يوم الخميس الماضي، تذكرت روسيا( وعلى لسان ميخائيل بوغدانوف) فجأة أنها شريك في العملية الدبلوماسية في سوريا، وفي عرض مثير للإعجاب للاعتبارات السياسية، أعلن بوغدانوف أن روسيا ترى في مشاركة الأكراد السوريين في العملية الدبلوماسية كعنصر أساسي في منع الانفصالية وبناء سوريا موحدة.
ويغازل الأكراد السوريون روسيا منذ فترة طويلة، ويرجع ذلك أساسًا إلى مخاوف من انسحاب القوات الأمريكية من سوريا. التقى كبار المسؤولين الروس بقادة الإدارة الذاتية، لكنهم امتنعوا حتى الآن عن الضغط لإدراجهم في العملية الدبلوماسية.
في علاقات روسيا الدقيقة مع تركيا، فإن أي ذكر للأكراد السوريين، الذين تصنفهم أنقرة منظمة إرهابية، في نفس الوقت الذي يتم فيه الحل الدبلوماسي، سيتسبب في إثارة غضب تركيا. اعتراف روسيا بحركة أو منظمة كردية كعنصر شرعي في المفاوضات حول دستور سوري جديد، وبالتالي للتغييرات في هيكل النظام، ستنظر إليه تركيا على أنه اعتراف بمنظمة إرهابية، ويمكن أن يقوض قدرتها على تصعيد العمليات العسكرية ضد هذه المجموعة.
ولكن عندما ترسل تركيا مساعدة عسكرية إلى أوكرانيا، وتزودها بطائرات بدون طيار قتالية متقدمة، وترسل مستشاريها إلى كييف، فهذا هو الوقت المناسب لروسيا للتلويح بالتهديد الذي سيضرب تركيا في الذي يؤلمها.
الحل الدبلوماسي في سوريا لا يزال حلما بعيد المنال. وانتهت الجولات السادسة من المحادثات التي عقدت هذا الشهر بين ممثلين عن المعارضة السورية والنظام السوري، بوساطة مبعوث الأمم المتحدة غير بيدرسن، بإعلان مقتضب عن “التفاؤل”، لكن دون نتائج جديرة بالتقرير.
وتشير التقارير عن نية تغيير تركيبة الفريق التفاوضي للمعارضة وهيكلية اللجنة الدستورية السورية، المنعقدة في الدوحة، إلى أن الطريق ما زال طويلاً أمام المعارضة. بينما يتحدث وزير الخارجية السوري فيصل المقداد عن “تعديلات على الدستور تم تمريرها عام 2012″، تطالب المعارضة بدستور جديد، والمساواة في الوضع السياسي وإزاحة الأسد، وكأن شيئًا لم يتغير في سوريا منذ بداية الحرب الأهلية.
تركيا ليست الدولة الوحيدة التي تلقت تحذيرات بشأن سوريا للتلميح إلى تورطها في أوكرانيا. في كانون الثاني، قامت طائرات روسية متمركزة في قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية بدورية جوية مشتركة مع القوات الجوية السورية، حلقت خلالها على طول حدود مرتفعات الجولان. سارعت إسرائيل إلى الاتصال بقاعدة اتصالاتها الروسية في سوريا وموسكو، لكن الإعلان الروسي الرسمي كان أن الدوريات ستستمر وستصبح الآن جزءًا من التعاون الروتيني بين القوات الجوية السورية والروسية. قبل أسبوعين، أعلن جنرال روسي أن قاذفات القنابل الروسية من طراز Tu-22MS المتمركزة في القاعدة في ايار الماضي يمكن أن تضرب أي هدف عبر البحر الأبيض المتوسط.
لم تمنع روسيا حتى الآن إسرائيل من شن غارات جوية ضد أهداف إيرانية، لكن الرسالة كانت واضحة: إذا كانت إسرائيل تخطط لمساعدة أوكرانيا بالسلاح، فيمكن تقييد حرية إسرائيل في العمل في سوريا، أو حتى إنهائها. ردت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على الضربات الإسرائيلية الأخيرة: “إنها انتهاك فظ لسيادة سوريا وقد تؤدي إلى تصعيد حاد في التوترات. مثل هذه الأعمال تشكل مخاطر جسيمة على رحلات الركاب الدولية”.
أصدرت إسرائيل بيانًا قالت فيه إنها حظرت نقل الأسلحة التي باعتها إلى دول البلطيق إلى أوكرانيا. قد تظهر الهجمات الأخيرة التي نفذتها إسرائيل في سوريا أن روسيا هدأت وأن إسرائيل لا تنوي التخلي عن الساحة الجوية السورية لصالح أوكرانيا.
الرسائل العسكرية الروسية إلى إسرائيل موجهة أيضًا إلى واشنطن، التي تعمل طائراتها في شمال سوريا. في العامين الماضيين، كانت هناك تقارير عن سلسلة من الحوادث الوشيكة بين الطائرات الأمريكية والروسية في سماء سوريا.
المصدر: صحيفة الهآرتس الاسرائيلية
ترجمة: أوغاريت بوست