سبعة أشهر مرت على اعتزال مقتدى الصدر ويبدو أن لا ضرورة للاستعجال في النزول إلى الشارع فهو يُدرك حجم الثقل السياسي الذي يمثله التيار وباستطاعته التغيير متى اختار الزمان والمكان المناسبين.
هل سيعود مقتدى الصدر؟
على الأرجح أن الزعيم السياسي الذي يمتلك أكبر قاعدة جماهيرية في العراق سيعود إلى أضواء السياسة وربما ماراثون الانتخابات القادم الذي تسعى الكتل والأحزاب إلى تغيير قوانينه التي تسببت بخسائر فادحة لها وإرجاعها إلى نظام “سانت ليغو” الذي يرفضه مقتدى الصدر وتياره بالتوازي مع ثوار تشرين.
عودة مقتدى الصدر وإن كانت غير معلنة بالمباشر إلا أن التغريدات التي تتوالى كل فترة مع تلك الرسائل والرفض المبطّن والإصرار والتحدّي من قبل أنصاره لرفض قانون “سانت ليغو” ربما يُشعل الشارع العراقي بمظاهرات عارمة، ينتظر أتباع الصدر تغريدة أو أقصوصة من زعيمهم للنزول إلى الشارع بثورة عند أسوار المنطقة الخضراء.
الرسالة الأولى لزعيم التيار الصدري كانت من خلال صلاة الجمعة الموحدة التي دعا أتباعه إلى المواظبة عليها، وهي في حد ذاتها خطوة سياسية وإن كانت بشعائر وطقوس دينية إلا أنها تحمل بُعداً وتذكيراً للآخرين بقوة مقتدى الصدر في الشارع العراقي، في حين يعتبر الكثير من المراقبين أن دعوات الصدر لصلاة الجمعة الموحدة تحمل في ثناياها مخاطبة وجدان أتباعه.
◙ لا يمكن التكهن بالخطوة القادمة إلا من خلال استنتاج ورسم الأحداث الخارجية التي تترابط مع بعضها في متوالية تقود إلى النتيجة ومن ثم يمكن ربطها مع الخطوة القادمة للصدر
“الهدوء الذي يسبق العاصفة”. هكذا يمكن توصيف العلاقة بين التيار الصدري ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، حيث لا يمكن التكهن بالخطوة القادمة للصدر، وربما هي إحدى ركائز قوته في عدم توقع القادم منه.
“أما حكومة أغلبية أو لن أُشارك بالعملية السياسية”. هكذا كان الصدر يردّد في بدايات تشكيل الحكومة بعد أن تحالف مع محمد الحلبوسي رئيس البرلمان ومسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني لتشكيل تحالف “إنقاذ وطن”، وتم إحباطه من قبل الإطار التنسيقي الذي كان يرغب بحكومة توافقية، اضطر بعدها الصدر إلى الانسحاب والاعتكاف عن العملية السياسية.
سبعة أشهر مرت على اعتزال زعيم التيار الصدري ويبدو أن لا ضرورة للاستعجال في النزول إلى الشارع، خصوصاً وأن الصدر يُدرك حجم الثقل السياسي الذي يمثله التيار وباستطاعته التغيير متى اختار الزمان والمكان المناسبين، لذلك يعتمد أسلوب الترقب وانتظار ما ستؤول إليه أحداث القادم من الأيام.
قانون “سانت ليغو” الذي ناقشه أعضاء مجلس النواب حتى فجر الاثنين 20 مارس لتمريره حين تمكّن بعدة جلسات ماراثونية استمرت نحو 17 ساعة من التصويت على سبع مواد من قانون الانتخابات، وما تبقى من 15 مادة لم يتم الاتفاق عليها، في سابقة أو مسرحية أشبعت العراقيين استهزاء وسخرية من قدرة البرلمان للسهر حتى الفجر من أجل قوانين تخدم مصالحه ومنافعه، في حين يغفل هذا البرلمان عن القوانين التي تخدم الشعب وتنصفه.
كانت أهم خطوة اتفق عليها البرلمان هو تحديد شهر نوفمبر/تشرين الثاني القادم موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات.
◙ الرسالة الأولى لزعيم التيار الصدري كانت من خلال صلاة الجمعة الموحدة التي دعا أتباعه إلى المواظبة عليها، وهي في حد ذاتها خطوة سياسية وإن كانت بشعائر وطقوس دينية
خطوة مقتدى الصدر بالاعتكاف السياسي جاءت لتبيان الحقيقة للشارع العراقي مَن هم الذين لا يعملون لصالح الشعب بعد أن أعطى فرصة للإطار التنسيقي بتشكيل الحكومة وانتظار نتائجها.
هل سيعود مقتدى الصدر؟ سؤال ربما من الصعب الإجابة عليه خصوصاً مع عدم توقع الخطوة القادمة للصدر.
الترقب وانتظار خطوة زعيمهم الذي رفع شعار “لا شرقية ولا غربية” هو ما يتطلع إليه الأتباع في انتظار تغريدة، ويبدو أن التغريدة قد اقترب موعدها خصوصاً مع ذلك الرفض الجماهيري لقانون الانتخابات القديم (سانت ليغو) الذي رسّخ هيمنة القوى السياسية التقليدية وحرم الأحزاب الناشئة من الصعود إلى قبة البرلمان لولا انتفاضة تشرين والرفض الذي شارك فيه مقتدى الصدر في تغيير قوانين الانتخابات وتغيير أساسيات اللعبة لصالحهم.
ماذا يخطط مقتدى الصدر للقادم من المشهد السياسي في العراق؟ لا يمكن التكهن بالخطوة القادمة إلا من خلال استنتاج ورسم الأحداث الخارجية التي تترابط مع بعضها في متوالية تقود إلى النتيجة ومن ثم يمكن ربطها مع الخطوة القادمة للصدر.
سمير داود حنوش – كاتب عراقي – العرب اللندنية
المقالة تعبر عن رأي الكاتب والصحيفة