أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في آب/أغسطس من عام 2023، تعالت الأصوات المناهضة للحكومة السورية في مدينة السويداء، وذلك بعد قرارات تعلقت بارتفاع أسعار المحروقات في مناطق سيطرة الحكومة، وكان كثيرون يعتقدون بأنها أيام قليلة وستنتهي موجة الاحتجاجات التي اجتاحت السويداء، إلا إن التظاهرات التي وصلت فيما بعد “للحراك الشعبي” السلمي لاتزال مستمرة بعد مرور 10 أشهر عليها.
“300 يوم على انتفاضة السويداء”
أكثر من 300 يوم مرت على انتفاضة أهل السويداء ذات الغالبية الدرزية، حيث بقي الأهالي في الشوارع متمسكين بمطالبهم المحقة والمشروعة والتي هي مطالب كل السوريين، وتعبر عن ثورة السوريين الحقيقية التي خرجت قبل 13 عاماً وتم تحريفها من قبل بعض الأطراف الخارجية والداخلية.
ورغم كل التطورات والأحداث التي حصلت في المنطقة والتي كان لها تأثير كبير على نقل الوقائع وانتفاضة أهالي السويداء، كالحرب في غزة وتداعياتها على سوريا ولبنان ودول الجوار، إلا أن ذلك لم يمنع أهالي المدينة من إكمال والتشبث بانتفاضتهم ومطالبهم التي تركز على “إسقاط النظام” و “التغيير السلمي” و “الانتقال السياسي للسلطة” و “تطبيق القرار الأممي 2254 حول سوريا” مع دعوات لإنهاء العمل “بالنظام المركزي” و الانتقال إلى تطبيق “اللامركزية” في البلاد.
“إسقاط النظام والانتقال السياسي والسلمي للسلطة واللامركزية”.. أبرز المطالب
وفي آب/أغسطس من عام 2023، انتفضت محافظة السويداء التي كانت بعيدة كل البعد عن دائرة الصراع على السلطة في سوريا، وحافظت على أمن واستقرار شعبها، وتعالت الأصوات بين ليلة وضحاها لتطالب برحيل “بشار الأسد” و “تعزيز اللامركزية”، وباتت ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء رمزاً لانتفاضة أهل جبل العرب.
الكثير من الشعارات خرجت في الحراك السلمي لأهالي السويداء، والذي شارك فيه النساء والشباب قبل الرجال ومن أبرز هذه الشعارات “نظام الكبتاغون يتاجر بحليب الأطفال” و “من السويداء تحية لكل الأحرار في كل مدن درعا”، ونددت الشعارات أيضاً بالتدخلات الخارجية في الشأن السوري، والتصعيد الذي حصل في الشمال السوري ونبذت العنصرية والطائفية ودعت لوحدة وسيادة الأراضي السورية.
دعم سوري وإقليمي ودولي لحراك السويداء
ونال الحراك الشعبي في السويداء على دعم السوريين بمختلف انتماءاتهم السياسية وفي مختلف المناطق، إضافة إلى دعم السلطة الدينية في المحافظة، وهو ما أعطاها زخماً اكبر شعبياً ومحلياً، إضافة إلى دعم واهتمام دولي، وتلقت شخصيات دينية محلية على رأسهم الشيخ حكمت الهجري، اتصالات هاتفية عدة من دول إقليمية ودولية تم التأكيد فيها على ضرورة تنفيذ مطالب أهالي السويداء وأن الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي.
وفي الـ19 من شباط، أقدم العشرات من أبناء الجبل في السويداء، على إزالة لافتات وصورة “لبشار الأسد”، على عدة مراكز، وذلك في مؤسسة المياه والصرف الصحي وفرع السويداء، ومدخل الحديقة العامة، احتجاجا على واقع المياه في المنطقة، تزامنا مع إلقاء بيان باسم الحراك الشعبي السلمي.
“أول شهيد للانتفاضة بعد مضي 5 أشهر”.. ومحاولات ترهيب من دمشق
وفي تاريخ الـ28 من شباط/فبراير من 2024، وبعد 5 أشهر من الحراك، سقط أول شهيد برصاص قوات الحكومة السورية وذلك خلال تواجد عدد من المتظاهرين في محيط صالة السابع من نيسان، حيث شهدت المدينة والمشفى الحكومي فيها حالة من الاستنفار الشديد على خلفية استشهاده وسط دعوات لعدم الانجرار لردود فعل عشوائية.
الحكومة السورية ومع تجاهلها للحراك السلمي، إلا إنها حاولت الضغط على المتظاهرين بدفع تعزيزات عسكرية وأمنية باتجاه المدينة في شهر نيسان/أبريل الماضي، مع إقامة حواجز عسكرية وتعزيز أخرى، وهو ما اعتبره أهالي المحافظة محاولة فاشلة ويائسة للالتفاف وإفشال وإيقاف الاحتجاجات السلمية، والتي شددوا على استمرارها رغم كل الضغوطات ومحاولات ضرب الانتفاضة السلمية.
بعد التعزيزات العسكرية.. المحتجون أكدوا على سلمية حراكهم
وأكد المتظاهرون على سلمية حراكهم ومشروعية مطالبهم التي هي مطلب لكل السوريين قبل أن تسيطر الحكومة السورية على المدن السورية بالحديد والنار مرة أخرى، منددين بالسياسة المتبعة من قبل دمشق، التي كانت من المفترض أن تسمع لآراء ومطالب الشعب وليس محاولات ترهيب المدنيين العزل بالعسكرة والحديد والنار، مع الإشارة إلى أن مطالب إقامة دولة القانون والمواطنة لاتزال مستمرة ولن تتوقف حتى تحقيقها.
ومع دول شهر حزيران الذي هو الشهر العاشر للحراك السلمي في السويداء، لايزال الحراك محافظاً على زخمه من حيث المشاركة الشعبية بشكل يومي وخروجهم في رمز الانتفاضة، ساحة الكرامة، وسط ترديد شعارات مناهضة لدمشق والنظام الحاكم والرئيس بشار الأسد، وتطالب بالقانون والديمقراطية والعدالة والانتقال السياسي والسلمي للسلطة والإفراج عن المعتقلين من السجون.
“تفكيك قنبلتين بداية حزيران”
ومع دخول شهر حزيران/يونيو، جرى اكتشاف قنبلتين موصولتين بأسلاك وبطاريات صباحاً، قبل توافد المتظاهرين إلى ساحة “الكرامة”، وأوضحت لجنة تنظيم المظاهرات أن الشباب المكلفين بحماية الساحة أزالوا القنبلتين بدرع واقٍ للرصاص، وتوجهوا بهما إلى مركز الهندسة التابع لقوات الحكومة، كون تفكيكهما يحتاج إلى خبرة فنية، وفق ما أفادت “السويداء 24”.
وشهدت المحافظة أيضاً خلال الحراك، خطوات باتجاه الإدارة الذاتية كالقائمة في الشمال الشرقي السوري، وذلك من خلال تشكيل لجان تعمل على تقديم الخدمات للمجتمع بعد إهمال مؤسسات الدولة، مع الإعلان عن تأسيس “حزب اللواء السوري” وهو حزب سياسي سوري تأسس عام 2021، وبحسب بيان التأسيس فإن هدف الحزب هو “استعادة الدور الحقيقي للطائفة الدرزية المبعدة بشكل “مقصود” عن المشهد السياسي في سورية منذ عقود.
إعداد: ربى نجار