أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – هددت روسيا بأنها لن توافق على تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية الأممية القادمة عبر الحدود إلى سوريا، إلا إذا وافقت الدول الأعضاء على تمريرها من قبل الحكومة السورية، وذلك في محاولة روسية لدفع المجتمع الدولي للتعامل مع دمشق، بحسب ما تراه أوساط سياسية، ما يعني أن مئات الآلاف في شمال غرب سوريا سيكونون معرضين لخطر المجاعة.
روسيا تبلغ الغرب بقرارها
وتعيش المناطق السورية بمعظمها، والتي تتقاسم أطراف الصراع على الأرض السيطرة عليها، واقعاً مأساوياً كبيراً، خاصة مع استمرار الأزمة وعدم وجود بوادر للحل، بل على العكس فإن المؤشرات في البلاد تدل على الذهاب نحو المزيد من الأزمات والتصعيد العسكري، ما يعني أن معاناة السوريين ستستمر، وما يمكن أن يفاقمها وقف وصول المساعدات الأممية لمئات الآلاف من المحتاجين.
أكدت صحيفة “الشرق الأوسط”، أن موسكو أبلغت الأطراف الغربية أنها لن تمدد القرار الدولي الخاص بإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا والقادمة عبر الحدود لدى انتهاء مدتها في 10 من تموز/يوليو القادم.
وسبق أن أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو لن توافق هذه المرة على آلية العمل بإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، واشترط أن موسكو ستوافق في حال دخلت هذه المساعدات عبر الحكومة السورية. وهو ما يعني تعامل المجتمع الدولي مع الحكومة السورية وهذا لن توافق عليه تلك الدول، بحسب متابعين، ما يعني أن التمديد على المحك.
الملايين من السوريين يترقبون الـ10 من تموز.. وتحذيرات من كارثة إنسانية
ويترقب نحو 4 ملايين الـ10 من الشهر القادم، حيث حذّرت منظمات إنسانية من توقف آلية إدخال المساعدات الإنسانية للسوريين، عبر المنفذ الوحيد “باب الهوى” شمال إدلب، الأمر الذي سيحدث كارثة إنسانية كبيرة، ومجاعة حقيقية تطول أكثر من مليون ونصف مليون نازح، ومثلهم من الفقراء، يعتمدون بشكل أساسي في معيشتهم على المساعدات الغذائية المقدمة من الأمم المتحدة.
ضغوطات على موسكو.. فماذا تطلب لقاء التجديد ؟
وتتعرض روسيا لضغوط كبيرة بسبب موقفها الجديد من قبل مجلس الأمن والأمم المتحدة، حيث دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، الاثنين الماضي، إلى تمديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود إلى السكان في شمال غرب سوريا، واعتبر أن تمديد المهمة الأممية “واجب أخلاقي” للاستجابة لـ 4 ملايين يعتمدون على هذه المساعدات.
وتطالب روسيا مقابل السماح بايصال المساعدات الإنسانية، أن تمر عبر الحكومة السورية، وأن تراجع الدول الغربية سياساتها تجاه دمشق مع رفع العقوبات الاقتصادية والسياسية عليها، إضافة إلى المشاركة في إعادة الأعمار في البلاد، وهي أمور ترفضه الدول الغربية.
واشنطن تعلن التزامها بتقديم الدعم للسوريين
الولايات المتحدة بدورها أكدت على لسان مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، السفيرة باربرا ليف، على التزامها بإبقاء معبر باب الهوى مفتوحاً، مشيرة إلى أن الاحتياجات الإنسانية في سوريا “أعلى من أي وقت مضى”، وأشارت الدبلوماسية الأميركية على أن “توسيع وصول المساعدات الإنسانية عبر سوريا هو أمر أساسي في استراتيجيتنا”.
ومن أربع منافذ حدودية كانت الامم المتحدة ترسل المساعدات الإنسانية إلى سوريا، وفق التفويض الذي بدأ في 2014، بقي منفذ واحد يقع ضمن مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” وتركيا، وسبق أن كشفت العشرات من التقارير الإعلامية أن هذه المساعدات الكمية الأكبر منها تسرق ولا تذهب لمستحقيها، وأن “تحرير الشام” تأخذ القسم الأكبر منها لبيعها في السوق السوداء.
للسنة الثالثة.. يبدو أن “تل كوجر” سيبقى مغلقاً
إضافة لما يمكن أن يحدث في إدلب في حال عدم تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية لشمال غرب سوريا، فإن المعبر الوحيد الذي يربط شمال شرق البلاد مع الخارج (اليعربية/تل كوجر) مغلق منذ أكثر من سنتين بضغوطات روسية وتركية أيضاً، حيث يعيش أكثر من 5 مليون نسمة في مناطق “الإدارة الذاتية” التي تحوي أكثر من مليون ونصف لاجئ ونازح معظمهم في مخيمات بدائية، ويقتصر الخدمات والمؤونة المقدمة لتلك الأعداد الكبيرة بما تقدمه السلطات المحلية، التي لم تتلقى أي مساعدات من الأمم المتحدة منذ أكثر من سنتين، ما زاد أوضاع النازحين في تلك المناطق سوءاً، بحسب المسؤولين المحليين.
ويبدو أنه حتى الملف الإنساني السوري بات ورقة مساومة وضغط سياسي بين الأطراف الإقليمية والدولية.. هذه السياسات التي فاقمت من مأساة السوريين بشكل كبير خلال سنوات الحرب، وأدت بأن يعيش السوريون تحت خط الفقر بنسبة باتت تفوق الـ 85 بالمئة بحسب الأمم المتحدة، ودفع بالملايين منهم إلى الهجرة والنزوح.
إعداد: رشا إسماعيل