاركة لأنه أراد أن يفرض الحل السياسي الذي رآه وأن يسير به من خلال تضحيات أبنائه، أولاً من خلال قتال داعش وتحرير المنطقة، لفرض رؤية وصورة عن سوريا الجميلة المفيدة والمنتظرة للجميع، لذلك فإن مشروع الإدارة الذاتية هو مشروع أيضاً قام على أساس انتخابات محلية، من أبناء القنوات والمؤسسات إلى أعلاه، ولولا احتلال عفرين فإن هذه الانتخابات كانت ستستمر لأنها وصلت لأعلى مستوى، وهو انتخاب الإدارة الذاتية العليا للمنطقة، وهذا لم يتم بسبب ذلك الاحتلال الذي جرى، وبعد مؤتمر مجلس سوريا الديمقراطية الثالث أخذ قرار بتشكيل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وتمت أيضاً تشكيلات لهذه الإدارة من خلال المجالس المدنية المنتخبة في وقتها في مواقعها، الآن نحن لا نرى تعارضاً لأن هذا البناء مستمر وسوف نؤسس القيمة التي ننشدها من بناء الإدارة الذاتية ومؤسساتها لتصبح منارة يحتذى من قبل السوريين لاحقاً سواءً تفاهموا على حل سياسي، أو أن الأدوار اللاحقة سوف تنتظر مناطق أخرى لتشكل فيها إدارات ذاتية بمثل السوية التي تقوم في شمال وشرق سوريا لأبناء الجزيرة والفرات.
ما المقصود بإعادة هيكلية الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ؟
هذا أمر يتبع للآلية التي ستوضع من قبل لجنة المتابعة التي انبثقت عن المؤتمر و مجموع المستشارين الذين سيعملون معها. إعادة هيكلية الإدارة الذاتية كما نراه مبدئياً هو المزيد من المؤسسات التي لم يجري تشكيلها ويجب أن تشكل وخاصة في المسألة القضائية في متابعة دور المحامين واتحاد المحامين وفعاليته سواء على مستوى المناطق أو على مستوى إداري عام وأمور أخرى من هذا النوع، إضافة إلى تفعيل المؤسسات التي لم تؤدي دورها بشكل كافي ووافي خلال الفترة الماضية هذا أمر مهم جداً، لأن هذه المؤسسات يجب أن يضم إليها الكفاءات وأصحاب الاختصاص في هذه المؤسسات لأن التأسيس الأول كان فيه خليط منه الذي يكون لديه الاختصاص ومنه الذي يكون لديه الاندفاع للعمل.
أيضاً هناك معالجة مسائل ظهرت خلال التجربة الأولى تحدثت عنها الندوات والمؤتمرات، بعض الفساد الذي رأيناه أو سمعنا عنه، بعض الإخلال بالمسؤولية، هذا كله يجب أن يعالج من خلال رؤية لكيفية المحاسبة والمحاكمة والمتابعة، وبالتالي أيضاً يتم ذلك عن طريق الانتخابات، لأن المسؤوليات يجب أن تكون منبثقة عن الناس، الذين يمثلون زاوية من زوايا المجتمع، بمعنى أن كل هيئة يجب أن يكون لها مجلس الهيئة الذي يختار قيادته والإدارة التي تقوم بدورها لتفعيل هذه الهيئات والمؤسسات.
دائماً تقولون بأن مشروع الإدارة الذاتية أساس حل الأزمة السورية، هل هذا المشروع يصلح لبقية المناطق السورية ؟
بالتأكيد إذا نجح مشروع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا فإنه ستكون قدوة يحتذى من قبل السوريين، حتى الآن كل السوريين يقولون أنه لا يوجد تجربة في سوريا يمكن أن نسجل لها النجاح والإعجاب بمسارها والحفاظ من خلالها على أمن واستقرار المنطقة والتنمية التي فيها تختلف عن بقية المناطق، لايوجد مثل هذا إلا في شمال وشرق سوريا.
السوريون جميعاً ينظرون لهذه التجربة كمعيار ومقياس، ولذلك يجب أن ننجح لأن نجاح هذه التجربة يعني نجاح الرؤية السياسية التي تبنتها وهو مشروع اللامركزية الديمقراطية، واللامركزية لدينا تعني أن كل منطقة من المناطق السورية تستطيع أن تقيم إدارتها بذاتها ويبقى للمركز الإدارات السيادية في وزارات جامعة لكل الشأن السوري مثل وزارة الدفاع والخارجية والمالية، بينما بقية النشاطات يجب أن تتبع للإدارات الذاتية المنبثقة عن أبناء هذه المناطق لأنه في ذلك نؤكد سلطة الشعب في المناطق من خلال مشروع الديمقراطية التشاركية، والديمقراطية التشاركية هي ديمقراطية التمثيل في المناطق والديمقراطية التمثيلية تكون على مستوى المركز بانتخاب ممثلين لمؤتمر الشعب في مركز البلاد وفي عاصمتها، يمثلون الشعب من خلال كونهم مجلس شعب أو مجلس أمة، المهم أن يكون التمثيل في هذا أيضاً منبثقاً عن تجربة أولى في مناطق لحسن اختيار الممثلين لاحقاً.
