أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – قالت المعارضة السورية أمل نصر إن مسألة إعلان تشكيل اللجنة الدستورية هي ورقة جديدة في تسويغ السلطة وشرعنتها قانونياً لصالح اللعب الذي تقوم به الدول الضامنة الثلاث بصيغة القرار ٢٢٥٤، مشيرة إلى أن الحيثيات التي طرحت من خلالها اللجنة الدستورية ليست إلا أضحوكة سياسية تصب في مصلحة انقاذ السلطة السياسية.
المعارضة السورية د. أمل نصر تحدثت خلال حوار خاص لشبكة أوغاريت بوست بشكل مفصل عن حيثيات إعلان اللجنة الدستورية والطريقة التي تم انتخاب أعضائها وقانونية تشكيل اللجنة في مسار آستانا وغيرها من المواضيع المتعلقة.
وأكدت أمل نصر أن هدف تشكيل اللجنة الدستورية هو شرعنة قانونية الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، لتمديد بقاء السلطة السياسية ذاتها، وهنا ستكون المعارضة السياسية إذا صح تسميتها بالمعارضة الوطنية – وهذا مشكوك به – قد استجابت لتكون شاهد زور على ما يسمي حلاً سياسياً للمسألة السورية.
واعتبرت نصر أن هذه الاجراءات “مضيعة للوقت .. لأن ما بني على خطأ فهو خطأ حتمي في النتائج”.
وأوضحت نصر أن سوريا لا يصلح لها دستوراً مضى عليه أكثر من 70 عاماً وأقصد هنا دستور ١٩٥٠ التي تكلمت عنه المعارضة مراراً وتكراراً. ولا دستوراً تم تفصيله على مقاس النظام السوري ورئاسته في عام ٢٠١٢.
وفيما يلي نص الحوار الكامل مع د. أمل نصر:
* كيف تقيمون موضوع على إعلان تشكيل اللجنة الدستورية السورية، وهل تعتبر إنجازاً في مسار حل الأزمة السورية؟
رغم ما تم طرحه وإعلانه في البيان الختامي لقمة الزعماء الثلاثة الضامنين (الروسي والتركي والايراني) التي عقدت مؤخرا في أنقرة، وتم التصريح بنتائجها في مؤتمر صحفي لزعمائها، وبما قاله وأكد عليه الرئيس بوتين في المؤتمر الصحفي عن التوافق والموافقة على أسماء اللجنة الدستورية، التي ستكون في جنيف قريباً .. إلا أنه فعلياً لم يتم الإعلان عن هذه الأسماء صراحة، التي تم التوافق عليها وعلى موعد بدء عمل اللجنة المشكلة منهم، وما هي آليات عملها. وكأننا نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً .. وبرأيي لن تكون هذه اللجنة في قوامها ونتائجها إلا ورقة جديدة في تسويغ هذه السلطة وشرعنتها قانونياً لصالح اللعب الذي تقوم به الدول الضامنة الثلاث بصيغة القرار ٢٢٥٤ الذي تم اختزاله وضوحاً إلى دستور وانتخابات رئاسية قادمة مجدداً بعام ٢٠٢١ في ظل هذه السلطة الديكتاتورية. وهنا مازال الوقت مبكراً على إيجاد هذه التسوية الهزيلة للجنة الدستورية في بدء عملها التي تعبر عن مصالح ضامنيها لأطراف النزاع السوري.
* هل تعتقدين أن الإطار الذي تم فيه تشكيل هذه اللجنة (مسار آستانا) قانوني، وماهي الطريقة الأصح لاختيار أعضاء اللجنة الدستورية في الحالة السورية ؟
أما عن الحيثيات التي طرحت من خلالها اللجنة الدستورية المؤلفة من (٥٠+٥٠+٥٠) ليست إلا أضحوكة سياسية تصب في مصلحة انقاذ السلطة السياسية في سوريا، والتي على ما أظن أنها ليست مُعرقلة من قبل هذه السلطة بالتحديد، بل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تخلص إلى اتفاق نهائي مع تركيا على إشراك حلفائها في المنطقة الشمالية الشرقية عبر التسوية السياسية في هذه اللجنة الدستورية بعد. وأقرب الظن أنها سوف تنجز هذه اللجنة مهامها قبل الانتخابات الرئاسية القادمة في عام ٢٠٢١، والتي من خلالها سيشرعن قانونياً وأممياً الحالة القانونية للانتخابات الرئاسية لسوريا.
وبالتالي لن تكون بوادر اجتماعات تلك اللجنة قبل بدايات أو ربيع العام القادم ٢٠٢٠ تمهيداً لصياغة تعديلات أو بعض الاصلاحات في دستور 2012، تتناسب والمرحلة القادمة لتمديد بقاء السلطة السياسية ذاتها .. وهنا ستكون المعارضة السياسية إذا صح تسميتها بالمعارضة الوطنية – وهذا مشكوك به – قد استجابت لتكون شاهد زور على ما يسمي حلاً سياسياً للمسألة السورية الذي تم اختصاره في اصلاحات دستورية وانتخابات برعاية قوى احتلال.
