أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – كشفت تقارير استقصائية لجهات حقوقية سورية معلومات وصفت “بالصادمة” عن معتقلين في سجن صيدنايا، سيء الصيت، الذي قضى فيه المئات من المواطنين السوريين، من شبان ورجال وسيدات وأطفال حتى، وذلك تحت التعذيب الشديد، وصولاً إلى دفنهم من قبل السجانين “بصمت” و بشهادات وفاة مزورة لم تذكر الأسباب الرئيسية للموت.
“دفنوهم بصمت” ومستشفى تشرين العسكري يتحول “لمصنع موت”
وفي تقرير “لرابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” المستند إلى 154 مقابلة أجريت مع 32 شخصاً، وذلك تحت عنوان “دفنوهم بصمت”، حيث يكشف التقرير دور المشافي العسكري والمخابرات العسكرية في دفن المعتقلين دون إعداد أي تقارير صحيحة عن وفاتهم مكتفين بورود معلومات مزورة.
وتقول الرابطة في تحقيقها الاستقصائي، أن التقرير بني على معتقلون وأطباء وممرضون عملوا في مشفى تشرين العسكري، وآخرون عملوا في المخابرات والشرطة العسكرية والامن السياسي والقضاء العسكري، في الفترة الممتدة ما بين آب2022 و تموز 2023، وسط الإشارة إلى أن مشفى تشرين العسكري كان مكاناً “للتعذيب وتصفية السجناء المتمردين” ودور الكادر الطبي، كما يوضح التقرير التعذيب الشديد الذي كان المعتقلون يتعرضون له ونقلهم للمشافي وتصفية من يعاني من حالة صحية سيئة.
“آلية الدفن في المقابر الجماعية”.. وانتهاك حرمة الميت
ويكشف التقرير أن إجراءات نقل المعتقلين للمستشفى، حيث يخضع لحراسة أمنية مشددة، ويتم عزل المعتقل عن باقي المرضى ويعامل بطريقة غير إنسانية وعنف، كما أن دور الطبابة الشرعية على توثيق الوفاة الخاصة بالمعتقلين وإصدار شهادات الوفيات كانت “لإضفاء شرعية على الجرائم” ومن ثم تسليم جثث إلى مفرزة الأمن العسكري الذي يقوم بدوره بتحميلهم ونقلهم للمقابر الجماعية، ودفنهم وفق آلية محددة وتصويرها بوجود مصور وطبيب شرعي برتبة عقيد من قسم المباحث والأدلة الجنائية في الشرطة العسكرية وعسكري من حرس مفرزة الشرطة العسكرية.
ويشير التقرير إلى أن جثث المعتقلين كانت تعامل بطريقة تنتهك حرمة الميت من خلال ضربها ودعسها قبل دفنها في مقابر جماعية، ويلفت التقرير إلى أن أحد المقابر الجماعية تم فتحها في وقت سابق في منطقة جسر بغداد في ريف دمشق قرب مدينة عدرا العمالية، والتي أظهرت لقطات للأقمار الاصطناعية إياها بين عامي 2015 و2022، وأعمال الحفر.
“الوفيات بسبب توقف القلب والتنفس”
ويكمل التقرير إن توقيع شهادة الوفاة من قبل رئيس قسم الطب الشرعي والتي غالباً ما يتم التشخيص على أن الوفاة ناجمة عن توقف القلب والتنفس، وهذه الشهادة ترفع للشرطة العسكرية التي تقوم بإعداد تقرير للقضاء العسكري، ومنها إلى الفرع الذي كان المعتقل متواجداً فيه ومن ثم إلى أمانة السجل المدني، وذلك بالنسبة للسجناء الذين يتوفون في المستشفى.
أما فيما يخص المعتقلون الذين يتوفون داخل مراكز الاعتقال، فمنذ العام 2015 تغيرت الإجراءات ويتم “الاكتفاء بإرسال قائمة بالمتوفين في الفروع الأمنية إلى مفرزة الشرطة العسكرية في مشفى تشرين لتعد تقرير وفاة بناء على تقرير الفرع الأمني وترسله إلى شعبة الطب
ووفقاً لتقرير “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، فإن هناك 30 مستشفى ومستوصف عسكري لإدارة الخدمات الطبية موزعة على 14 محافظة 10 منها في دمشق وريف دمشق، وهي تابعة لهيئة الإمداد والتموين التابعة بدورها لرئاسة هيئة أركان الجيش والقوات المسلحة.
ماذا على المجتمع الدولي فعله أمام هذه الجرائم بحق السوريين ؟
وفي تقريرها طالبت الرابطة من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمؤسسات الدولية المعنية، لاستجلاء مصير المفقودين في سوريا وأماكن وجودهم، بجمع الأدلة والتحقيق في دور الشرطة العسكرية في سوريا، بالإضافة إلى توثيق المنشقين منهم واعتبار ذلك كنقطة انطلاق للكشف عن مصير المفقودين.
كما طالبت الرابطة، وكالات الهجرة الأوروبية في “التدقيق بملفات طالبي اللجوء واللاجئين السوريين العاملين في المشافي العسكرية سابقاً أو في ملاك الشرطة العسكرية”، والتعاون مع المنظمات الحقوقية للتحقق من طالبي اللجوء، فيما إذا كان لدى أحدهم علاقة بشأن هذا الملف.
كما دعت لتوثيق “حالات المنشقين والموظفين السابقين في الأجهزة الأمنية، والشرطة العسكرية والمشافي العسكرية”، والتركيز على الإجراءات “البيوقراطية” المتبعة مع المعتقلين، مع التشديد على ضرورة قيام المجتمع الدولي بفرض عقوبات على أفراد وردوا في التقرير، متورطون في عمليات الإعدام والدفن، بمن فيهم الكادر الطبي والإسعافي والطبابة الشرعية.
وسبق أن كشفت العديد من المجازر وعمليات القتل الوحشية من قبل الأجهزة الأمنية السورية بحق المعتقلين من الناشطين السياسيين المعارضين والمشاركين في الاحتجاجات الشعبية وغيرهم، وذلك فيما وصف “بمصانع الموت” في إشارة إلى مراكز الاعتقال والأفرع الأمنية السورية التي قضى فيها الآلاف من السوريين حياتهم.
إعداد: رشا إسماعيل