أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – مع استمرار الحرب في سوريا والصراع المسلح على السلطة بين الحكومة والمعارضة وفي ظل غياب أية بوادر للحلول السياسية، تزداد نسبة الفقر في البلاد بشكل كبير، خاصة مع زيادة التدهور الاقتصادي واستمرار انهيار الليرة أمام العملات الأجنبية وخاصة الدولار الأمريكي، وهو ما يؤثر سلباً على حياة المواطن اليومية، التي يشقى في تأمين احتياجاته في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار وعدم وملاءمتها مع الدخل الشهري.
نحو 70 بالمئة من السوريين فقراء
تقارير أممية ودولية عدة سلطت الضوء على نسبة الفقر في سوريا مع استمرار الحرب في البلاد، بينما حذرت بعضها من أن أكثر من 12 إلى 14 مليون مواطن سوري بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وكان آخر هذه التقارير ما نشرته منظمة برنامج الأغذية العالمي، الذي شدد على حاجته لأكثر من 400 مليون دولار أمريكي لتلبية الاحتياجات الإنسانية في سوريا خلال الأشهر الـ6 القادمة.
البنك الدولي بدوره كشف في تقرير له عن مستوى الفقر في سوريا، وأشار إلى أن ما نسبته 69 بالمئة من المواطنين السوريين يعيشون في “الفقر”، وتوقع البنك الدولي في تقريره باستمرار الانكماش الاقتصادي خلال العام الجاري 2024، الذي يعتبر عاماً عاد فيه التصعيد العسكري في المناطق الشمالية، وزادت حالة الفوضى والفلتان الأمني في مناطق الداخل والجنوب، إضافة إلى وصول سعر صرف الليرة أمام الدولار الأمريكي إلى أكثر من 15300 ليرة لكل دولار واحد.
“14.5 مليون سوري يؤثر عليهم الفقر”
تقرير البنك الدولي الذي حمل عنوان “المرصد الاقتصادي لسوريا ربيع 2024، الصراع والأزمات وانهيار رفاهية الأسرة”، أوضح إن الفقر يؤثر على نحو 14،5 مليون سوري، فيما يؤثر الفقر المدقع الذي لم يكن موجوداً تقريباً قبل الأزمة، على أكثر من واحد من كل 4 سوريين بحسب إحصائية لعام 2022.
وأضاف التقرير، أن الفقر في سوريا، له دلالة مكانية قوية، حيث أنّ أكثر من 50% من الفقراء المعدمين يعيشون في ثلاث محافظات فقط، هي حلب وحماة ودير الزور، في حين تظهر محافظات شمال شرقي البلاد أعلى معدلات الفقر، فيما كانت الأسر التي ترأسها نساء والأسر النازحة داخلياً الأكثر عرضة لخطر الفقر.
عوامل عدة ساهمت في إفقار السوريين
يشار إلى أن مناطق سيطرة الحكومة السورية تعتبر الأكثر فقراً من بين المناطق السورية، تليها مناطق نفوذ المعارضة، وتلك الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية”، حيث أن نسبة الفقر في مناطق سيطرة الحكومة السورية تكاد تتجاوز الـ90 بالمئة، مع تدني الأجور والرواتب الشهرية التي لا تصل متوسط راتب المواطن الشهري فيها إلى 15 دولار أمريكي أو نحو 200 ألف ليرة سورية.
وكانت لكارثة الزلزال المدمر الذي ضرب شمال البلاد في شباط/فبراير من العام الماضي، تأثيراً كبيراً على الأسر السورية، التي بقي الكثير منها بلا مأوى وباتوا في المخيمات وفقدوا مصادر رزقهم وعيشهم في ظل اعتمادهم على ما تقدمه المنظمات المحلية والدولية والأممية التي لا تكاد تكفي احتياجاتهم لنصف شهر.
“زيادة تآكل رفاهية الأسر السورية”.. والنمو الاقتصادي سيبقى ضعيفاً
بينما لفت تقرير البنك الدولي إلى زيادة تآكل رفاهية الأسر السورية في السنوات الأخيرة، وأشار إلى أن كارثة الزلزال كان لها دور كبير في ارتفاع نسبة الفقر في البلاد وخاصة المناطق المتضررة، بالإضافة إلى عوامل خارجية متعدّدة بما في ذلك الأزمة المالية في لبنان 2019 وجائحة كورونا والحرب في أوكرانيا.
وذكر البنك الدولي في تقريه أيضاً، أنّ الاستهلاك الخاص، الذي هو المحرك الرئيسي للنمو، سيظل ضعيفاً مع استمرار ارتفاع الأسعار وتآكل القوة الشرائية، ومن المتوقع أن يظل الاستثمار الخاص ضعيفاً، وسط وضع أمني متقلب، وحالة كبيرة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي.
الأمم المتحدة: نحتاج لـ471 مليون دولار لإرسال المساعدات للسوريين
يشار إلى أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ذكر في آخر تقرير له الخميس الماضي، عن حاجته إلى 471 مليون دولار أمريكي للأشهر ال6 المقبلة في سوريا، مع تزايد أعداد السوريين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وأوضح البرنامج أن أسعار المواد الغذائية مستقرة خلال أبريل، لكنها أعلى بنسبة 87% عما كانت عليه قبل عام، ولا تستطيع الأسر التي تحصل على الحد الأدنى للأجور شراء سوى 29% من احتياجاتها الغذائية.
12.9 مليون سوري يواجهون انعدام الأمن الغذائي
كما أن 740 ألف سوري تلقوا مساعدات البرنامج العالمي خلال أبريل في ظل وجود 7.2 مليون نازح داخلياً ومعاناة 12.9 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي، مع معاناة 3.1 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي الشديد، بحسب التقرير.
ولفت البرنامج إلى أن 75% ممن ساعدهم في سوريا خلال أبريل الماضي، ساعدهم بالوجبات المدرسية.
وأشار التقرير إلى أن عدم وضوح التمويل لعام 2024 والشكوك المحيطة بالمساهمات المتوقعة، مما يعيق التخطيط لبرنامج المساعدة الغذائية الطارئة.
وتعتبر الكثير من التقارير الدولية الأممية المعنية بالأوضاع المعيشية للدول التي تشهد حروباً وصراعات وأزمات، أن ما نسبته 90 بالمئة من الشعب السوري يعيشون تحت خط الفقر، وأن هناك أكثر من 12 مليون مواطن سوري بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية بصورة عاجلة.
إعداد: علي إبراهيم