أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تعيش محافظة درعا جنوب سوريا على صفيح ساخن، خاصة مع نوايا لقوات الحكومة السورية بإجراء تسويات ومصالحات جديدة لكل من لديه سلاح أو لم يخضع للتسويات السابقة، وسط مخاوف شعبية من عودة المعارك والعمليات العسكرية، مع توعد فصائل مسلحة محلية بقلب درعا إلى الجحيم في حال ضربها من جديد.
تسويات عديدة أجريت في درعا خلال 5 سنوات
ومنذ 2018، وبعد عمليات عسكرية لقوات الحكومة السورية شاركت فيها قوات إيرانية ومجموعات مسلحة موالية لها من جنسيات مختلفة، خضعت درعا للعديد من التسويات والمصالحات، وإعلان دمشق مراراً خلو المحافظة من السلاح الثقيل وغيره، إلا أن حالة الفلتان الأمني لم تهدأ وتصاعدت في الآونة الأخيرة مع تزايد ملحوظ في عمليات الاغتيال التي تطال عناصر أمنيين وضباط و متعاونين مع الأفرع الأمنية ومنضمين حديثاً للأمن إضافة لعناصر سابقة في فصائل المعارضة ومدنيين.
ما تعيشه درعا سببه “التسويات” وتمسك دمشق بالخيار العسكري والأمني
الحالة التي تعيشها محافظة درعا والتي كانت التسويات والمصالحات السبب الأكبر فيها، دفعت بدمشق للتفكير في إجراء تسويات جديدة، بدل من الحوار والتفاوض والوصول إلى نقاط متفقة عليها ترضي الجميع لإخماد أي صراع جديد يمكن أن يشعل المنطقة الجنوبية، إلا أنه ومع اعادة العلاقات العربية مع دمشق، واعتبار الحكومة نفسها منتصرة، فإن خيار التفاوض السلمي غير مطروح لديها، ويبدو أنها مصرة على العسكرة مهما كانت النتائج المستقبلية.
وكشفت مصادر محلية من درعا، بأن اللجنة الأمنية الحكومية طالبت أهالي المحافظة بتسوية أوضاع جديدة للمطلوبين للأجهزة الأمنية.
مسؤولين حكوميين يطالبون برفض تسويات جديدة
وقبل أيام، دعا مسؤولين حكوميين خلال اجتماع مع وجهاء من درعا المطلوبين لإجراء تسوية جديدة، ومن لا يرغب في ذلك سيتم تسهيل حصوله على إذن سفر خارج البلاد.
وأفادت المصادر، أن اللواء مفيد حسن قائد الفيلق الأول ورئيس اللجنة الأمنية في القوات الحكومية بدرعا، هدد بأن القوات سوف تقتحم المدن والبلدات التي ترفض التسوية.
وأشارت إلى أن هذه التسوية لن تتم عن طريق مراكز التسوية التي تحدثها القوات الحكومية في كل قرية، بل عن طريق المخافر أو المخاتير.
وذكرت أن مختار بلدة السهوة بريف درعا الشرقي أبلغ أهالي البلدة بالتسوية التي طلبتها القوات الحكومية ومن يرغب بتسوية وضعه أن يرسل له مفصل هويته الشخصية ويسلم سلاحه في حال كان لديه سلاح ويقوم المختار بإرسالها للقوات الحكومية التي سوف تجهز لكل مطلوب ورقة التسوية الخاصة به.
تعزيزات عسكرية.. ومخاوف من عمليات اقتحام
إضافة لذلك وفي مشهد يوحي بأن الأمور ذاهبة للتصعيد، دفعت قوات الحكومة السورية بتعزيزات عسكرية كبير إلى محافظة درعا، وذلك تمهيداً لقطع الطرقات في المحافظة، وسط تخوف المواطنين من اقتحام المناطق السكنية.
وفي التفاصيل، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، مساء الجمعة، بأن العشرات من الجنود من المهام الخاصة ومسلحين موالين لإيران وصلوا إلى الملعب البلدي بدرعا، وسط تخوف الأهالي من اقتحام المناطق السكنية.
وعلى صعيد متصل، استقدمت قوات الحكومة شاحنات عسكرية محملة بالأسلحة والجنود، إلى اللواء 52، ورفعت سواتر ترابية في منطقة المشتل والبحوث بين “طفس و اليادودة” بريف درعا، تمهيدا لقطع الطرقات وتطبيق الحصار لاجبار المواطنين على التسوية.
ولفت المرصد السوري إلى وجود رفض محلي لإجراء تسويات جديدة مع قوات الحكومة، حيث توعد ما يسمى ” ثوار الشرقية”، قوات الحكومة والمجموعات المسلحة الموالية لها، بتحويل درعا إلى جحيم في حال تعرض أي منطقة من حوران لهجوم تحت أي ذريعة كانت.
ناشطون: دمشق لا تعتبر نفسها مسيطرة فعلياً على درعا
وتحدث ناشطون لشبكة أوغاريت بوست الإخبارية، بان التعزيزات العسكرية التي وصلت حديثاً إلى المحافظة، وحديث الحكومة عن تسويات جديدة على الرغم من إجراءها 4 أو 5 تسويات خلال السنوات الماضية، هو دليل على نية دمشق فرض سيطرتها الفعلية على كامل هذه المناطق.
وأشارت الناشطون إلى أن دمشق لاتزال تعتبر أن سيطرتها على درعا “شكلية”، خصوصاً بعد أن توقفت التسويات في بعض المناطق بسبب رفض الأوساط الشعبية وفصائل المعارضة المسلحة للنقاط التي تحدثت عنها الأجهزة الأمنية، مشددين على أن دمشق تريد تصفية كل من يعارضها سواءً من لديه السلاح أم قام بتسليمه في المرات السابقة.
تحذيرات من سيطرة قوات إيرانية على المحافظة
كما حمل الناشطون مسؤولية ما يحدث في المحافظة من حالة فلتان أمني وتصاعد بعمليات الاغتيال للحكومة السورية وأجهزتها الأمنية، وذلك لهدفين، الأول “تصفية أكبر عدد ممكن من المعارضين” حتى الذين قاموا بالانضمام إلى صفوفها بعد التسويات الماضية، و تحميل فصائل المعارضة مسؤولية القيام بهذه العمليات التي تطال في بعضها عناصر وضباط في الأجهزة الأمنية.
وحذرت أيضاً من تمركز للقوات الإيرانية والمجموعات المسلحة الموالية لها من جنسيات مختلفة في المحافظة، والتي وصفوها “بالميليشيات الطائفية”، واعتبروا بأن هذه “الميليشيات” ستقوم بالانتقام بدافع “طائفي” من أهالي درعا، مطالبين بتدخل عربي ودولي لوقف دمشق عند حدها ورفض تطبيق تسويات جديدة.
إعداد: ربى نجار