أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – كثيراً ما تُتهم قوات الحكومة السورية خلال سنوات الصراع المستمر على السلطة، بارتكاب جرائم حرب ومجازر بحق المدنيين من المواطنين السوريين، منهم عبر عمليات القصف المدفعي والصاروخي والطيران الحربي والكيماوي، ومنهم من قتل تحت التعذيب في السجون، وهناك الآلاف من السوريين مصيرهم مجهول ولا تعلم أسرهم عنهم شيئاً منذ سنوات.
(الحديث في هذا التقرير عن ما تقوم به قوات الحكومة السورية من عمليات القتل الميدانية بحق المدنيين السوريين وداخل المعتقلات، لا يعني أن الأطراف السورية الأخرى المشاركة في الصراع على السلطة بريئة أو أنها لم ترتكب جرائم يمكنها أن تفوق بشاعة بما قامت به قوات الحكومة، حيث أن أطراف الصراع كلهم مشاركون في سفك الدم السوري.
وتضم شبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية صوتها لصوت المؤسسات ومراكز البحث والجهات السورية التي تكشف جرائم وانتهاكات أطراف الصراع في سوريا ضد السوريين، وتشدد على الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية على محاسبتهم، مهما كان انتمائهم أو صفاتهم).
فظاعات عاشتها سوريا خلال سنوات الحرب
الصراع على السلطة في سوريا أنتج كارثة إنسانية وعمليات قتل وإبادات جماعية وجرائم تصل لمستوى جرائم حرب وضد الإنسانية، لا يمكن للتاريخ أن ينساها مهما طال الزمن.
ومن هذه الجرائم ما كشفت عنه صحيفة “الغارديان” البريطانية قبل أشهر، “مجزرة التضامن” التي تعود إلى عام 2013، وقام بها ضابط وعناصر الاستخبارات التابعة لقوات الحكومة السورية، ونشرت حينها الصحيفة مقطعاً مصوراً انتشر كالنار في الهشيم بين وسائل الإعلام “لضابط يطلق النار على مجموعة من المدنيين المعتقلين ضمن حي التضامن في حفرة الموت”.
جثث القتلى تُحرق.. من المسؤولون ؟
وبعيداً عن “مجزرة التضامن” اتهم “المركز السوري للعدالة والمساءلة” قوات الحكومة السورية “بحرق جثث القتلى لطمس هوياتهم”، وذلك في تقرير لها تحت عنوان “لا تتركوا أثراً”.
ويقول التقرير الذي أصدره المركز ومقره ولاية واشنطن الأمريكية، أن “الحكومة السورية تهدف إلى إتلاف الأدلة التي تثبت ارتكابها لتلك الجرائم”، وبالتالي “حرمان ذوي الضحايا من معرفة مصير أحبتهم أو تسلم رفاتهم”.
ويقول المركز أنه عمل على تحليل 13 مقطع فيديو تعود إلى عامي 2012 و 2013، تظهر عمليات نقل الجثث وحرقها ودفنها في حفر بمثابة مقابر جماعية في محافظة درعا جنوب البلاد.
ولفت التقرير إلى أن 4 مقاطع تظهر عناصر من “المخابرات العسكرية والفرقة التاسعة” وهم يتخلصون من 15 جثة على الأقل، يرجح أنها تعود لمدنيين ومنشقين في منطقة اللجاة.
وقاطع المركز مقاطع الفيديو مع صور أقمار اصطناعية لمراقبة حركة تنقل شاحنات نقل الجثث.
وظهر في أحد المقاطع ضابط يلتقط صوراً لوجوه القتلى قبل أن يسكب أحد العناصر مادة البنزين على وجه الجثة واليدين، في خطوة اعتبرها المركز السوري “محو أي أثر يمكن من خلاله التعرف على هويات أصحاب تلك الجثث”.
وبعد ركل الجثث إلى حفرة، تم إضرام النيران فيها، قبل أن يتناوب عناصر قوات الحكومة السورية على سكب البنزين تدريجياً للحيلولة دون أن تخمد سريعاً، وفق التقرير.
“أهالي درعا” من بين الضحايا
ويرجح التقرير أن الجثث الـ15، وجميعها بلباس مدني، تعود إلى مدنيين وعسكريين منشقين قتلوا برصاص قوات الحكومة خلال مداهمة أحد المنازل في كانون الأول/ديسمبر 2012 في محافظة درعا.
وحصل المركز على مقاطع الفيديو من ناشط إعلامي، قال إنه تلقاها من فصيل معارض استهدف القوات التي كانت تقوم بعمليات الحرق، في كمين، وقتل عناصرها كافة، وبينهم عنصر لدى المخابرات العسكرية كان مسؤولاً عن التصوير.
“مجزرة التضامن” للواجهة مجدداً
وبالعودة “لمجزرة التضامن”، نشرت صحيفة “الغارديان” قبل أيام معلومات جديدة عن المدعو أمجد يوسف وهو ضابط برتبة رائد في المخابرات السورية، وقالت أنه حر طليق وعلى رأس عمله، وهو ما اعتبر “تصريحات صادمة” كون الحكومة السورية أكدت في وقت سابق أن “يوسف” يخضع للتحقيق.
“سفاح التضامن” لايزال على رأس عمله
وتقول الصحيفة إن ضابط المخابرات السورية لا زال يعمل في قاعدة عسكرية خارج دمشق، وقد اتهمه زملاؤه بتنفيذ ما يصل إلى اثني عشر عملية قتل جماعي أخرى، والأسباب طائفية وسياسية.
ونقلت الصحيفة عن زميل ليوسف، أنه اعترف بعمليات القتل في مكالمة هاتفية مع صديق مشترك، حيث قال ”نعم فعلت ذلك. هذا ما كان علي فعله في ذلك الوقت”.
ولفتت الصحيفة إلى أن المحققين الألمان يعتقدون أنهم ربما يكونون قد تعرفوا على زميل ليوسف يعيش الآن في ألمانيا ويقومون بإعداد قضية ضد ضابط المخابرات السابق.
كما تقول الصحيفة أن “يوسف” ارتكب جرائم بحق النساء من قتلهن ميدانياً وعبر اغتصابهن واعتقالهن حتى من دون أي تهم، وأشارت إلى أن عدد ضحاياه وصل إلى 350 شخصاً.
إعداد: ربى نجار