في حال توصلت الأطراف الدولية إلى توافقات بشأن الأزمة السورية إن كان من خلال مرحلة انتقالية أو القرار الأممي 2254، أو اللجنة الدستورية، أين سيكون موقع الإدارة الذاتية من ذلك ؟
من المهم جداً أن نتأكد أين يكون موقع الإدارة الذاتية في حال لو تم اتخاذ قرارات على مستوى دولي أو تفعيل قرار 2254، أولاً نحن نعمل وفق القرار 2254، على تشكيل هيئة حكم انتقالي فيما لو تم التفاوض في المستقبل، سنكون حاضرين لهذه المشاركة من خلال فعاليات متمكنة مدربة تستطيع المشاركة، ونحن نعتقد أيضاً أنه لن يكون هناك حل سياسي بدون تمثيل ربع سوريا سكاناً و ثلث سوريا أرضاً، هذا البنيان لا يمكن أن يهمل في أي مشاركة لذلك مهما تكن من تغييرات وأفكار سوف نكون على طاولة التفاوض في مراحلها الأخيرة، لأن أحداً لا يستطيع أن يهمل هذه المنطقة.
نحن نعمل الآن من أجل الاستقرار والتنمية والتمكين، و الآخرون يفاوضون بدفع دولي أو باحتضان دولي لمفاوضات تقتل الوقت دون إنجاز، مع ذلك حتى لو تم أي إنجاز لن يستطيع أن يقوم بدوننا، سوف يأتي الجميع إلى الأرض التي نقف عليها وسوف نشارك في الحل السياسي السوري أخيراً.
لديكم تحضيرات بشأن عقد مؤتمر وطني للمعارضة الداخلية، إلى أين وصل هذا المشروع وما هي آخر المستجدات بشأنه ؟
بالنسبة لمشروع الدعوى لمؤتمر وطني ليس فقط للمعارضة الداخلية بل هو لعموم أنوع الديمقراطية في الداخل والخارج، وقد عقدنا لذلك 3 مؤتمرات باسم مؤتمر الحوار السوري السوري، مؤتمران في عين عيسى ومؤتمر في كوباني، عقدناه في الداخل وشارك فيها ممثلون عن المعارضة الداخلية وتمت اتخاذ قرارات باتجاه المزيد من التمثيل والمزيد من التنفيذ لمقررات هذه اللقاءات، انطلقنا بعدها إلى أوروبا لنشارك المعارضة الموجودة في المنافي والمهاجر وعقدنا ست ورشات، هذه الورشات ساهمت أيضاً بمشاركة عديد المعارضين الذين كانوا قد سجلوا مواقف من المجلس الوطني ومن الائتلاف وخرجوا من تمثيلهما وأيضاً هم عملوا على أن يكون المشروع السوري المعارض هو مشروع يشارك مجلس سوريا الديمقراطية فيه، لأن الاستعصاء السابق من قبل المجلس الوطني و الائتلاف الذي مازال يرفض المشاركة مع ممثلي مناطق شمال وشرق سوريا، وهذا ما يسيء وجعل المعارضين الذين لديهم غيرة على سوريا وغيرة على أبناء سوريا وعدم التعصب وعدم العنصرية هؤلاء شاركونا في هذه الورشات، واتجهنا بعد ذلك إلى انتخاب من هذه الورشات لجنة متابعة تحضيرية للمؤتمر المدعو له، وهو مؤتمر القوى الديمقراطية، هذه اللجنة التحضيرية بسبب هذا العام 2020 كان عام كورونا، وبالتالي فالأخوة تابعوا إعداد المقررات والوثائق والاتصال ببعض القوى السياسية والشخصيات السياسية لدعوتهم أو تحضيرهم للدعوة للمؤتمر ولقوا موافقات عديدة، ننتظر الفرصة بعد انتهاء كورونا وعدم التأثر، أما أن نعقد هذا المؤتمر في داخل سوريا وأما أن نتوجه إلى دولة عربية تستقبل هذا المؤتمر أو في دولة أوروبية سوف نسعى لأن تقبل باستضافة مثل هذا المؤتمر، سوف نعمل جاهدين لتحقيق هذا الانجاز لأن منصة السوريين الديمقراطيين يجب أن تكون جاهزة في أي حوار وفي أي منتدى وطني في أي مؤتمر وطني عام يمكن أن ينشأ حتى يستطيع الحضور والتواجد وفرض رؤيته على كافة الاستحقاقات التي نراها الآن ممثلة على الأقل في جانبين، الجانب القومي الذي يمثله البعث والجانب الديني الذي يمثله الإخوان، ونحن نرى أن الديمقراطيين غير ممثلين بشكل مميز يستطيعون أن يفرضوا اجنداتهم في أي دعوى سورية جامعة، الآن يجب ان يستطيع الديمقراطيون الاجتماع والتوافق والوصول إلى قرارات مشتركة وانتخاب قيادة لهم تقود مساراتهم.
حوار: ربى نجار