أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بدأت جبهات القتال تستعر من جديد بعد انتهاء الجولة الـ17 من مسار “آستانا”، والذي شارك فيه “الدول الضامنة” (روسيا وتركيا وإيران) ووفدي الحكومة والمعارضة السورية، وسط ترجيحات عن عقد “اتفاقات جديدة” تخص المناطق الشمالية وخطوط التماس الحالية وامكانية تغييرها.
الشمال الشرقي .. تصعيد عنيف وإغلاق للمعابر
وخلال الأيام الماضية، شهدت المناطق الشمالية الشرقية و الشمالية الغربية من سوريا، تصعيداً عسكرياً كبيراً بين أطراف النزاع، إضافة إلى إغلاق معابر التي تصل مناطق الإدارة الذاتية بمناطق سيطرة الحكومة السورية (داخلياً) و مناطق أخرى خارج الحدود السورية، كمعبر سيمالكا/فيش خابور مع إقليم كردستان العراق.
المنطقة الشمالية الشرقية، كان لها الحصة الأكبر من العنف والتصعيد العسكري، حيث لم تهدأ جبهات وخطوط التماس بين التشكيلات العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية من جهة والقوات التركية والفصائل الموالية لها من جهة أخرى.
وشهدت أرياف ناحيتي تل تمر و أبو راسين “زركان” شمال الحسكة، قصفاً للقوات التركية هو الأعنف منذ أشهر، أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصاً جلهم من المدنيين، إضافة لأضرار مادية كبيرة في منازل الأهالي.
هجمات برية .. ولا تغيير في خريطة السيطرة العسكرية
وتعرضت قرية “أم الكيف” في ريف ناحية تل تمر لهجومين بريين نفذتهما فصائل “الجيش الوطني” بمساندة نارية من قبل القوات التركية، إلا أن التشكيلات العسكرية التابعة لقسد، أكدت أنها تصدت للهجومين وأوقعت خسائر في صفوف المهاجمين، وأن خريطة السيطرة العسكرية لا تزال على حالها.
ورجحت أوساط سياسية في شمال شرق سوريا، أن تكون هذه الهجمات نتيجة “صفقات واتفاقات” جديدة عقدت بين روسيا وتركيا، معتبرين أن الهجمات التركية الأخيرة هي “محاولة جديدة” للضغط على قسد والإدارة الذاتية لتقديم تنازلات لروسيا والحكومة السورية.
تساؤلات بشأن تزامن إغلاق المعابر مع مناطق “الإدارة الذاتية”
وتزامنت اجتماعات “آستانا” مع إغلاق المعابر الحدودية التي تصل مناطق الإدارة الذاتية مع الداخل السوري والخارج، واعتبر سياسيون أكراد، أن اتفاقاً جرى بين الحكومة السورية وسلطات إقليم كردستان العراق برعاية روسية تركية، لإغلاق المعابر و حصار المنطقة الشمالية الشرقية، لإجبار القامشلي على تقديم تنازلات.
“خفض التصعيد”.. عودة العنف بعد أيام من الهدوء
التصعيد العسكري لم يكن فقط في المنطقة الشمالية الشرقية، بل عادت الاشتباكات والقصف البري لمناطق “خفض التصعيد” التي شهدت خلال الأيام الماضية هدوءً حذراً، وربط الكثيرون ذلك الهدوء، بما ستتوصل إليه أطراف “آستانا” بخصوص هذه المنطقة.
واندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الحكومة السورية من جهة وفصائل المعارضة من جهة أخرى في منطقة “خفض التصعيد”، وذلك عبر محاولة قوات الحكومة التسلل لنقاط لفصائل المعارضة المسلحة، ما أسفر عن اشتباكات عنيفة على محور “عين عيسى” بمنطقة جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي.
واستخدم خلال الاشتباكات التي اندلعت، مساء الخميس، الرشاشات المتوسطة والثقيلة، مع قصف متبادل، وتزامن ذلك مع قصف بري جديد لقوات الحكومة بالصواريخ على نقاط تمركز فصائل المعارضة على قرية العنكاوي بريف حماة الشمالي الغربي.
آستانا.. أولى الاجتماعات بين “الدول الضامنة” بعد تراجع أنقرة عن عمليتها العسكرية
وجاءت الجولة الأخيرة من مسار آستانا، بعد تراجع تركيا عن عملية عسكرية في مناطق شمال شرق سوريا، حيث رفضت كل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران، أن تتوغل تركيا بالمزيد من الأراضي السورية.
ولم تكتفي تلك الأطراف برفض العملية العسكرية التركية، بل أرسلت قوات عسكرية ضخمة لمناطق هددت تركيا باجتياحها، مع إجراء القوات الروسية مناورات عسكرية هي الأولى من نوعها في مناطق قريبة من خطوط التماس بريفي الحسكة والرقة، ما استدعى تركيا لطلب اجتماع فوري مع الحلفاء في “آستانا” لبحث التطورات على الأرض.
وتخشى أوساط سياسية وشعبية سورية في الشمال، من “صفقات جديدة” بين روسيا وتركيا، حول تسليم واستلام مناطق، سواءً تلك التابعة للإدارة الذاتية أو في “خفض التصعيد”. خاصة وأن الاجتماعات السابقة لهذا المسار غير وجه سوريا وقلب الأوضاع الميدانية رأساً على عقب، ولم تنفع إجراءات “الدول الضامنة” السوريين بشيء، إلا أنها كانت مفيدة للدول المتدخلة فقط.
إعداد: ربى نجار