أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – مع عودة الحديث عن التطبيع بين الحكومتين السورية والتركية، عاد التصعيد العسكري إلى مناطق شمال غرب البلاد، وخاصة “خفض التصعيد”، بينما يتم الحديث عن إمكانية فتح معبر أبو الزندين بريف حلب والفاصل بين مناطق سيطرة الحكومة السورية وفصائل “الجيش الوطني” وهو ما أثار موجة غضب شعبية، وقلقاً من أي اتفاقات جديدة قد تشهدها هذه المناطق.
عودة للتصعيد في الشمال.. وفتح للمعابر وحالة من القلق
وبعد فترة من الهدوء النسبي وعمليات القصف القليلة بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة بمختلف تشكيلاتها، تتصاعد عمليات العنف والقصف في منطقة “خفض التصعيد” مرة أخرى، حيث تشهد محاور في إدلب وحماة وحلب واللاذقية قصفاً من قبل قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة بشكل شبه يومي.
يتزامن ذلك مع الحديث عن عودة المساعي للتطبيع بين دمشق وأنقرة، بجهود عراقية، بعد سنتين من محاولات روسية وإيرانية لم تتكلل بالنجاح بسبب عمق الخلافات بين دمشق وأنقرة والشروط التي تم وضعها من قبل الطرفين، والتي تتلخص بالانسحاب العسكري وعدم التدخل ووقف الدعم عن المعارضة السياسية والعسكرية من قبل دمشق، وهو ما رفضته أنقرة وأكدت على البقاء العسكري حتى ضمان أمنها القومي.
تطورات متسارعة حصلت في الشمال السوري بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بتحركات لبلاده للتطبيع بين دمشق وأنقرة، كانت بلقاء بين ضباط روس وأتراك بالقرب من معبر أبو الزندين قرب مدينة الباب بريف حلب، وعليه شهدت مدن وبلدات ضمن مناطق سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها احتجاجات شعبية رفضا لمحاولة إدخال وفد روسي إلى المنطقة برفقة الأمم المتحدة، وسط حالة من القلق والترقب لما سيأتي بعد افتتاح المعبر وإمكانية وجود اتفاقات سرية بين روسيا وتركيا في إطار “مسار آستانا” قد تصل إلى حد تبادل مناطق السيطرة العسكرية مجدداً، وهو ما حدث مراراً في السنوات الماضية.
“نقل صواريخ بالستية لمحيط خفض التصعيد”
تلا ذلك عودة العنف إلى منطقة “خفض التصعيد” بالتزامن مع الكشف عن برقية من القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية إلى قيادة مطاري الطبقة العسكري بريف الرقة وصرين بريف حلب، لنقل دفعة من منظومات صواريخ نوع (بوك، وتوشكا) إلى نقاط وتجمعات قوات الحكومة في إدلب ضمن منطقة “خفض التصعيد” مقابل مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة والفصائل، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويصنف صاروخ أو تي آر-21 توشكا الروسي، من الأسلحة البالستية متوسط المدى وله قوة تدمير كبيرة، ويزن الصاروخ 2000 كيلوغرام برأس حربي 482 كيلوغرام، استخدمته قوات الحكومة السورية بقصف المناطق والتجمعات المدنية.
وكانت قوات الحكومة السورية استقدمت تعزيزات عسكرية إلى محاور منطقة “خفض التصعيد” ضمت دبابات ومدافع وآليات وعناصر، قادمة من معسكرات وقطاعات عسكرية تابعة لقوات الحكومة.
وتمركزت هذه التعزيزات، وفق المرصد السوري، في محاور الفوج 46 بريف حلب الغربي، ومحاور جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، بالإضافة إلى مواقع السبل وسراقب بريف إدلب.
تعزيزات للجيش التركي.. ووفود روسية وتركية تلتقي في حميميم
سبق ذلك، دفع القوات التركية بتعزيزات عسكرية ضمت 18 آلية محملة بمعدات عسكرية ومواد لوجستية، عبر معبر كفر لوسين الحدودي مع تركيا في شمال إدلب، واتجهت التعزيزات نحو النقاط التركية القريبة من محاور الاشتباك في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي لتعزيزها.
كل هذه التطورات، جاءت بعد عودة الحديث عن التطبيع بين دمشق وأنقرة، واحتمال أن يشهد الملف السوري بعض التطورات من الجانب العسكري أو السياسي في الفترة المقبلة، وهو ما أثار قلقاً لدى السكان في مناطق سيطرة الفصائل وتلك الخاضعة لنفوذ “تحرير الشام”.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “أيدنلك” التركية أن وفدين عسكريين سوري وتركي عقدا جلسة مباحثات في قاعدة “حميميم” الجوية الروسية بمحافظة اللاذقية، وأضافت الصحيفة أن الاجتماع المقبل سيتم عقده في العاصمة العراقية بغداد، ونقلت عن “مصادر مطلعة”، أن الوفدين ناقشا خلال الاجتماع الأحداث الأخيرة في إدلب.
ولفتت المصادر أن الاجتماع جاء بعد يوم من لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في موسكو.
“أنقرة تضع شروطاً على دمشق لاستمرار وجود سوريا كدولة”
وكان الكاتب التركي يحيى بستان نشر في مقال بصحيفة “يني شفق” التركية، عن مجموعة من الشروط والمطالب التي تقدمها أنقرة لـ “دمشق” لدعم عملية سياسية وتحقيق الاستقرار في سوريا، منها “دعم مكافحة الإرهاب”، وإزالة “التهديدات الأمنية”، وحل “مشكلة اللاجئين السوريين”.
ويعتقد الكاتب أنه سيكون هناك تعاون بين الأسد وأردوغان في سبيل “تحقيق أمن سوريا وضمان وحدة أراضيها”، مشيراً إلى أن “الانسحاب الأمريكي” لن يترك لدمشق أي خيارات أخرى غير التعاون مع أنقرة، في حال كان الأسد يريد استمرار وجود سوريا كدولة ذات سيادة.
وتطالب دمشق من تركيا للارتقاء بمستوى العلاقات ومفاوضات التطبيع بين الطرفين، أن تنسحب تركيا بشكل كامل من الأراضي السورية ووقف دعم الإرهاب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد.
إعداد: ربى نجار