أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – شهدت الليرة السورية خلال الفترة الماضية تحسناً طفيفاً دام أياماً عدة، وذلك بعد مرحلة الانهيار المتسارع والتاريخي ووصول سعر الصرف إلى أكثر من 16500 ليرة سورية لكل دولار أمريكي واحد، بينما عادت العملة للانخفاض أمام العملات الأجنبية خلال الأيام الماضية، وهو ما أدى للاعتقاد أن مرحلة جديدة من السقوط الحر قد بدأت.
“مرحلة انهيار جديدة بدأت”
الكثير من الخبراء الاقتصاديين، يحذرون من أن المرحلة القادمة ستشهد المزيد من الانهيار لقيمة العملة المحلية، وأن ذلك سيكون له تأثير بشكل كبير على حياة المواطنين وأوضاعهم المعيشية خاصة مع تدني الأجور والرواتب، وانخفاض القوى الشرائية للمواطن، وسط التلميح بأن سعر الصرف قد يتعدى الـ20 ألفاً خلال الأشهر القادمة.
الحديث عن موجة انهيار جديدة لقيمة العملة لم يكن حديث الخبراء الاقتصاديين فقط، بل حتى المسؤولين في الحكومة السورية، حيث قال عضو غرفة تجارة دمشق، فايز قسومة، أن هناك تصريحات رسمية تدل على وجود عجز كبير في الميزانية وكأن ذلك تمهيد لكي يصبح سعر صرف الدولار بـ 25 ألف ليرة سورية.
“العجز سيصل إلى 50 ألف مليار ليرة والدولار سيتخطى الـ25 ألفاً”
وفي تصريحات له لوسائل إعلامية محلية، قال “عضو غرفة تجارة دمشق فايز قسومة”، أن “الأرقام تدل أن العام القادم سيصبح العجز 50 ألف مليار”، مشيراً إلى أن الميزانية كلها لا تصل إلى هذا الرقم الكبير، معتبراً أن الحديث عن هذا العجز وكأن الحكومة تقول “بأن سعر صرف الدولار سيصل العام المقبل إلى 25 ألف ليرة سورية”.
وخلال الأيام الماضية رفعت الحكومة السورية مرة أخرى أسعار المحروقات ومشتقاتها، بعد الزيادة الأخيرة قبل أسبوعين، حيث أدت الزيادة الأولى على الأسعار والتي تزامنت مع مرسوم زيادة الرواتب وأجور العاملين في الدولة، لخروج احتجاجات شعبية في مدن الجنوب السوري ومناطق أخرى تنديداً بالقرارات الاقتصادية الحكومية ورفع أسعار المحروقات.
“رفع أسعار المحروقات للتغطية على زيادة الرواتب”
وحول رفع أسعار المحروقات مرتين خلال أقل من 15 يوماً، قال عضو غرفة تجارة دمشق، أن الحكومة السورية صرحت أنها بحاجة لـ11 مليار ليرة لتغطي زيادة الرواتب، وهو ما أدى لرفع أسعار المشتقات النفطية، وأضاف أن الحكومة لم تكشف عن حجم الأموال التي تجمعها كل يوم، علماً أن هناك أناس يقولون أنها تجمع أكثر من 40 مليار ليرة سوريا في كل يوم.
وخلال حديث عضو غرفة تجارة دمشق كان واضحاً بأن الزيادة الأخيرة التي نص عليها المرسوم، لم ترتقي للأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة، وقال “يجب أن يكون لدى الحكومة قاعدة بيانات تضم الأسر الأكثر هشاشة أو الفقيرة وأن تقدم لهم بما يعادل زيادة الراتب وإلا سيكون هناك أناس ضدنا بالفكر لأنهم جائعين وفقراء”، وتسائل “هل نحن بحاجة إلى ذلك” ؟.
“زيادة الرواتب يجب أن تكون 200 بالمئة”
وشدد قسومة على أنه يجب رفع الرواتب بنسبة 200 بالمئة، وقال “لايجوز أن يذهب رفع الدعم للميزانية بل يجب أن يزيد الراتب 200% وإيجاد حل للأسر الفقيرة، علماً أنه من الضروري تحسين بيئة العمل حتى نتجاوز هذه الأزمات حيث تحتاج السيارة 200 ليتر بنزين بالشهر ثمنهم 2 مليون ليرة سورية”.
ولا شك في أن سياسات الحكومة السورية الداخلية الاقتصادية، ساهمت كثيراً في الانهيار الاقتصادي الحالي، وما زاد الوضع سوءاً انهيار قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية وخاصة الدولار الأمريكي، ووصولها لمستويات قياسية.
كما لم تتخذ الحكومة أي إجراءات للحد من هذا الانهيار، بينما ذهب الكثير من الخبراء الاقتصاديين إلى أن “الحكومة ليس لها أي مخططات ولا إجراءات ولا حتى سياسة لمواجهة الانهيار الاقتصادي الحالي”.
“سوريا لن تستطيع الخروج من هذه الأزمة لوحدها”
وبات من المؤكد أن سوريا لن تستطيع تخطي وتجاوز هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة بمفردها، بل تحتاج إلى دعم عربي وإقليمي لوقف الانهيار، وهذا أيضاً غير ممكن مع عودة العقوبات الأمريكية والتي تمنع أي تعامل مع الحكومة السورية، حيث أن هذه العقوبات تعرض من يتعامل مع دمشق لخطر الإدراج ضمن هذه العقوبات، وهو ما يعني أن السوريين أمام كارثة اقتصادية ستحصل قريباً.
ووفق تحذيرات سابقة من أن العملة المحلية ستشهد المزيد من الانهيار، أكد خبراء لشبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية أن “هذا ممكن جداً.. كون سوريا دولة مستوردة وليست مصدرة”، وأن المركزي لن يستطيع التدخل بسبب نقص و عدم وجود العملة الصعبة، وتوقعوا بأن يصل سعر الصرف إلى أكثر من 20 ألفاً حتى نهاية الشهر الجاري.
إعداد: علي إبراهيم