أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بات من المؤكد أن سوريا لن تستطيع تخطي وتجاوز هذه المرحلة الصعبة والانهيار الاقتصادي المتسارع لوحدها، بل يجب تظافر الجهود للدول العربية والصديقة لوقف الانهيار مع المجتمع الدولي، وإلا فإن السوريين على موعد من سقوط اقتصاد الدولة بشكل كامل، خاصة أن الحكومة السورية لا حلول لديها.
انهيار متسارع لليرة.. ولا حلول في الأفق
ومنذ نحو شهرين، بدأ الاقتصاد السوري والعملة المحلية بالانهيار، حيث أن سعر صرف الدولار الذي وصلت إليه الليرة خلال 12 سنة من الحرب والصراع المسلح على السلطة، يكاد أن يكون مضاعفاً خلال شهرين فقط، معنى ذلك، أن سعر صرف الدولار في الأول من تموز/يوليو الماضي، كان أقل من 9000 ليرة، بينما بعد فترة منتصف شهر آب/أغسطس الجاري وصل سعر الصرف إلى أكثر من 16500، مع استمرار تذبذب قيمة الصرف، حتى ساعة إعداد هذا التقرير.
وبات السوريون متأكدون تماماً أن الرهان على خطوات أو إجراءات تتخذها الحكومة لوقف والحد من الانهيار الاقتصادي باتت معدومة، أصلاً ليس لديها أي مقدرة على التدخل، ورهانها على الاستثمارات الخارجية العربية لن يتم كون هناك عقوبات أمريكية وقد تم استئنافها قبل أيام، وذلك بعد تعليقها لمدة 6 أشهر بسبب الزلزال الذي ضرب البلاد في شباط/فبراير الماضي.
الأسباب كثيرة.. والنتيجة انهيار الاقتصاد
ولا شك في أن للصراع المسلح على السلطة والإرهاب الذي ضرب البلاد إلى جانب العقوبات الغربية وقطع الدول العربية علاقاتها ورحيل استثماراتها ووباء كورونا والزلزال المدمر إلى جانب سياسات الحكومة الاقتصادية السيئة، كلها أسباب ودوافع أدت لهذا الواقع الاقتصادي المزري، الذي كان بدوره من الأسباب الرئيسية لهجرة الملايين لدول الشتات وأوروبا، في سبيل البحث عن لقمة العيش.
وبين الارتدادات السلبية للأزمات الدولية والأوضاع والسياسات الداخلية شديدة التعقيد وحتى الكوارث الطبيعية، يواصل الاقتصاد السوري دفع الفاتورة، بأن فقدت العملة المحلية أكثر من 99 بالمئة من قيمتها خلال العام الجاري.
“العقبة ليست العقوبات بل الإرهاب وتدمير البنية التحتية”
وكان الرئيس السوري بشار الأسد قلل من شأن العقوبات الغربية والأمريكية خاصة، في الضرر للاقتصاد السوري، حيث أشار في حديث مع “شبكة سكاي نيوز عربية” أنهم تمكنوا “بعدة طرق” من تجاوز قانون قيصر، والذي لفت إلى أنه ليس العائق الأكبر، كما شدد على أن صورة الحرب تمنع أي مستثمر من القدوم للتعامل مع السوق السورية.
وأكد الرئيس السوري أن “العقبة الأكبر هي تدمير البنية التحتية من قبل الإرهابيين”، إضافة إلى “الزمن، بالاقتصاد تستطيع أن تضرب علاقات اقتصادية وتهدمها خلال أسابيع أو أشهر ولكنك بحاجة أيضاً لسنوات لاستعادتها”.
“سوريا لوحدها لن تنجح بالخروج من الأزمة”
وخلال حديث لشبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية مع خبراء في الاقتصاد السوري من العاصمة دمشق (فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم خوفاً من دواعي أمنية)، أن سوريا بمفردها لن تستطيع تجاوز هذا الوضع الاقتصادي الصعب، حيث أن هناك معدلات التضخم المرتفعة والتي بلغت في مستويات سابقة إلى 150 بالمئة، ضمن أسوأ معدلات التخضم المعيشي العالمي.
مشيرين إلى أن الليرة فقدت أكثر من ثلثي قيمتها خلال شهرين، وهذه الخسائر الكبيرة بالقيمة أسفرت أيضاً عن تراجع أكبر بالقدرة الشرائية للمواطنين، في ظل عدم توزان بين الرواتب والأجور والأسعار المرتفعة بشكل كبير في الأسواق.
“زيادة الرواتب أثرت سلباً على الواقع الاقتصادي”
ولفتوا إلى أن مرسومي رفع الأجور والرواتب الذي صدر قبل يومين زاد الأوضاع سوءاً، حيث أنه لا يلبي الحد الأدنى لحاجة الأسرة من العيش بأقل التكاليف وكان السبب أيضاً في ارتفاع الأسعار بما في ذلك المحروقات، التي ستؤثر على كافة جوانب الحياة.
“استعادة آبار النفط لن يحل المشكلة”
ودائماً ما كان مسؤولي الحكومة يلمحون إلى أن الاقتصاد سيشهد تحسناً كبيراً في حال وصول الدولة للموارد البشرية، إلا أن هذه الأوساط الخبيرة في الاقتصاد لم تؤيد هذه النظريات، حيث أنه حتى مع وصول الدولة إلى الموارد الطبيعية من آبار النفط وغيرها، فلن تستطيع الحد من انهيار الليرة، كون هناك قيود على أي دولة أو طرف من التعامل مع الحكومة السورية بشكل يمكنها من الاستمرار في الحرب، وهو ما ينص عليه بنود قانون قيصر الأمريكي، وبذلك فإن أي دولة أو طرف لن تتجرأ على التبادل التجاري مع سوريا.
“توقعات بوصول سعر الصرف لأكثر من 20 ألفاً”
ووفق تحذيرات سابقة من أن العملة المحلية قد تشهد المزيد من الانهيار، أكد الخبراء لشبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية أن “هذا ممكن جداً.. كون سوريا دولة مستوردة وليست مصدرة”، وأن المركزي لن يستطيع التدخل بسبب نقص و عدم وجود العملة الصعبة، وتوقعوا بأن يصل سعر الصرف إلى 20 ألفاً أو أكثر حتى نهاية الشهر الجاري.
إعداد: علي إبراهيم