أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لم يتوقف التصعيد العسكري من قبل أطراف الصراع في سوريا خلال وبعد كارثة الزلزال الذي ضرب شمال البلاد وجنوب تركيا، حيث بقيت أصوات المدافع والصواريخ والطائرات تدوي في الأجواء السورية وحتى في تلك المناطق المنكوبة، التي لم تشفع حالة سكانها المتضررين جراء الزلزال لوقف هذا التصعيد على الأقل إلى ما بعد تجاوز هذه الفاجعة.
إضافة لهذا التصعيد العسكري من قبل أطراف الصراع على السلطة، زاد تنظيم داعش الإرهابي وخلاياه النائمة من نشاطهم في مختلف المناطق، وسط تحذيرات جدية من استغلال هذا التنظيم للأوضاع الحالية والانتشار بشكل أكبر.
الشمال المنكوب.. التصعيد العسكري زاد من حدة الكارثة
وضمن المناطق الأكثر تضرراً جراء الزلزال، شهدت عمليات قصف واشتباكات عنيفة بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة، واستهدفت قوات الحكومة بالمدافع والصواريخ مناطق متفرقة من شمال غرب البلاد، منها الأحياء السكنية، ومحيط مدرسة مغلقة في بلدة النيرب شرقي إدلب، إضافة لمنطقة معرة مصرين ومحيط مخيم “الفروسية” قرب بلدة الفوعة، والجهة الغربية لمدينة بنش، وقرية آفس وأطراف مدينة سرمين، بالتزامن مع تحليق للطيران الروسي والإيراني في سماء المنطقة.
التصعيد الأخير لقوات الحكومة، جاء بعد “عملية انغماسية” لـ”هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” والذي طال نقطة عسكرية لقوات الحكومة في قرية الربيعة بريف اللاذقية الشمالي.
وبحسب إعلام المعارضة فقد أسفرت هذه العملية عن مقتل ما لا يقل عن 10 عناصر وإصابة آخرين، مع خسائر مادية.
فلتان أمني واقتتالات في مناطق “الوطني السوري”
أما في مناطق سيطرة فصائل “الجيش الوطني” الموالي لتركيا، استمرت حالة الفلتان الأمني مع حدوث اقتتالات جديدة، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، مساء الخميس، باندلاع اشتباكات مسلحة بين “لواء أحرار شمر” التابع لـ “فرقة الحمزة” من جهة، ومسلحي “الفيلق الثالث” من جهة أخرى، قرب قرية العمية بريف الباب شرقي حلب، دون معرفة أسباب الخلاف.
وأسفرت الاشتباكات عن إصابة عنصر من ” أحرار شمر” أثناء مطاردته وتبادل إطلاق النار بين العناصر، فيما حاصر مسلحو الفصائل القرية، تزامناً مع استمرار التوتر والاشتباكات، وسط حالة الهلع في صفوف المدنيين من نساء وأطفال في القرية.
سبق ذلك بأيام إصابة عنصر يتبع لـ حركة “أحرار الشام الإسلامية” التابعة لفصائل “الجيش الوطني” بجراح، جراء استهدافه بالرصاص من قبل مسلحين من “آل رومو”، تزامناً مع مروره بسيارة عسكرية بالقرب من دوار “خالد بن الوليد” في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، ضمن منطقة “درع الفرات”.
القوات التركية تزيد من هجماتها على الشمال الشرقي
الشمال الشرقي من سوريا لم تكن هذه المنطقة أيضاً بعيدة عن التصعيد العسكري، ولكن من قبل تركيا، التي صعدت وتيرة قصفها على مناطق في أرياف الحسكة والرقة وحلب.
وذكرت تقارير إعلامية محلية عن تنفيذ القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها لـ97 هجوم أسفر عن سقوط ضحايا من المدنيين وإصابات بين العسكريين وقوى الأمن الداخلي.
وبحسب هذه التقارير فإن القرى التي تعرضت للقصف هي “سموقة، تل مضيق، سدّ الشهباء، شيخ عيسى، حربل، بيلونية، كفر ناصح، مرعناز، الوحشيّة، تل رفعت، خراب شمس، كلوتيه”. وهذه القرى المذكورة تضررت وقريبة من المناطق المنكوبة جراء الزلزال الأخير.
إضافة لاستهداف بلدة تل رفعت بقذائف الهاون ما أسفر عن مقتل مدني، بحسب وكالة الأنباء الكردية “هوار” وإصابة آخرين.
مع عملية قصف نفذتها الطائرات المسيرة استهدفت سيارة عسكرية بالقرب من الجهة الشرقية لمدينة القامشلي شمال شرق محافظة الحسكة، أسفرت عن قتلى وإصابات أيضاً.
داعش يستغل الكارثة ويزيد من نشاطه
تنظيم داعش الإرهابي بدوره لم يكن بعيداً عن الميدان والصراع القائم في سوريا، حيث شهد شهر شباط/فبراير الماضي، عدداً من هجمات التنظيم في منطقة البادية السورية، ففي صبيحة الـ 15 من الشهر الجاري، تعرض العشرات من المدنيين الذين يعملون في جمع الكمأة في بادية تدمر لهجوم دموي، أعدم على أثره 12 شخص بينما لايزال مصير 63 آخرين مجهولاً.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان أن المختطفين بينهم نساء وغالبيتهم العظمى من عمال جمع الكمأة، إضافة لعنصر من قوات الحكومة السورية.
كما قتل عنصر من قوات سوريا الديمقراطية متأثرا بجراحه أصيب بها جراء هجوم نفذته خلايا التنظيم على أحد الحواجز العسكرية في بلدة الصبحة بريف ديرالزور، إضافة لمقتل 6 مدنيين وإصابة العشرات بانفجار عبوة ناسفة، بسيارة تقل جامعي الكمأة بريف ديرالزور، يعتقد أن خلايا التنظيم من زرعها.
وقالت مصادر محلية، إن الانفجار وقع في منطقة كباجب جنوبي دير الزور، بينما تم نقل الجرحى إلى “مشفى الأسد” في دير الزور.
وظن الكثيرون أن كارثة الزلزال التي حلت بالسوريين قد تكون بوابة لتقارب أطراف الصراع على السلطة وتوقف الأطراف الخارجية بالتدخل في شؤون هذه البلاد، ولعلها تعيد الملف السوري إلى الأوساط الدولية والأممية ووضع هذا الملف على سكة الحل السياسي، لكن من الواضح أن السياسة والأجندات والمصالح لكل الأطراف داخلياً وخارجياً هي أكبر وفوق الدم والمعاناة السورية.
إعداد: علي إبراهيم