إيجاد الحلول: تسعى تركيا والأمم المتحدة إلى الدبلوماسية لإنهاء حرب أوكرانيا بينما تفكر أنقرة في التقارب مع سوريا وإصلاح العلاقات مع إسرائيل.
في ظل الازمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا، يسعى أردوغان إلى تحقيق إنجازات في السياسة الخارجية، لا يزال الاقتصاد التركي في وضع سيء، حيث خفضت البلاد أسعار الفائدة مرة أخرى على الرغم من ارتفاع التضخم إلى 79 ٪ سنويًا في تموز.
البطالة أكثر من 10٪، كما بدأت تنفد الأموال مع احتلال تركيا لشمال سوريا الذي يكلف حوالي ملياري دولار سنويًا، وفقًا لصحيفة فايننشال تايمز، ووجود 3.7 مليون لاجئ سوري يضيف 40 مليار دولار أخرى من العبء المالي.
يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تحقيق بعض النجاحات لمواجهة الأزمة، وهو يتجه إلى السياسة الخارجية، ويعيد إحياء نهج “صفر مشاكل مع الجيران” الذي اتخذه قبل الربيع العربي منذ أكثر من عقد.
تكشف المبادرات التركية في أوكرانيا وسوريا وإسرائيل عن إعادة ضبط للسياسة الخارجية حول الأزمة الاقتصادية والجيواستراتيجية والفرص.
ولذلك بدأ أردوغان يركز دبلوماسيا على أوكرانيا، وكان أردوغان في لفيف، أوكرانيا، يوم 18 آب، حيث التقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، وعرض مساعدة تركيا في التوسط لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
كما وقعت تركيا وأوكرانيا مذكرة تفاهم للمساعدة التركية في إعادة إعمار أوكرانيا.
قال الصحفية في موقع المونيتور نزلان إرتان: “إن المذكرة التي تم توقيعها في اليوم الذي تعرضت فيه الليرة التركية لهبوط حاد مقابل الدولار بعد قرار البنك المركزي المفاجئ بخفض أسعار الفائدة لم يمر مرور الكرام على وسائل التواصل الاجتماعي”.
وقالت إرتان :”أردوغان، يسير على خط رفيع بين روسيا وأوكرانيا في الحرب الأوكرانية، التقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي في 5 آب، كما جاء في بيان الزعيمين بأنهما سيزيدان من تحسين العلاقات الاقتصادية بإعلان الرئيس التركي في أنقرة أن خمسة بنوك تركية اعتمدت نظام المدفوعات “مير” الروسي. وأدت الحاجة التركية للغاز الروسي والنقود والسياح – وبهجة أنقرة غير المخفية على علاقاتها الاقتصادية المتنامية مع روسيا – إلى قيام بعض الخبراء الأوروبيين بالإشارة إلى تركيا على أنها “الفارس الأسود، أو أمة تساعد في التهرب من الحظر الدولي لمصلحتها الخاصة”.
ولكن لا يمكن لتركيا أن تكون وسيطًا إلا من خلال الحفاظ على علاقات مناسبة مع كلا الجانبين. والقادة يبحثون دائمًا عن مصالح بلدانهم. في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وفي الواقع معظم دول الشرق، تستمر الأعمال والتجارة مع روسيا. تركيا ليست بعيدة عن هذه الأمر.
لكن إلى جانب غوتيريش، فإن أردوغان هو الزعيم العالمي الوحيد الموثوق به الذي يبذل أي جهد أو مبادرة لمحاولة التوسط في إنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
في حين أن عملية السلام ستتطلب في نهاية المطاف دعم الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى، تبرز تركيا في الحفاظ على الدبلوماسية حية في هذه الأثناء – بما في ذلك من خلال الوساطة، مع الأمم المتحدة، في مبادرة حبوب البحر الأسود، والتي سمحت باستئناف الحبوب الأوكرانية، والصادرات الروسية من المواد الغذائية والأسمدة.
ولا يزال أردوغان يحمل واحدة من أهم الأوراق التي يمكن لعبها في الصراع: الموافقة على عضوية الناتو لفنلندا والسويد. وقال أردوغان إنه “غير وارد” بالنسبة للبرلمان التركي للموافقة على عضويتهم ما لم يتم استيفاء شروطه فيما يتعلق بتغييرات مهمة في القوانين والسياسات التي تتعامل مع الجماعات الكردية.
في سوريا، تتجه تركيا نحو التقارب مع الأسد
في غضون ذلك، كشف وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الأسبوع الماضي، أنه التقى نظيره السوري فيصل المقداد، حول ضرورة المصالحة بين قوى المعارضة ودمشق في إطار التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا.
