مع تعثر القوات الروسية في حربها ضد أوكرانيا، تقول كل من موسكو وكييف إن احتمالات التوصل إلى تسوية تفاوضية آخذة في الازدياد.
تسود الشكوك حول نوايا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع مخاوف كبيرة من أن الانفتاح الدبلوماسي الروسي هو حيلة لكسب الوقت لجمع التعزيزات لهجوم في المرحلة الثانية. من المؤكد أن بوتين لا يتحدث كرجل سلام. في هذا الأسبوع، وصف الروس الذين عارضوا الغزو بـ “الخونة” و “الحثالة”، بينما كان يحاول تصوير الحرب على أنها لا تقل عن صراع من أجل بقاء روسيا.
ولكن مع تجاوز المقاومة الأوكرانية العنيدة التوقعات في مواجهة قوة روسية الكبيرة- ومع العقوبات الغربية التي تضرب الاقتصاد الروسي – هناك فرصة أن تدفع حسابات ساحة المعركة الجديدة الكرملين للحصول على جائزة ترضية. تحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذا الأسبوع عن “الأمل في التوصل إلى حل وسط”. قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب بالفيديو إن الروس أصبحوا “أكثر واقعية” على طاولة المفاوضات.
مع تباعد الجانبين، كيف يمكن أن تبدو الصفقة؟
الجواب المختصر هو: هذا ممكن.
هناك ثلاث نقاط شائكة رئيسية يمكن أن تحتويها صفقة التسوية، على النحو التالي:
أوكرانيا المحايدة
بالنسبة لروسيا، ربما يكون الإصرار على وضع محايد لأوكرانيا هو المطلب الأكثر أهمية، بالنظر إلى أن سبب الحرب نابع من رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى المعسكر الغربي، وطموحها إلى الازدهار وتقرير المصير من خلال العضوية في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.
إن الديمقراطية المزدهرة والمرتبطة بالغرب على حدود روسيا، وخاصة في الدول التي يتحدث الكثيرون فيها بالروسية مثل أوكرانيا، يمكن أن تكون نموذجا للشعب الروسي، مما يعرض قبضة بوتين الاستبدادية للخطر.
غير أن بوتين يزعم علنا أن ميل كييف نحو الغرب يرقى إلى مستوى تهديد أمني لموسكو، رغم أن واشنطن وحلفائها أبطأوا مراحل عضوية أوكرانيا.
وقد قال الكرملين إن المفاوضين يناقشون وضعا لأوكرانيا على غرار النمسا أو السويد، وهما من أعضاء الاتحاد الأوروبي ولكنهما خارج حلف شمال الأطلسي.
وفي تصريحات للتلفزيون الرسمي، قال فلاديمير ميدينسكي كبير المفاوضين الروس: “تعرض أوكرانيا نموذجا نمساويا أو سويديا من دولة محايدة منزوعة السلاح، ولكن في الوقت ذاته، لها جيشها وأسطولها البحري الخاصين بها”.
ولدى النمسا والسويد، وهما الأكبر من بين ست دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي خارج حلف شمال الأطلسي، جيشان صغيران يتعاونان مع الحلف.
الضمانات الأمنية الغربية
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: “يجري بحث الوضع المحايد الآن بجدية مع ضمانات أمنية بالطبع”، مضيفا “هناك قطعا صيغ محددة تعتبر من وجهة نظري قريبة من اتفاق”.
بالنسبة لأوكرانيا، فإن أي تعهد بالحياد بينما تحارب بمفردها في ساحة المعركة سيحتاج على الأرجح إلى ضمانات، تعترف بها روسيا، وتتعلق بمساعدة القوى الغربية لها إذا تعرضت كييف للتهديد مرة أخرى.
وربما تكون هذه هي النقطة الأكثر صعوبة بالنسبة لموسكو، لأنها ترقى إلى حد ما لقبول الحلفاء، إن لم يكن حلف شمال الأطلسي نفسه، المشاركة في الدفاع المستقبلي لأوكرانيا.
يمكن أن تكون إحدى الطرق لجعل هذه النقطة أكثر قبولا للروس هو اقتراح بند يحد من أنواع الأسلحة المحفوظة داخل حدود أوكرانيا.
ومنع أوكرانيا من الانضمام لحلف شمال الأطلسي مطلب أساسي لروسيا، وتكرر في الأشهر السابقة على شنها ما تصفه بأنه “عملية خاصة” لنزع سلاح أوكرانيا، وتخليصها ممن تصفهم بالنازيين الجدد.
والثلاثاء الماضي، قال زيلينسكي إن أوكرانيا مستعدة لقبول ضمانات أمنية دولية لا تصل إلى حد تحقيق هدفها طويل الأمد بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
شبه جزيرة القرم ولوهانسك ودونيتسك
بدأت الحرب في أوكرانيا بالفعل منذ ما يقرب من عقد، عندما وقعت أوكرانيا، بعد انتفاضة عامة أطاحت الرئيس، اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي ورفضت قرضا من روسيا.
وقد رد الكرملين الغاضب بغزو شبه جزيرة القرم وضمها، بينما رعى وأرسل وكلاء للاستيلاء على لوهانسك ودونيتسك في منطقة دونباس الشرقية بأوكرانيا.
وكمقدمة للغزو الحالي، اعترف بوتين رسميا باستقلال هاتين المقاطعتين الانفصاليتين.
وكشرط للتسوية، قد تطالب روسيا باعتراف كييف والمجتمع الدولي بضمها لشبه جزيرة القرم، فضلا عن السيطرة الروسية الفعلية على دونباس، الأمر الذي تعهد الأوكرانيون بأنهم لن يفعلوه أبدا.
وفي كلمة مصورة صدرت صباح الخميس، قال زيلينسكي: “أولوياتي خلال المفاوضات واضحة تماما: نهاية للحرب وضمانات للأمن والسيادة واستعادة وحدة الأراضي وضمانات حقيقية لبلدنا وحماية حقيقية لبلدنا”.
المصدر: صحيفة الواشنطن بوست
ترجمة: أوغاريت بوست