أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – كان لافتاً تصريحات الملك الأردني عبدالله الثاني حول مدى تحكم وسيطرة الحكومة السورية على كامل البلاد، وهو ما اعتبره الكثيرون تصريحات تعبر عن انزعاج أردني من عدم تحقيق أي تقدم في مطالبها لدمشق، و”انتكاسة في العلاقات بين الطرفين” التي عادت لسابق عهدها قبل 3 سنوات، مشددين على أن سوريا باتت مشكلة بالنسبة للمملكة وخاصة تجارة المخدرات العابرة للحدود التي تهدد أمنها وأمن دول الجوار.
“لا أعرف مدى سيطرة الأسد على سوريا”
وسبق أن شكك الملك الأردني عبد الله في “سيطرة الرئيس السوري بشار الأسد على سوريا” وقال “أعتقد أن بشار لا يريد أن يحدث ذلك، ولا يريد صراعاً مع الأردن. لكن لا أعرف مدى سيطرته”، وذلك خلال حديثه ضمن فعالية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف الملك الأردني أن المشكلة الكبرى التي تواجههم في سوريا هي “تجارة وتهريب المخدرات والأسلحة من سوريا إلى الأردن”.
جهود كبيرة للأردن في سوريا.. وعمان قلقة من الجنوب
وقادت الأردن خلال الفترة الماضية جهوداً كبيرة لحل الأزمة السورية، ولعبت دوراً أساسياً في عودة دمشق إلى الجامعة العربية، ولاتزال تسعى لحل الأزمة وفق مقترح تم تقديمه تحت مسمى “خطوة مقابل خطوة” والذي يتوافق تماماً مع القرار الأممي 2254، وكل ذلك بهدف وضع حد لهذا الصراع الذي بات يشكل خطراً على أمن واستقرار المملكة.
ولا تخفي عمان مخاوفها من الأوضاع الأمنية السيئة في الجنوب السوري، وانتشار عصابات المخدرات وتجار الأسلحة، إضافة لوجود مجموعات مسلحة تابعة لإيران، حيث أن هذه من الأسباب الرئيسية التي أدت لتوتر العلاقات بين الطرفين من جديد، إضافة إلى حديث رسمي أردني أكثر من مرة من وجود دعم وتنسيق عسكري مع عصابات المخدرات وتجارة الأسلحة لنقلها إلى الداخل الأردني وذلك عبر أنفاق ممتدة من جنوب شرقي السويداء إلى جنوبي درعا.
“النفوذ الإيراني والمخدرات وعدم تنفيذ مطالب العرب”
كما أن المخاوف الأردنية تتعاظم بشكل أكبر في وقت يتعاظم النفوذ الإيراني في الجنوب، مع تأكيدات على أن طهران ومجموعاتها المسلحة تعمل لزعزعة أمن واستقرار المملكة عبر نشر السلاح والمخدرات والمتطرفين، وامكانية شن ضربات على إسرائيل، وبالتالي تتحول المناطق الشمالية الأردنية/الجنوبية السورية، لساحة صراع إيراني إسرائيلي.
كما أن الأردن غاضبة من دمشق، خاصة بعد عدم قيام الأخيرة بأي خطوات لتنفيذ المطالب العربية في إطار جهود لجنة الاتصال الوزارية العربية الخاصة في سوريا والمتعلقة بتسهيل عودة اللاجئين من دول الجوار، في وقت الحديث عن إيقاف أعمال هذه اللجنة بعد الاجتماع الأخير بين وزراء خارجية اللجنة، وما تم الكشف عنه “بتوبيخ” تعرض له الوفد السوري من وزير الخارجية المصري، كون دمشق لا تلتزم بأي من المطالب ولا الشروط المطلوبة، والتي من المفترض إنها ستنفذها في حال عودتها للجامعة العربية.
“العرب ينتظرون ردة فعل دمشق”.. و “دمشق تنتظر العرب”
وينتظر العرب ردة فعل لدمشق على ما قدموه في الأشهر الماضية، من عودة العلاقات واستعادة دمشق لمقعدها في جامعة الدول العربية، حتى يتم الإقدام على خطوات أخرى كـَ محاولة الغرب على تعليق أو رفع العقوبات والمساندة في تهيأة الأوضاع لإعادة اللاجئين السوريين والحل السياسي في البلاد.
انتكاسة العلاقات بين دمشق وعمان لم تكن من الجانب الأردني فقط، بل الجانب السوري أيضاً كان له بعض الملاحظات، من حيث تواصل المسؤولين الأردنيين مع قادة فصائل المعارضة السابقين في الجنوب، إضافة لدعم غير مباشر تقدمه المملكة للحراك الشعبي السلمي في السويداء.
وهو ما بات نقطة خلاف رئيسية بين الطرفين، ففي حين أن عمان تطالب من دمشق، بمكافحة المخدرات وعمليات التهريب والأسلحة من الحدود والحد من النفوذ الإيراني، فإن دمشق لها مطالب أيضاً بوقف أي تواصل مع قيادات معارضة عسكرية وسياسية في الجنوب السوري، ووقف أي دعم للحراك السلمي في السويداء.
“خيارات مفتوحة” و “تريث أردني”
وقدمت دمشق في أوقات سابقة بعضاً من العروض للأردن من حيث عدم اعتراضها على أي ضربات يتم توجيهها داخل الأراضي السورية ضد مستودعات و نقاط تتمركز فيها عصابات مسلحة تعمل على نقل المخدرات والأسلحة، إضافة إلى مقترح تشكيل لجنة عسكرية وأمنية مشتركة بهدف مراقبة الحدود.
إلا أن الأردن يبدو أنه يتريث في التعامل مع أي مقترحات جديدة لدمشق، خاصة بعد فشل جهود لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا، وعدم تحقيقها لأي نتائج والحديث عن إيقافها.
وسبق أن هدد المسؤولين الأردنيين أكثر من مرة من أن عدم جدية دمشق في محاربة المخدرات وتهريب الأسلحة عبر الحدود قد يدفعهم للتدخل العسكرية بأنفسهم وإنهاء هذا التهديد العابر للحدود، إضافة إلى امكانية المطالبة بمساعدة تقنية أمريكية في ذلك.
إعداد: علي إبراهيم