أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يشهد الملف السوري تحركات عديدة ومن قبل أطراف إقليمية ودولية، الهدف منها حسب المعلن، “حل الأزمة وفق القرارات الدولية ذات الصلة وعلى رأسها القرار الأممي 2254″، وإعادة سوريا إلى محيطها العربي، بعد قطيعة دامت أكثر من 11 عاماً، بينما كشفت وكالة “رويترز” عن زيارة لمسؤول سعودي رفيع المستوى إلى دمشق قريباً لتسليم الرئيس بشار الأسد دعوة رسمية لحضور القمة العربية في المملكة السعودية في أيار/مايو المقبل.
خطوات عربية تجاه سوريا بعد كارثة الزلزال
خطوات عدة شهدتها سوريا بعد كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في شباط/فبراير الماضي، تمثلت في عودة العرب إلى دمشق من خلال إرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية، إضافة إلى المحادثات الهاتفية التي أجراها القادة العرب مع الرئيس السوري وعلى رأسهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إضافة إلى زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق، تلاها زيارة الأسد إلى الإمارات، ومن ثم حط وزير الخارجية السوري فيصل المقداد رحاله في العاصمة المصرية القاهرة، للبحث في حل الأزمة السورية بما ينص قرار 2254، مع ما تم الحديث عنه أنه “التحضير لعقد قمة بين زعيمي البلدين قريباً”.
الخطوات العربية هذه، قابلتها خطوات لدول إقليمية ودولية، وتحديداً دول “مسار آستانا”، حيث ومع اقتراب انعقاد “الاجتماع الرباعي” حول سوريا، الذي سيشارك فيه وزراء دول روسيا وإيران وتركيا إلى جانب الحكومة السورية، سافر الوفد السوري المشارك، يوم الأحد، إلى موسكو لحضور الاجتماع، حيث شدد الوفد قبل الرحلة على مطالب عدة ستكون على طاولة التفاوض وعلى رأسها “الانسحاب العسكري التركي وعدم التدخل في الشؤون السورية”.
مصر تؤكد على ضرورة الحل السياسي.. وسوريا ستعود للحضن العربي
عربياً، كان لزيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى القاهرة ولقاءه بنظيره المصري سامح شكري، صدى كبيراً في أروقة السياسية العربية، حيث شددت مصر على وجوب حل الأزمة السورية وفق المقررات الدولية، وذلك بما يحفظ سيادتها ووحدة أراضيها، والعمل على وضع حد للتدخلات الخارجية التي فاقمت الأزمة وجعل الصراع على السلطة يستمر لأكثر من 11 عاماً.
خبراء سياسيون مصريون وسوريون، اعتبروا أن الزيارة ترسم طريقاً جديداً للعلاقات ليس بين القاهرة ودمشق فقط، بل ومع العرب أيضاً، لاسيما مع اقتراب موعد انعقاد القمة العربية في المملكة العربية السعودية، مشيرين إلى أن القاهرة تقود جهوداً جبارة لإعادة سوريا إلى محيطها العربي، مشددين على أن ذلك سيحد من التدخلات الخارجية والإقليمية في الشؤون السورية.
وأضافت هذه الاوساط السياسية أن هذه الزيارة وعودة سوريا للحضن العربي سيساهم كثيراً في الحفاظ على الأمن القومي العربي.
وزير الخارجية السعودي في دمشق لدعوى الأسد لحضور القمة العربية
تزامن ذلك مع ما نقلته وكالة “رويترز” عن مصادر مطلعة، بأن وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان يعتزم زيارة دمشق، لتوجيه دعوة للرئيس السوري بشار الأسد، من أجل حضور القمة العربية، بالرياض في أيار/مايو المقبل، حيث سيتوجه بن فرحان خلال أسابيع إلى دمشق، واعتبرت المصادر أن هذه الخطوة “من شأنها أن تنهي رسمياً العزلة الإقليمية على الحكومة السورية”.
المصادر الثلاثة التي تحدثوا “لرويترز” قالوا أن هناك بعض المطالب من المملكة السعودية يجب على دمشق أن تلبيها كشرط لإصلاح العلاقات، بما في ذلك التعاون الوثيق بشأن أمن الحدود وتهريب المخدرات، وكشفت المصادر عن “وساطة مصرية – سعودية من أجل إعادة دمشق للجامعة العربية”.
دمشق ستنقل مطالب عدة إلى طاولة “الرباعي”
أما فيما يخص “الاجتماع الرباعي”، أعلنت الحكومة السورية، الأحد، عن توجه وفدها الرسمي إلى موسكو برئاسة أيمن سوسان معاون وزير الخارجية للمشاركة في الاجتماع لمعاوني وزراء الخارجية لروسيا وإيران وتركيا.
ونقلت وكالة “سانا” الحكومية عن “سوسان” قوله، إن “الوفد سيعقد مشاورات ثنائية مع الجانبين الروسي والإيراني يوم 3 من الشهر الجاري ، وفي اليوم التالي سيشارك في الاجتماع الرباعي”.
وأضاف “سوسان”، أن الوفد سيركز بالتحديد على “إنهاء التواجد العسكري التركي على الأراضي السورية، ومكافحة الإرهاب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية”.
إنهاء التواجد العسكري و عدم التدخل في الشؤون السورية
ولفتت أوساط سياسية أن ما يمكن وصفه “بالمطلب الأخير” والذي سينقله الوفد إلى طاولة التفاوض مع تركيا لإعادة تطبيع العلاقات وهو “عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية” يحمل الكثير من المعاني، منها عدم تدخل أنقرة في أي محادثات قد تجري مستقبلاً بين دمشق والإدارة الذاتية أو حتى ولو تم الاعتراف بهذا الكيان السياسي في الشمال الشرقي ووضعه في الدستور، حيث أن أنقرة تريد من هذا الاجتماع بالذات أن توسع جبهة الحرب ضد الإدارة الذاتية والقوات العسكرية التابعة لها كون أنقرة تعتبر هذه الأطراف “خطراً على أمنها القومي” بحجة الكرد، وقد تصطدم رغبات تركيا بالشروط السورية التي وضعتها للارتقاء بمستوى التفاوض.
أي تحرك عربي سيكون مفيداً أكثر لسوريا
وما يمكن تلخيصه بحسب متابعين من هذه التطورات إجمالاً، أن التحرك العربي في هذا التوقيت بالذات مهم للغاية في كسر الاستفراد الروسي التركي الإيراني بالملف السوري، ووضع الحل في سوريا على السكة الصحيحة بعيداً عن الأجندات والأهداف الخاصة لهذه الأطراف، التي عرف السوريين ما غاياتهم وما يحصل بعد كل اجتماع لهم من تصعيد عسكري في الشمال بشقيه الشرقي والغربي.
إضافة إلى أنه سيحمل رياح التغيير الحقيقية إلى سوريا كما نصت عليه المقررات الدولية ذات الصلة وخاصة بيان جنيف 1 وقرار 2254، والذي ينص على مشاركة كافة السوريين في أي عملية سياسية لإنهاء الأزمة والصراع على السلطة في البلاد. وهو بالذات شرط عربي للتطبيع مع دمشق مجدداً.
إعداد: علي إبراهيم