أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – أظهرت تصريحات وزيري الخارجية الروسي والتركي خلال مؤتمر صحفي عقداه بعد لقاء جرى بينهما في العاصمة التركية أنقرة، لبحث ملفات عدة على رأسها الملف السوري، حجم الخلاف بين الطرفين إزاء هذا الملف، حيث في وقت جدد الوزير التركي مولود تشاويش أوغلو إصرار بلاده على شن العملية العسكرية في الشمال الشرقي السوري، انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف “بطء تنفيذ الاتفاقات الخاصة بمنطقة خفض التصعيد” شمال غرب البلاد.
ووصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى العاصمة التركية يوم الثلاثاء، تمهيداً لمناقشة أزمة الحبوب الأوكرانية والعملية العسكرية التركية المحتملة في شمال سوريا، وكان برفقته وفد عسكري رفيع المستوى؛ أجروا بدورهم لقاءات مع نظرائهم الأتراك.
انتقادات لافروف أظهرت مدى الخلاف مع أنقرة.. والتحركات العسكرية دليل على الرفض
وعلى الرغم من أن روسيا قالت إنها تتفهم المخاوف التركية بشأن “أمنها القومي” من حدودها الجنوبية، إلا أن انتقاده للتهرب التركي بشأن عدم الالتزام بتطبيق ما تم الاتفاق عليه في 2020 بخصوص “منطقة خفض التصعيد”، أظهر حجم الخلافات بين الطرفين في الملف السوري، حيث كانت أنقرة تمني النفس في أن تنجح بالحصول على موافقة روسية لشن اجتياح ضد مناطق سورية جديدة.
كما أن محللون وخبراء عسكريون ربطوا أيضاً التعزيزات والتحركات العسكرية لكل من روسيا وقوات الحكومة السورية بالقرب من خطوط التماس ضمن المناطق المهددة (منبج تل رفعت و عين عيسى) دليل جديد على عدم موافقة روسيا على العملية العسكرية التركية.
لقاء بين قائد قسد وقائد القوات الروسية في القامشلي
إضافة لذلك ذكرت تقارير إعلامية، بأن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي التقى بقائد القوات الروسية في سوريا العماد “ألكسندر تشايكو” بمطار مدينة القامشلي شمال محافظة الحسكة، وضم الوفد الروسي أيضاً قادة وخبراء ومستشارين عسكريين وسياسيين، وأكد قائد القوات الروسية خلال الاجتماع رفض بلاده أي عملية عسكرية جديدة داخل الأراضي السورية.
ودعا المسؤول الروسي إلى تكثيف اللقاءات بين الإدارة الذاتية وقيادات قوات سوريا الديمقراطية مع الحكومة السورية لبدء حوار شامل لتجنب المنطقة أي مخاطر جديدة في المستقبل، فضلا عن زيادة قوات الحكومة السورية ونقاطه العسكرية على طول الحدود مع تركيا لمنع من شن أي هجمات جديدة، طبقا للمصدر.
التعزيزات العسكرية تستمر بالوصول لمناطق التماس
وبعد هذا الحديث بساعات، دفعت قوات الحكومة السورية بتعزيزات عسكرية ضخمة ضمت أكثر من 500 جندي والعشرات من القطع العسكرية الثقيلة ضمت “دبابات ومدافع وراجمات صواريخ” إلى قواعدها العسكرية في مدينة منبج، وهي ليست التعزيزات العسكرية الأولى التي وصلت لمناطق متاخمة لمناطق سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة، حيث سبق ذلك تعزيزات ضخمة أخرى وصلت لتل رفعت و عين عيسى وتل تمر بأرياف حلب والرقة والحسكة.
ويعتقد خبراء عسكريون أن نوعية العتاد العسكري المرسل من قبل القوات الروسية والحكومة السورية وتحركات موسكو الأخيرة عسكرياً، توحي برفضها لأي عملية عسكرية تركية على الأراضي السورية، حتى لو قدمت تركيا المزيد من المناطق “بخفض التصعيد” لموسكو مقابل السماح باجتياح مناطق تحت نفوذ قسد، معتبرين بأن “البضاعة التركية لم تعد تغري الروس”.
واشنطن ترفض نوايا أنقرة من جديد.. “لن نترك حلفائنا لوحدهم”
وفي سياق التهديدات التركية، جددت الولايات المتحدة الأمريكية بدورها، رفض خطط أنقرة بشن عملية عسكرية في شمال سوريا، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أن واشنطن ترفض أي عملية عسكرية في شمال سوريا، وأشار إلى أنهم أكدوا أن الإدارة الأمريكية تشعر بقلق عميق بشأن النشاط العسكري المتزايد وهو سيؤثر على السكان المدنيين هناك، وشدد على ضرورة احترام خطوط التماس القائمة، لافتاً إلى أن أي تصعيد عسكري سيكون مكلفاً أيضاً من جهة الجهود لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي.
بدورها قالت نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي دانا سترول، أن واشنطن لن تترك حلفائها في شمال شرق سوريا لوحدهم ضد أي تهديد أو هجوم على مناطقهم، وأعربت عن رفضها للتهديدات التركية، وأن بلادها لن تقف مكتوفة الأيدي حيال أي هجوم على حلفائها.
أوروبا تنتقد التهديدات التركية وتدعوها لمغادرة سوريا
البرلمان الأوروبي أيضاً علق للمرة الأولى على ما تروج له أنقرة بتوسيع عمليتها العسكرية في سوريا، وعبرت عن رفضها لأي هجوم عسكري، معتبرة أن “التواجد التركي في سوريا غير شرعي وينتهك القانون الدولي ويزعزع الاستقرار في المنطقة بأسرها”.
واعتبر التقرير السنوي للبرلمان الأوروبي بأن “المخاوف الأمنية لتركيا” لا يمكن أن تبرر العمل العسكري الأحادي في دولة أجنبية، ودعا البرلمان الأوروبي تركيا إلى “إنهاء وجودها العسكري في شمالي سوريا”.
وأمام كل هذا الرفض الدولي، وخاصة من قبل ضامنيّ وقف إطلاق النار في شمال سوريا، تجد تركيا نفسها مجبرة على تأجيل أو تعليق عمليتها العسكرية، والاكتفاء بإطلاق التهديدات وبشن عمليات استهداف بالصواريخ والمدافع والطائرات المسيرة ضد مواقع لقوات سوريا الديمقراطية والمناطق المدنية والآهلة بالسكان شمال سوريا.
إعداد: ربى نجار