أوغاريت بوست (مركز الاخبار) – تعهد قادة حلف شمال الأطلسي بالتضامن لمواجهة التهديدات من روسيا والإرهاب، وأقروا بالتحديات التي يمثلها تصاعد نفوذ الصين، وذلك في القمة التي جمعتهم في العاصمة البريطانية لندن، والذي كان إقرار خطة دفاعية لحماية دول البلطيق وبولندا من الخطر الروسي من أصعب الأمور فيها، بسبب التعنت التركي، إلا إذا دعم الحلف خططه في شمال سوريا.
سقوط رهان أردوغان على وصف “الوحدات الكردية” بالإرهابية
وراهن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على القمة التي انعقدت، لجر أقدام الشركاء الغربيين إلى دعم خططه في شمال سوريا واعتبار أنقرة أنها تقاتل “الإرهاب”، وتصنيف وحدات حماية الشعب على أنها “إرهابية”، الأمر الذي رفضته فرنسا ودول الحلف كونهم لا يرون فيها تهديداً كما يراها الأتراك.
بدوره أكد الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، أن “قمة الحلف بلندن لم تطرح مسألة تصنيف وحدات حماية الشعب بسوريا، في قائمة الإرهاب”، مشيراً إلى أن أنقرة تراجعت عن نيتها السابقة في اعتراض خطط الناتو الدفاعية وتم إقرارها، مشدداً على ان “دول الحلف تمكنت من الحفاظ على وحدة الصف، وعالجت المسألة الخلافية مع تركيا”.
وتقول أوساط سياسية غربية، أن الخلافات بين دول الناتو وتركيا ليست وليدة اليوم، وإنما يعود تاريخها لزمن طويل، خصوصاً بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا والتي اتهمت أنقرة بعض الدول الغربية بالوقوف ورائها ودعمها.
خلافات قديمة ومخاوف أمريكية أوروبية من التقارب الروسي التركي
وقال الكاتب والباحث السياسي الأمريكي نصير العمري لشبكة أوغاريت بوست، أن الخلافات بين الحكومات الأوروبية وتركيا تعكس تاريخ طويل من انعدام الثقة المتبادلة والتي تصاعدت منذ اتهام أردوغان للأوروبيين بالتواطؤ بعيد ادعاءات محاولة الانقلاب عام ٢٠١٦.
وأوضح العمري أنه وعلى المستوى الاستراتيجي، يعتبر الأوروبيون سياسات أردوغان الداخلية “انقلاب على الديمقراطية”، التي تقوم عليها الحكومات الأوروبية، وخارجياً، التقارب التركي الروسي تعتبره الحكومات الغربية انقلاب على قواعد حلف الناتو.
وأضاف أن تهديدات أردوغان بالسماح “للإرهابيين واللاجئين باجتياح أوروبا ينظر له الأوروبيون على انه ابتزاز صارخ، بينما ينظر إليه أردوغان على انه ردة فعل على استخفاف الغربيين بالدور التركي في حلف الناتو”، والولايات المتحدة تشترك مع الأوروبيين في المخاوف من التنسيق الاستراتيجي التركي الروسي بالإضافة الى انزعاج إدارة ترامب من تنامي استقلالية القرار التركي في الملفات الإقليمية.
وحول نتائج القمة قال العمري، أن النتائج التي يأمل الأوروبيون بالوصول اليها تكمن في تراجع ترامب عن السياسات المناوئة للجناح الأوروبي من حلف الناتو، والتي يعتقدون انها تعكس تأثير واضح لروسيا في نظرة ترامب للناتو المتمثلة باستخدام المطالبة بزيادة الإنفاق العسكري كوسيلة لإضعاف الناتو، ومحاولة للتملص من الدور الأمريكي القيادي للحلف لأهداف تخدم اجندة ترامب، التي يعتقد الأوروبيون انها استفزازات الهدف منها تقليص الدور الأمريكي في الناتو في مواجهة روسيا.
محاولات الأوروبيين لإرضاء تركيا مستمرة
وبخصوص إمكانية إرضاء الدول الغربية لتركيا، أن “محاولات الأوربيين إرضاء تركيا مستمرة، ولكنها لن تصل الى مستوى إقناع أردوغان بالتراجع عن سلسلة طويلة من القرارات التي لا ترضي الأوروبيين، وعلى رأسها شراء السلاح الروسي والتقارب والتنسيق الحثيث بين تركيا وروسيا في الشمال السوري، وغاز المتوسط وملفات أخرى تجعل الخلافات بين مطالب أردوغان والأوروبيين غير قابلة للتسوية”.
مشيراً إلى أنه على الصعيد الأمريكي يستفيد أردوغان من تفاهمات بينه وبين ترامب شخصياً للاضطلاع بمسؤوليات في الملف السوري يشجبها علناً ويوافق عليها سراً مثل “ملف اجتياح تركيا للشمال السوري”، منوهاً إلى أنه لا يتوقع “تغيير كبير في سياسات الناتو لأن ترامب يرى ان هدف الناتو يجب ان يتحول الى احتواء الصين عسكرياً واقتصادياً، بينما يرى الأوروبيون ان روسيا ما زالت تشكل خطراً على الحلف”، وأضاف “الخلاف له ابعاد اقتصادية حيث ان أوروبا تعتمد على علاقاتها مع الصين للنمو الاقتصادي بينما يرى ترامب ان الصين خطر استراتيجي داهم”.
إعداد: ربى نجار