أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – منذ سنوات تتحدث الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا عن “حصار مطبق” تفرضه قوات الحكومة السورية على مناطق تعرف باسم “الشهباء” وهي قرى وبلدات في ريف حلب الشمالي، تقطنها الغالبية الكردية، إضافة إلى عشرات الآلاف من المهجرين من منطقة عفرين المهجرين بفعل العمليات العسكرية التركية السابقة، والذين فروا نتيجة السياسات الممارسة ضدهم.
دمشق “تحاصر الشهباء”.. و “كارثة إنسانية وشيكة”
وتقول الإدارة الذاتية أن هذا الحصار يمهد لكارثة إنسانية وسط تحذيرات جدية من ذلك في ظل نفاذ المحروقات والأدوية والمواد الأساسية والغذائية، وهو ما يؤثر على عمل المؤسسات والمستشفيات والمواصلات والحياة اليومية للمواطنين في تأمين لقمة العيش، إضافة لانقطاع التيار الكهربائي ومياه الشرب.
وفي ظل عدم صدور أي رد فعل أو موقف من الحكومة السورية، تقول مصادر مسؤولة من الإدارة الذاتية أن هذا الحصار يهدف إلى إجبار الإدارة على قبول بعض الشروط من الحكومة، وأن رفض هذه الشروط هي وراء تشديد الحصار الذي وصل لمستوى أعلنت فيه الإدارة قبل يومين توقف العملية التعليمية في هذه المناطق.
“توقف العملية التعليمية بشكل كامل”
وخلال اليومين الماضيين، بدأ هذا الحصار بالتأثير على جوانب أخرى من الحياة، وخاصة التعليمية، حيث أعلنت “هيئة التربية والتعليم في مقاطعة الشهباء” بشكل رسمي تعليق الدوام في جميع قطاعات التعليمية، وأرجعت السبب في ذلك إلى “عدم توافر المحروقات ووقود المواصلات بسبب الحصار المفروض” من قبل قوات الحكومة السورية، كذلك منعها من دخول المحروقات إلى تلك المناطق.
كما أن الدوام تم تعليقه في كافة المدارس، بحسب “هيئة التربية والتعليم” إضافة إلى المعاهد وذلك إلى إشعار آخر، ولفتت الهيئة إلى أن هذه المدارس والمعاهد تأوي الآلاف من العوائل من أهالي عفرين الذين تم تهجيرهم بشكل قسري من مدينة عفرين إلى هذه المناطق. والتي فيها مخيمات يعاني قاطونها من سكان عفرين وريفها، من أوضاع إنسانية سيئة مع غياب دعم المنظمات الدولية والأممية، في وقت تقتصر ما يتم تقديمه على المنظمات والجهات المحلية التابعة للإدارة الذاتية.
“ظلام دامش”.. و “المستشفيات تكاد تخرج عن الخدمة”
ووفق مصادر إعلامية محلية، فإن الحصار المستمر لقوات الحكومة السورية على هذه المناطق، تسببت أيضاً بتوقف مولدات الكهرباء عن العمل وهو ما أدى لانقطاع التيار الكهربائي عن تلك المناطق، مع تحذيرات جدية من توقف مناهل مياه الشرب، وعمل المشافي والمراكز الطبية المنتشرة في المنطقة. وهو ما يضع حياة العشرات من المرضى في خطر.
وبحسب المصادر المحلية فإن أغلب أقسام “مشفى فافين” توقفت عن العمل بسبب نقص المحروقات، باستثناء الأقسام الحساسة التي فيها مرضى ويجب أن تواصل عملها، كـَ “العناية المركزة وحواضن أطفال حديثي الولادة”.
بدورها نقلت وكالة الأنباء الكردية “هوار” عن “الرئيس المشترك لهيئة البلديات في مقاطعة عفرين والشهباء محمد شيخو” أن الوضع التي تمر به المنطقة صعب جداً، وأضاف أن مهمتهم هي تقديم الخدمات للأهالي، لكن الحصار يعيق ذلك، وأشار إلى أن ذلك ليست المرة الأولى التي تقوم بها الحكومة السورية بفرض الحصار على المنطقة، حيث أنها تعيش ضمن هذا الحصار منذ 6 سنوات.
وبحسب ما قال شيخو، فإن الحكومة السورية عاودت لتشديد الحصار وهو ما أدى لتوقف مشاريع وخطط البلديات والتي تتعلق بإنشاء الطرق وصيانتها وعدم توفر مادة المازوت وهو ما سيؤزم الأمور مع اقتراب فصل الشتاء، ولفت إلى أن ساعات الإمداد بالتيار الكهربائي تم تخفيضها من 4 ساعات منح إلى ساعتين فقط.
“أزمات كبيرة مع قدوم فصل الشتاء”
وحذر المسؤول المحلي من أنه في حال عدم رفع الحصار على هذه المناطق فإنها على موعد مع “أزمات كبيرة خاصة خلال فصل الشتاء”، وناشد المنظمات الإنسانية والدولية بضرورة الدفع لإنهاء الحصار، وطالب بعدم التزام الصمت.
حصار قوات الحكومة السورية لا يقتصر فقط على منطقة “الشهباء”، بل يمتد إلى حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، وهما حيين تسيطر عليهما وحدات حماية الشعب الكردية، وذلك منذ 6 سنوات، وهذا أدى بدوره إلى نقص حاد في السلع الأساسية مثل الدقيق وأغذية الأطفال والبنزين، وانقطاع التيار الكهربائي وتعطل المولدات.
“المناطق المحاصرة هي من التي تضررت بالزلزال المدمر”
وتعتبر هذه المناطق المحاصرة من المناطق التي تضررت بفعل الزلزال الأخير الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا في شباط/فبراير الماضي، وحاولت الإدارة الذاتية حينها مراراً إدخال المساعدات الإنسانية التي كانت يجب أن تمر على حواجز “الفرقة الرابعة” لكن دون موافقة الأخيرة، والتي اشترطت الحصول على القسم الأكبر من هذه المساعدات الإنسانية حتى إدخال ما تبقى.
وسبق أن نددت منظمة “العفو الدولية” بالحصار المفروض من قبل قوات الحكومة السورية على قرى وبلدات “الشهباء” و حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، وشددت على أنه يتعين على قوات الحكومة السورية رفع الحصار المفروض على المدنيين في هذه المناطق.
وأكدت المنظمة في تقرير خاص، بالحصار المفروض على هذه المناطق، بأن هذه الممارسات لا يمكن وصفها “إلا بالوحشية” من قبل قوات الحكومة السورية، وأكدت أنها “تعيق إمكانية حصول السكان على الوقود وغيره من الإمدادات الأساسية”.
إعداد: رشا إسماعيل