وإذا كنا نتحدث عن قانونية تشكيل هذه اللجنة بموجب آستانا أو تفاهمات سوتشي: نعم هي ضمن المسار المتفق عليه بين الدول الثلاث الضامنة مع بعض التباينات البسيطة بينهم. ولكن يبقى التفاهم مع الإدارة الأمريكية التي هي ظاهرياً خارج هذا المسار، والتي نستطيع أن نجزم أن تشكيلة اللجنة النهائية ستكون بعد موافقة الولايات المتحدة الأمريكية عليها. لأننا نعلم أن مجلس الأمن هو اتفاق وتوافق روسي امريكي على أي مسار ممكن صناعة حلوله، ولا يستطيع أي طرف منهما بمفرده التفرد في الحل. رغم أن مسار آستانا وسوتشي وجد فقط لتمرير الوقت، بينما يتم صناعة التوافقات الأمريكية الروسية، وهنا لا بد من الذكر أن ما يعيب المعارضة الملتحقة بمسار سوتشي وآستانا وهيئة التفاوض والمجتمع المدني المحسوب عليهم، تجاهل المواقف التي يتم شراؤهم بها ليكونوا رهن إرادات مشغليهم من تلك الدول وما يجري من لقاءات دستورية أو تمكينية تعقد هنا وهناك في عديد من الدول الأوروبية. هي خارج المسار والآليات التي عبر عنها القرار الأممي ٢٢٥٤ بوضوح أن اللجنة الدستورية التي ستكون مكلفة بإعداد مسودة دستور سوري هي من صلاحيات هيئة الحكم الانتقالي تحديداً في تعيينها وتحديد آليات وشكل عملها. لذلك كل ما يتم العمل عليه حالياً يتناقض كلياً مع القرار الأممي الذي يدعي الجميع أنه مفتاح الحل السوري. لكنه مفتاح على ما يبدو لأبواب غير سورية.
* ما رأيكم بالأسماء التي تم اختيارها، هل تمثل كل أطياف الشعب السوري وقواها السياسية، وهل يمكن تعديل الدستور الحالي في سوريا، أم تعتقدون أنه من الأفضل صياغة دستور جديد لسوريا المستقبل ؟
وأما التطرق للأسماء التي تم التوافق عليها وشكلانيتها فهو ليس إلا مضيعة للوقت .. لأن ما بني على خطأ فهو خطأ حتمي في النتائج. فكيف للجنة دستورية بدون هيئة حكم انتقالي. أن تكون فاعلة وبناءة وهادفة، وأقصد هنا تحديداً أشخاص المعارضة التي ليس لها علاقة بالدستور ولا بالقانون كتخصص ومهنية، ووضعت ضمن اللجنة لتكون أسماء صورية يحققون من خلالها شمولية اللجنة الدستورية لمكونات الشعب السوري وتوزعه المناطقي وقد يكون الديني والعشائري وهنا تظهر الهويات ما قبل وطنية في تشكيل اللجنة الدستورية. ولأن اللجنة الدستورية حسب رعاتها وضامنيها تكمن مهمتها في استخلاص اصلاحات دستورية فقط، يكون النظام هنا أبرع في خياراته للأسماء التي ستمثله في اللجنة لاختياره المختصين والمهنيين القانونيين فعلياً رغم أمنية خياراته، من الذين يدعموا أمنه ومواقعه بشكل قانوني ومهني … وبالتالي كل ما سينتج فيما لو تم عقد لقاءات للجنة الدستورية إلى نتائج تصب في خانة إصلاح دستور ٢٠١٢ وديمومة السلطة، وبعد ذلك سيتم عرض النتائج على برلمان السلطة السورية ضمن الشكل القانوني لهكذا مسار اصلاحي، وبالتالي ستكون اللجنة الدستورية شرعنة لكل أشكال عمل مؤسسات الحكم التشريعية والتنفيذية والقضائية المشكلة من قبل السلطة السورية، التي هي قانونياً صاحبة التوقيع النهائي على النتائج لإعلان العمل بها لشرعنة السلطة السياسية الحاكمة التي سوف تفرض روسيا وإيران عليها بعض التنازلات الشكلية لديمومتها.
نعم من المعيب علينا هنا أن نتحدث عن الدستور واصلاحاته في ظل أنظمة الاستبداد القائمة حالياً. وباعتقادي أن سوريا لا يصلح لها دستوراً مضى عليه أكثر من سبعون عاماً وأقصد هنا دستور ١٩٥٠ التي تكلمت عنه المعارضة مراراً وتكراراً. ولا دستوراً تم تفصيله على مقاس النظام السوري ورئاسته في عام ٢٠١٢. نحن نحتاج إلى دستور جديد فيه فصل كامل للدين عن الدولة وللسلطات الثلاث عن بعضها وباستقلالية كاملة تحفظ حق العدالة والمساواة في مواطنة كاملة ديمقراطية.
* ما هو شكل الحكم المناسب لسوريا الجديدة برأيكم ؟
أما عن شكل الحكم المناسب في سوريا المستقبل الذي نطمح أن نصل إليه قريباً خارج أطر الاحتلالات ومرتزقتها من كل الأطراف. أعتقد من خلال قراءاتي واطلاعي، إن هناك من الدراسات الهامة التي قدمت بهذا الشأن والتي يجب أن يقوم على قوة البرلمان والرئاسة معاً بلامركزية إدارية .. وأرى هنا في ما أعيشه لتجارب دول مثل فرنسا وسويسرا مع التفارق بينهما طبعا مثال واضح على ذلك.