أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد صمت دام أياماً على الغارات الجوية التي نفذها سلاح الجو الأردني على مناطق سكنية في جنوب سوريا، أسفرت عن وقوع ضحايا من المدنيين، وذلك في ما وصف “بالحرب الأردنية على تجارة المخدرات العابرة للحدود” التي مصدرها الأراضي السورية، خرجت دمشق ببيان استنكار وإدانة للغارات الجوية الأردنية، وأشارت أنه “لا مبرر لها”.
عمليات تهريب المخدرات والأسلحة “خطر على أمن الأردن”
وتشهد الحدود الأردنية السورية المشتركة عمليات تهريب وتجارة مخدرات تقوم بها عصابات تتسلل من داخل الأراضي السورية لنقل كميات كبيرة من المواد المخدرة إلى الداخل الأردني، الذي تحول لمركز عبور هذه الآفة إلى دول الخليج ومنها إلى العالم.
وتطورت هذه التجارة مع مرور السنوات وحالة الفلتان الأمني في المنطقة الجنوبية السورية إلى استخدام وسائل عدة لنقل المخدرات، ومنها عبر الطائرات المسيرة، إضافة لنقل أسلحة، وهو ما اعتبرته المملكة الأردنية “خطراً يهدد أمنها الوطني”، وشددت على مواجهتها بكل قوة وحزم، خاصة بعد تصاعد الاشتباكات بين المجموعات المسلحة والجيش الأردني وسقوط قتلى من الأخير.
الأردن نفذ تهديداته عبر غارات جوية أوقعت ضحايا بين المدنيين
وهدد الأردن مرات عدة بشن عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية في حال لم تعالج السلطات المحلية هذه المعضلة، وخلال الأشهر الماضية، نفذ سلاح الجو الأردني سلسلة غارات جوية طالت أهدافاً لمنازل ومصانع تجار ولصناعة المخدرات، إلا أنها أسفرت عن وقوع ضحايا من المدنيين، ما أثار استياءً شعبياً لدى الأهالي.
وخلال الأيام الماضية، تعرضت قرية الشعاب ومناطق أخرى من ريف السويداء لغارات جوية أردنية ضد أهداف لتجار ومصانع مخدرات، وهو ما أسفر عن وقوع ضحايا من المدنيين بينهم أطفال، وهو ما أدى بأهالي المنطقة لإصدار بيان موجه لعمان، أكدوا استعدادهم لمواجهة تجارة المخدرات لكن من دون تعريض حياة المدنيين للخطر، مع تأكيدهم على إبلاغ الجهات المعنية ضد أياً كان من يريد محاولة التهريب، وسط مناشدة السلطات الأردنية بتجنب قصف المناطق المأهولة بالسكان.
دمشق تندد بالغارات الأردنية للمرة الأولى
وبعد صمت دام أيام، أصدرت وزارة الخارجية في الحكومة السورية بياناً نددت فيه بالغارات الجوية الأردنية، واعتبرت أنه “لا مبرر” لمثل هذه الضربات الجوية التي يشنها الجيش الأردني في جنوب سوريا في إطار مكافحته لعمليات تهريب المخدرات.
ويشار إلى أن، الإدانة الرسمية السورية هذه، تعتبر الأولى في سياق العمليات الجوية الأردنية داخل الأراضي السورية.
وقالت الخارجية السورية، “سوريا تشدد على أنه لا مبرر لمثل هذه العمليات العسكرية داخل الأراضي السورية”، مشيرة إلى أنها “تحاول احتواءها حرصا منها على عدم التوتر أو التأثير على استمرار استعادة العلاقة الأخوية بين البلدين”.
وأضافت الخارجية: “سوريا تعرب عن الأسف الشديد من جراء الضربات الجوية التي وجهها سلاح الجو الأردني إلى قرى ومناطق عدة داخل الأراضي السورية” وآخرها غارات السويداء التي “ذهب ضحيتها عدد من المدنيين من الأطفال والنساء”.
واعتبرت دمشق أن التصعيد الأخير “لا ينسجم إطلاقا مع ما تم الاتفاق عليه بين اللجان المشتركة من الجانبين”، مؤكدة أن سوريا أبدت استعدادها “للتعاون مع المؤسسات المدنية والأمنية الأردنية إلا أن تلك الرسائل تم تجاهلها ولم نتلق ردا عليها ولم تلق أي استجابة من الجانب الأردني”.
الأردن يرد “سنستمر بالتصدي لهذا الخطر ولكل من يقف وراءه”
وبعد ساعات من البيان الرسمي السوري، أصدر الجانب الأردني “بياناً” وصف “بالرد على البيان السوري” جاء فيه، أن الجانب الأردني سيستمر في التصدي “لهذا الخطر ولكل من يقف وراءه”.
وسبق أن اتهمت عمان، جهات عسكرية سورية بالوقوف وراء عمليات تهريب المخدرات إلى داخل المملكة، ملمحة إلى “الفرقة الرابعة” و”حزب الله” والجانب الإيراني.
وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية سفيان القضاة، إن “الأردن زود الحكومة السورية خلال اجتماعات اللجنة المشتركة التي شكلها البلدان، بأسماء المهربين والجهات التي تقف وراءهم، وبأماكن تصنيع المخدرات وتخزينها وخطوط تهريبها، التي تقع ضمن سيطرة الحكومة السورية، إلا أن أي إجراء حقيقي لتحييد هذا الخطر لم يتخذ”، لافتا إلى أن “محاولات التهريب شهدت ارتفاعا خطيرا في عددها”.
عمان “تتوقع من دمشق إجراءات عملية وسريعة” لوقف تهريب المخدرات
وأضاف القضاة أن “عمليات تهريب المخدرات والسلاح من سوريا إلى الأردن، التي أدت إلى استشهاد وإصابة عدد من نشامى قواتنا المسلحة، تمثل تهديدا مباشرا لأمن الأردن سيظل يتصدى له بكل حزم حتى دحره بالكامل”.
وأكد المسؤول الأردني أن بلاده مستعدة للمضي قدماً مع الجانب السوري لوقف عمليات التهريب، ومحاسبة منفذيها وداعميها، ويتوقع من الأشقاء في سوريا إجراءات وخطوات عملية وفاعلة وسريعة ومؤثرة ضدهم”.
عمان “حريصة على أمن سوريا وخاصة محافظتي السويداء ودرعا”
وشدد على أن عمان حريصة على أمن كامل الأراضي السورية، وخاصة محافظتي السويداء ودرعا المجاورتين، وسلامة شعبها، ورفض أن تكون الحدود الأردنية مصدراً لتهديد الأمن السوري في أي يوم من الأيام، مع الاستمرار في الجهود لحل الأزمة في سوريا بما يضمن وحدة البلاد وسلامتها والتصدي للإرهاب والفوضى.
وهناك اعتقاد لدى الكثير من المراقبين والمتابعين، بأنه في حال استمرار عمليات التهريب من الأراضي السورية وعدم اتخاذ دمشق لخطوات جادة لوقفها، مع استمرار الغارات الأردنية على المواقع داخل الأراضي السورية، فإنه من المرجح أن تتأثر العلاقات بين دمشق وعمان، خاصة وأن نبرة المسؤولين الأردنيين تحمل “جانب تحذيري لدمشق” في حال عدم ضبطها للأمن في المناطق الجنوبية.
إعداد: رشا إسماعيل