أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في وقت الحديث عن إعادة لبنان للاجئين السوريين وتأكيد الحكومة المحلية أن “السوريون يعودون برغبتهم وطواعية”، نبهت الأمم المتحدة أن تكون مسألة إعادة اللاجئين السوريين من لبنان عبر الضغوطات، ودعت لبنان وغيرها ممن يستضيفون السوريين للالتزام بالقوانين الدولية، يأتي ذلك في وقت أكدت تقارير إعلامية بأن “أعداد السوريين الراغبين في مغادرة لبنان طوعاً تراجع بشكل كبير”.
لبنان تبدأ بإعادة السوريين “طواعية”
وكان نحو 100 عائلة سورية، بمثابة الدفعة الأولى في “العودة الطوعية” عادت من لبنان للأراضي السورية، قالت الحكومة السورية أن هؤلاء ممن كانوا في المخيمات وأن أوضاعهم المعيشية كانت سيئة. ويمكن اعتبار ذلك سبباً وجيهاً بحسب متابعين لعودة هذه العوائل “فهنا قهر وذل وعيش بالفقر وهناك الأمر ذاتته، فلا فرق لديهم”.
وكان لبنان تحدث لأول مرة عن خطة إعادة اللاجئين السوريين قبل أسبوعين، سبقته تصريحات رسمية من الرئيس ورئيس الوزراء ألقت بالمسؤولية الكاملة على كاهل اللاجئين السوريين فيما يعيشه لبنان، وكأن السوريين هم سبب الفساد المستشري في جسد الدولة اللبنانية وهم سبب الحروب التي خاضتها لبنان و “المقاومة” ضد إسرائيل وانفجار مرفأ بيروت نتيجة التقصير والفساد.
سوريا ليست آمنة للسوريين
منظمات دولية عديدة شددت على أن سوريا ليست آمنة بعد لتفكر الدول التي تستضيف السوريين لإعادتهم، حيث أن الأوضاع في البلاد سواءً السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية في تدهور مستمر، إضافة لعودة نشاط الإرهاب، وهذا يشكل خطراً كبيراً على حياة اللاجئين في حال إعادتهم.
وأكدت هذه الجهات الدولية والأممية أن سوريا تشهد حالة هجرة كبيرة هي أقوى من هجرات 2015 و 2017، وهذا بدوره يؤكد مدى خطورة الأوضاع وتأزمها في البلاد.
الأمم المتحدة “لا صلة لنا بعمليات الترحيل”
وبعد إعلان لبنان ترحيل أول دفعة الأربعاء الماضي، أكدت المفوضة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن لا صلة لها بعمليات الترحيل، وقال المتحدث باسم المؤسسة الأممية، ستيفان دوجاريك، أن المفوضية لا تنظم عمليات العودة الطوعية واسعة النطاق الجارية حالياً.
وأضاف “نحترم جميعاً حقوق الإنسان الأساسية في العودة بحرية وطوعية للاجئين إلى بلادهم الأصلية في الوقت الذي يختارونه بما يتماشى مع القوانين والمواثيق الدولية والعودة الطوعية الآمنة والكريمة وعدم الإعادة القسرية”، وأشار أن بيروت أبلغت المفوضية أن العائدين إلى سوريا “هم من أعربوا عن رغبتهم بالعودة وسجلوا أنفسهم لدى السلطات”.
وشدد المسؤول الأممي أن “المفوضية تنظر في الروايات التي أشارت إلى عمليات إكراه للإجبار اللاجئين بالعودة إلى سوريا”.
تراجع أعداد الراغبين بالعودة
صحيفة “الشرق الأوسط” بدورها أكدت على لسان “مصادر معنية” أن “عدد العائدين من السوريين بلغ 420 شخصاً من أصل 1500 سجلوا أسمائهم من منطقة عرسال”، ولفت إلى أن الأرقام لم تتطابق مع اللوائح المسجلة بسبب تراجع بعض الأشخاص عن العودة.
وكان من المقرر أن يغادر نحو 750 نازحاً من مناطق عدة، وفق ما أعلن الأمن العام، عبر ثلاث نقاط حدودية على الأقل، في إطار خطة “إعادة النازحين الطوعية والآمنة” التي بدأتها السلطات اللبنانية عام 2017 على دفعات، وأعلنت الشهر الحالي استئناف تنفيذها.
وبموجب عمليات العودة الجماعية، تمّت، وفق بيانات الأمن العام اللبناني، إعادة أكثر من 400 ألف لاجئ إلى سوريا، منذ عام 2017. لكن منظمات إنسانية ترجّح أن عدد العائدين أقل بكثير، وتتحدث عن توثيق حالات ترحيل “قسرية”.
عنصرية وكراهية واعتقال.. هذا ما تعرض له السوريون
وتعرض اللاجئون السوريون في لبنان لضغوطات عديدة منها التوقيف والعنصرية (كما في تركيا) والترحيل القسري وحظر التجول، كما تعرض العديد من الشبان إلى القتل على يد مجهولين.
وخلال الأشهر الماضية فر المئات من السوريين “الخائفين من العودة الطوعية” إلى سوريا من لبنان وسلكوا طريق البحر في رحلة هجرة جديدة للبحث عن الأمان في أوروبا، كما فقد العشرات من السوريين إلى جانب اللبنانيين وغيرهم من الجنسيات حياتهم في “فاجهة مركب الموت” الذي غرب قبالة السواحل السورية، في أيلول/سبتمبر الماضي.
كما لايزال مصير الشبان السوريين الذين كانوا يرغبون بالفرار للنجاة بحياتهم وتم انقاذهم من “مركب الموت” مجهولاً، وسط مخاوف من اعتقالهم وزجهم بالسجون أو إرسالهم للخدمة الإلزامية.
إعداد: علي إبراهيم