أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تخيم الصراعات المسلحة بين فصائل المعارضة السورية على الشمال السوري المقسم بين “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” و فصائل “الجيش الوطني السوري” الموالي لتركيا، وهي صراعات باتت تؤرق المدنيين الذين يكونون هم أكبر الخاسرين فيها، كما تؤكد استمرار حالة الانقسام والخلافات بين المعارضة السورية على الرغم من كل المحاولات التركية دمج هذه الفصائل ضمن كيان عسكري واحد.
اجتياح عسكري وليس اقتتالاً عادياً
وغالباً ما تشهد مناطق سيطرة “الوطني السوري” الموالي لتركيا اقتتالات بين الفصائل على الرغم من قولهم إنهم “جيش واحد”، ويسقط قتلى وضحايا مدنيون وتدمر مقرات عسكرية وتقوم فصائل بالانتقام من أخرى عبر التفجيرات أو الاغتيالات، وبعدها يتم “الصلح” برعاية تركية “وكأن شيئاً لم يكن”.
وخلال الأيام الماضية شهد ريف مدينة الباب الخاضع لسيطرة القوات التركية وفصائل “الوطني السوري” اشتباكات عنيفة بين فصيلي “الجبهة الشامية” و “أحرار الشام”، وعندها ساد الاعتقاد بأن هذه الاشتباكات هي كاقتتالات التي تحصل غالباً بين الفصائل، لكن الشيء الغير مسبوق هذه المرة كان تدخل “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” (أقوى الجهات العسكرية السورية المعارضة) لصالح فصيل “أحرار الشام” على حساب فصيل “الجبهة الشامية”.
حيث اقتحمت “تحرير الشام” بعدة أرتال مناطق واسعة في عفرين، وسيطرت على مساحات واسعة من تلك المناطق حتى بات على بعد 6 كيلومترات من المدينة، دون أي تحرك تركي، ما أثار مخاوف محلية من سيطرة “تحرير الشام” على تلك المناطق وطرد فصائل “الوطني منها”.
هل يتوقف الجولاني عن اجتياح عفرين ؟
وبعد أيام من الاشتباكات بين تلك الأطراف، والتي أوقعت خسائر كبيرة في صفوفهم، توصلت تلك الأطراف لاتفاق برعاية تركية تعيد توزيع مناطق السيطرة في الشمال.
حيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن اجتماعاً عسكرياً عقد بين الفصائل المتقاتلة برعاية مباشرة من الاستخبارات التركية، في ريف حلب، وتوصلت تلك الأطراف على ضرورة إعادة انتشار عناصر “فيلق الشام” في قرى باصوفان وفافرتين وكباشين وبرج حيدر وبعيه في ناحية شيراوا، مقابل انسحاب فصيل الجبهة الشامية من مناطق سيطرة عليها مؤخراً في ريف مدينة الباب.
إضافة إلى إطلاق سراح جميع الأسرى بشكل فوري، وانسحاب الهيئة من قرى استولت عليها مؤخراً في ناحية شيراوا، يقابله انسحاب عناصر “الجبهة الشامية” من قرية عولان، مع الابقاء سيطرتها على قريتي تل بطال وعبلة بريف مدينة الباب، وانسحاب “أحرار الشام” من نقاط “الجبهة الشامية” بمدينة جرابلس.
ونص الاتفاق على إلغاء لجنة الصلح وكافة القرارات الصادرة منهم في قضية “أحرار الشام والجبهة الشامية” بريف حلب، وإحالة الملف إلى الاستخبارات التركية، بالإضافة إلى بقاء فصائل “هيئة ثائرون” المتواجدة على جبهات ريف إدلب وريف حلب الغربي.
وكان “هيئة ثائرون” هددوا بالانسحاب من كافة الجبهات مع قوات الحكومة السورية في ريفي إدلب حلب الغربي، بعد سيطرة الهيئة على قرى في منطقة “غصن الزيتون”، وتعهد الجانب التركي بإخراج الهيئة ومنعها من التقدم مستقبلاً في المنطقة.
سياسيون يرجحون موافقة تركية على سيطرة الهيئة على عفرين
وقال محللون ومتابعون أن تحرير الشام تدخلت لجانب “أحرار الشام” بهدف التمدد والتوسع في شمال سوريا ضمن مناطق سيطرة “الوطني” وبتواطؤ من بعض قيادات الفصائل فيه، حيث دخلت “تحرير الشام” بالكثير من المناطق دون قتال مع انسحاب الفصائل أمامها، ما جعل الهيئة بعيدة كيلومترات عدة عن مدينة عفرين.
ولمحت تلك الأطراف إلى احتمال وجود موافقة تركية على انضمام عفرين لمناطق سيطرة “تحرير الشام” ضلوع تركي في مسألة تمدد تحرير الشام، ورأوا أن الرفض الشعبي لسيطرة تحرير الشام على تلك المناطق دفعت القوات التركية لتغيير خططها (حسب رؤيتهم)، حيث خرجت تظاهرات غاضبة تندد وترفض بسيطرة الهيئة على مناطق فصائل المعارضة بعفرين.
مخاوف جدية من نقض الاتفاق وعودة الاشتباكات
ومع سيطرة الهدوء على تلك المناطق، يبقى الحذر والترقب حاضراً لدى الفصائل الموالية لتركيا من نقض جديد لتحرير الشام وأحرار الشام للاتفاقية التي رعتها تركيا، ومخاوف من أن ما جرى كان إنذاراً بأن تحرير الشام تفكر جدياً بالتمدد نحو مناطق سيطرة فصائل المعارضة وقد تكون تركيا داعمة لهذا التحرك.
يشار إلى أن قوات سوريا الديمقراطية “قسد” قد حذرت من “معارك وهمية” في ريف منطقة عفرين، الشهر الماضي، وذلك بعدما وردت أنباء عن نقل المئات من عناصر “تحرير الشام و حراس الدين” للريف الجنوبي للعفرين وذلك بالاتفاق مع الاستخبارات التركية خلال اجتماع بمدينة سرمدا بإدلب.
إعداد: علي إبراهيم