أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – كشفت تقارير إعلامية عن وجود خلاف بين دول التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، وذلك بسبب عدم اكتراث بعض الأطراف بالهجمات التي تشنها القوات التركية وفصائل المعارضة في “الجيش الوطني” على مناطق شمال شرقي سوريا، التابعة للإدارة الذاتية وقواتها العسكرية “سوريا الديمقراطية” (قسد).
تركيا تستنزف قسد وداعش هو المستفيد
الخلاف بين فرنسا والولايات المتحدة، وهما من أكبر الحلفاء لهذه القوات العسكرية، التي تعتبر الشريكة الوحيدة على الأرض في سوريا لمحاربة تنظيم داعش، ونشب بعد الجولة الأخيرة للهجمات التي شنتها القوات التركية عبر المدافع والطائرات المسيرة، والتي استهدفت مؤخراً قيادات في الصف الأول لمحاربة تنظيم داعش ومقاتلين، حيث كانوا في إجازة من مكان خدمتهم.
وقبل أيام استهدفت طائرة مسيرة تركية، سيارة تقل عدد من عناصر قسد، على طريق القامشلي – عامودا، بالقرب من مفرق علي فرو، وهو ما أدى لمقتل 4 عناصر بينهم قائد عسكري، وإصابة اثنين آخرين، وأكدت قسد، أن المقاتلين المستهدفين هم ممن شاركوا في العمليات العسكرية ضد داعش في سوريا وقضاء سنجار (شنكال) المنطقة العراقية التي يسكنها الإيزيديون.
ولفتت قسد في بيانها أن القوات التي تم استهدافها كانت لاتزال تحارب داعش وهم في الصفوف الأولى في الحرب ضد التنظيم في سوريا.
تركيا بدأت باستهداف قسد بعد منعها من شن الحرب
وخلال الأشهر الماضية، وخاصة بعد وقوف الأطراف المتدخلة في الأزمة السورية، بوجه النوايا التركية لشن عمليات عسكرية جديدة على مناطق الإدارة الذاتية ومحاربة قسد، بدأت أنقرة بشن هجمات انتقائية عبر الطائرات المسيرة تستهدف القادة والمقاتلين في صفوف قسد، وهم من ضمن القوات التي تقاتل داعش في سوريا، وهو ما أدى بالكثيرين للقول أن “تركيا تدعم داعش بشكل غير مباشر عبر استهداف قسد”.
قلق فرنسي من صمت واشنطن على استهداف قسد
وبالعودة للخلاف الأمريكي الفرنسي في شمال شرقي سوريا، نقلت “النهار العربي” عن “مصادر قالت خاصة”، أن الخلاف بين الطرفين يرتكز على “استنكاف الولايات المتحدة عن التحرك بما فيه الكفاية لوقف الهجمات التركية على تلك المنطقة، وعدم السعي لإيجاد مساحة تفاوضية ما بين تركيا والإدارة الذاتية، والتي تتطلب ضغطاً أميركياً على الطرفين، وهو ما لا تفعله الولايات المتحدة، كما يعتقد الطرف الفرنسي”.
وسبق أن أبدت الإدارة الذاتية استعدادها للحوار مع تركيا حول المشاكل والخلافات العالقة، شرط أن تقوم بالانسحاب من الأراضي “المحتلة” ومنها المناطق ذات الغالبية الكردية كـ “عفرين ورأس العين وتل أبيض”.
وأشارت “النهار العربي” إلى أن معلوماتها من “مصادر فرنسية وكردية رفيعة”، أكدت أن باريس قلقة من الأوضاع الأخيرة في شمال شرقي سوريا، خاصة مع تصاعد عمليات القصف التركي على قسد ومقارهم العسكرية، وفي الآونة الأخيرة استهدفت الطائرات المسيرة قيادات مدنية في مؤسسات الإدارة الذاتية.
داعش المستفيد الأكبر
وتخشى باريس من أن تؤدي الهجمات التركية المستمرة على هذه المناطق، من فقدان السيطرة لقسد عليها وبالتالي فسح المجال أمام تنظيم داعش وخلاياه الإرهابية من العودة من جديد، وهو ما تعتبره فرنسا خطراً على أمنها القومي والأوروبي بشكل عام.
ولاتزال قوات سوريا الديمقراطية برفقة التحالف الدولي، مستمرة بشن عمليات أمنية ضد خلايا لتنظيم داعش الإرهابي في أرياف الحسكة والرقة ودير الزور، بالتزامن مع تزايد نشاط التنظيم بشكل لافت، والهجوم الأخير الذي شنه على سجن الصناعة بمدينة الحسكة، والذي أكد أن داعش لايزال يشكل خطراً على أمن سوريا ودول الجوار والعالم، ويشكل خطراً على الرغم من الضربات التي تلقاها خلال الفترة الماضية، خاصة بمقتل عدد من قياداته الأوائل، بينهم المدعو أبو بكر البغدادي وهو “أمير التنظيم”.
واشنطن قادرة على حل الخلافات بين القامشلي وأنقرة
وبالعودة للخلافات الفرنسية الأمريكية، فإن باريس تشكك بجدوى السياسة الأمريكية وقدرتها على خلق “توازن دائم بين تركيا والإدارة الذاتية”، من خلال منع تركيا من شن حرب برية شاملة على مناطق شمال شرق سوريا، مقابل السماح لها بشن هجمات جوية وعمليات ضدّ المقاتلين في تلك المنطقة.
وتقول المصادر ذاتها، أن العمل جاري للعثور على آليات لضبط الحساسية والمخاوف التركية، من العلاقة بين قوات سوريا الديمقراطية و حزب العمال العمال الكردستاني، وتشير باريس إلى أن واشنطن وحدها القادرة على إيجاد حلول للمسارات، لكنها لا تفعل ذلك بسبب غياب أي استراتيجية أميركية بعيدة المدى، بشأن سوريا أو أي منطقة منها، وهو ما يثير قلقاً فرنسياً.
إعداد: ربى نجار