أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – مر عام على الحراك السلمي والشعبي الذي انطلق في محافظة السويداء في الـ17 من آب/أغسطس عام 2023، والذي لايزال مصراً على سلميته والانتماء للوطن السوري، ومتمسكاً بالمطالب التي كان “إسقاط النظام” و “الحل السياسي وفق القرارات الدولية وعلى رأسها 2254” وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين على رأسها.
عامٌ على الانتفاضة.. ومطالب بالديمقراطية واللامركزية ودولة المواطنة
ويصادف يوم السبت، الـ17 من آب/أغسطس الجاري، الذكرى السنوية الأولى لانطلاق “الانتفاضة” – “الحراك السلمي” المستمر في محافظة السويداء، والذي يعد الأضخم والأطول مدة في تاريخ المحافظة، ورغم كل ما حصل في سوريا والدول المجاورة والعالم من أحداث إلا أن كل ذلك لم يؤثر على صبر المواطنين والأهالي في المحافظة واستمرارهم بالتمسك بالمطالب حتى تلبيتها والتي انحصرت “بالحرية والكرامة والعيش الكريم وإطلاق سراح المعتقلين والتغيير السياسي والسلمي للسلطة”.
كما يؤكد أهالي السويداء على حقهم في وطن يتبنى نظاماً بعيداً عن، النظام الأمني المطلق الذي تعيشه البلاد منذ أكثر من 4 عقود، والاعتماد على نظام لامركزي تعددي يحفظ كرامة جميع المواطنين السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والسياسية والعرقية والقومية، كما يضمن الارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين وتوفير حياة كريمة للسوريين.
الصعوبات والمعوقات لم تعرقل سير التظاهرات
ولا شك في أن الحراك السلمي في السويداء مر بالكثير من التحديات والصعوبات والمعوقات التي كان يراد بها أن تكون حجر عثرة في طريق سير الحراك، إلا أن ذلك لم ينجح، مع استمرار محاولات الحكومة السورية لقمع الأصوات المطالبة بالحرية والمطالب المحقة، سواءً عبر التجاهل ومحاولة ترهيب الشارع من خلال إرسال التعزيزات العسكرية للمدينة واعتقال بعض رموز ومنظمي الحراك ونشر الحواجز، إلا أن التظاهرات بقيت مستمرة وبزخم أعلى، مع اتساع رقعة التأييد الشعبي المحلي والإقليمي والدولي.
ومع قرب الذكرى السنوية الأولى، شهدت ساحة الكرامة في مدينة السويداء، التي تحولت لرمز الحراك السلمي في المحافظة، تظاهرة جديدة عشية الذكرى السنوية الأولى، حيث احتشد حشد غفير من المواطنين من أبناء السويداء وريفها، مع توافد العشرات من أبناء القرى المجاورة للمشاركة في المظاهرة المركزية التي طالبت “بإسقاط النظام” والانتقال السياسي والسلمي للسلطة.
تأييد السلطة الدينية كان سبباً لاستمرار الحراك
ومع التأييد المحلي والإقليمي والدولي، وخاصة من قبل مشيخة العقل في المحافظة، وعلى رأسهم الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروسي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا، منح ذلك الحراك زخماً كبيراً، وهو ما أعطاه ميزة الاستمرارية والحفاظ على السلمية، والتمسك بالحقوق.
“لهذا خرج الناس للشارع”.. “قرارات السلطة زادت الأمور سوءاً”
ويؤكد نشطاء تحدثوا لشبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية، أن الناس خرجت منذ البداية بسبب الظلم والحرمان والفقر وفساد المسؤولين وغياب الخدمات عن المحافظة، إضافة لسياسة تجويع الناس التي اتبعها تجار الحرب المقربين من السلطة، لافتين إلى أن المحافظة كانت تشهد ثراءً فاحشاً للبعض وفقراً مدقعاً للنسبة الأكبر للأهالي، حيث كان أمراء الحرب يبذخون على حساب الناس ولقمة عيشهم.
وتابعوا أن المواطنين فقدوا الأمل بأي إصلاح مع استمرار الحرب والصراع على السلطة وفي ظل تمسك أطرافها بالعسكرة والابتعاد عن الحلول السياسية، مشيراً إلى أن رغم الحالة الاقتصادية المزرية والأوضاع المعيشية الصعبة إلا أن قرارات الحكومة السورية التي من المفترض أنها تعالج الأوضاع ولو بنسبة بسيطة، إلا أنها كانت تفاقم الأوضاع سوءاً يوماً بعد يوم، وهو من أسباب خروج الناس للساحات والتظاهر حتى بعد مرور عام كامل.
“البعض كان يروج أن الحراك مضيعة للوقت وتأثيرهم معدوم”
وأشار النشطاء إلى أنه رغم مرور عام كامل على الانتفاضة والحراك، كما يحلو للسكان المحليين تسميتها، إلا أن هناك قلة قليلة في المحافظة لايزالون يعتقدون أن التظاهرات اليومية “مضيعة للوقت ولن تحقق الأهداف”، لافتين إلى أن هؤلاء يعملون لصالح السلطة في دمشق ويريدون الترويج لهذه الفكرة بين عامة الناس لإقناعهم بانهم يضيعون وقتهم بالنزول للشوارع، وأضاف أن الجميع بات يعلم هؤلاء لصالح من يعملون ولماذا يروجون لهذه الفكرة، لذا فإن تأثيرهم بات قليلاً على المجتمع المحلي.
“طرد 100 عضو عامل من حزب البعث مشاركين في الحراك”
وانضم العديد من الشخصيات السياسية والدينية التي كانت سابقاً توالي الحكومة السورية وبعضهم منتسبين لحزب البعث الحاكم، عندما تعلق الأمر بمحافظتهم وشعبهم، وفي هذا الإطار أصدرت القيادة المركزية “لحزب البعث” في الـ13 من آب الجاري مذكرة طرد بحق 100 “عضو عامل”، في محافظة السويداء، في قرار اتخذ خلال جلسة بتاريخ 28 أيار الماضي، بسبب مشاركتهم في “الاحتجاجات السلمية المطالبة بالتغيير” التي شهدتها السويداء منذ العام الماضي.
ومنذ بدء الحراك السلمي في السويداء، تعمدت دمشق تجاهل الاحتجاجات ومطالب المتظاهرين، بينما حاولت مرات عدة تهديد الحراك والترويج لإمكانية التحرك العسكري، إلا أن ذلك لم يفلح في إيقاف الحراك الذي لايزال مستمراً إلى يومنا هذا.
إعداد: ربى نجار