وكشف جاويش أوغلو أيضًا أن بوتين شجع أردوغان في اجتماعهما في سوتشي في 5 آب على التفكير في الاجتماع مع الرئيس السوري بشار الأسد لدفن الأحقاد.
لطالما دافع بوتين عن التقارب بين دمشق وأنقرة، معتبراً إياه أمرًا محوريًا لأي ترتيب سلام في سوريا. حتى أن موسكو سهلت الاجتماعات بين كبار مسؤولي المخابرات الأتراك والسوريين، ولكن دون نتيجة تذكر.
وقال أردوغان للصحافيين في طريق عودته من أوكرانيا: “بالنسبة لنا، المسألة لا تتعلق بهزيمة الأسد أو عدم هزيمته”، مضيفًا أن إبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع دمشق أمر “ضروري”.
ستكون نهاية اللعبة التي تتصورها روسيا هي تفاهم سوري تركي على غرار اتفاقية أضنة المحدثة، والتي أعادت العلاقات الثنائية ووضع العبء على سوريا لقمع أي نشاط كردي في سوريا.
لم يوقع الرئيس الروسي حتى الآن على عملية عسكرية تركية جديدة في شمال غرب سوريا ضد الجماعات الكردية المتمركزة هناك. كما أشارت واشنطن إلى أنقرة بأنها لن توافق.
يسعى أردوغان إلى التراجع عن الحكم الذاتي الكردي الفعلي في شمال شرق سوريا والبدء في عملية إعادة 3.5 مليون لاجئ سوري، الذين يعتبرون عبئًا وتهديدًا من قبل الكثيرين في تركيا. يريد منطقة آمنة واسعة على طول الحدود خالية من قوات سوريا الديمقراطية. يمكن لاتفاق مع الأسد أن يسمح للاجئين بالعودة إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في بقية البلاد أيضًا.
ومن الواضح أن الحجة من أجل السلام مع دمشق تكتسب وزناً في مختلف مستويات الدولة التركية. لطالما نصح عدد من الدبلوماسيين والضباط العسكريين المتقاعدين البارزين بالمصالحة مع الأسد. وحتى الجهات القومية الجديدة التي تدعم موقف الحكومة العدائي ضد الأكراد كانت تضغط من أجل السلام مع دمشق.
كما أن حسابات أردوغان السياسية وبقاءه السياسي جزء من هذا المزيج، ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بحلول 18 حزيران من العام المقبل. الاقتصاد التركي، الذي دعم نجاحه لسنوات طويلة اقتصاد أردوغان، في حالة سقوط حر. يتصاعد الاستياء ضد النازحين. تتزايد الاعتداءات العشوائية على السوريين. وتقول المعارضة إنه بمجرد وصولها إلى السلطة، فإنها “ستعيد السوريين إلى الوطن”. ومن ثم التطبيع مع الأسد “أمر لا بد منه”. كل هذا يطرب آذان الناخبين الأتراك.
قد يكون أكبر عقبة أمام أي مصالحة مع سوريا هو الأسد، الذي يشعر بالرضا عن نفسه مع التوسع التدريجي لعلاقات سوريا مع العديد من الدول العربية. وأصر على انسحاب تركيا من شمال سوريا ومن غير المرجح أن يتصالح مع جماعات المعارضة المدعومة من تركيا كشرط للسلام.
قال صالح مسلم، الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي: “علينا أن نأخذ هذه التحركات على محمل الجد لأن الجانبين [الأسد وأردوغان] يأخذان أوامرهما من نفس المكان – من بوتين “. وأضاف مسلم: “حقيقة وقوفهم ضد الأكراد ليست مفاجأة للأكراد”.
عودة العلاقة مع إسرائيل
كما أصلحت تل أبيب وأنقرة علاقة متصدعة طويلة الأمد. لا تقوم إسرائيل وتركيا بإحياء علاقتهما، لكنهما استأنفتا صداقتهما. ستظل هناك تقلبات، لكن الجميع تقريبا يتفقون على أن المصالحة الإسرائيلية التركية موجودة لتبقى في المستقبل المنظور.
أن طريق العودة لم يشمل فقط الدبلوماسية من أعلى إلى أسفل بقيادة أردوغان والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، ولكن كان هناك تعاون استخباراتي غير مسبوق بين الموساد الإسرائيلي ونظيره التركي حول نية ايران قتل وخطف سياح إسرائيليين.
من خلال استعادة العلاقات مع إسرائيل، وجدت تركيا بابًا خلفيًا للفوائد المحتملة لاتفاقات إبراهيم بينما تكمل تقارباتها مع المملكة العربية السعودية والبحرين.
المصدر: موقع المونيتور الأمريكي
ترجمة: أوغاريت بوست