دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

الضربات الإسرائيلية تثير القلق على الجانب السوري من حدود الجولان

أدت غارة إسرائيلية بطائرة بدون طيار في القنيطرة بسوريا إلى مقتل ثلاثة أشخاص، مما أثار التوترات. وفي خضم صراعات إعادة الإعمار بعد الأسد، تتزايد الدعوات للسلام والأمن وتحسين المعيشة.

استهدفت غارة إسرائيلية بطائرة بدون طيار يوم الأربعاء في القنيطرة، بالقرب من مرتفعات الجولان السورية، قافلة عسكرية، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، بمن فيهم رئيس بلدية قرية غدير البستان، عبدو الكومة.

كما قُتل عضوان من جهاز الأمن العام السوري الجديد في الضربة، مما يمثل أول هجوم مباشر على مديرية العمليات العسكرية منذ انهيار حكومة بشار الأسد في كانون الأول 2024.

وقال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال مؤتمر صحفي في دمشق: “إن هذا العدوان يؤكد تجاهل إسرائيل الصارخ للقانون الدولي وسيادة سوريا”.

وتزيد الضربة من التوترات المتزايدة في المنطقة مع استمرار القوات الإسرائيلية في عملياتها خارج المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان.

استهدفت الغارات الأخيرة البنية التحتية والقرى، مستشهدة بمخاوف أمنية بشأن الميليشيات المدعومة من إيران. يزعم المنتقدون أن هذه الإجراءات تعطل المجتمعات المحلية وتنتهك الاتفاقيات الدولية.

إعادة الإعمار وسط حالة من عدم اليقين

لقد أدت تداعيات سنوات الحرب والغارات الإسرائيلية الأخيرة إلى تفاقم تحديات إعادة بناء القنيطرة. قال أحمد أبو شرخ، مدير مشروع في محافظة القنيطرة، لموقع ميديا ​​لاين إن العقبات التي تعترض إعادة الإعمار كبيرة. وقال أبو شرخ: “لقد دمرت الحرب الاقتصاد، وتركت خزائن الدولة فارغة وغير قادرة على تمويل العمل التنموي”.

كما استشهد بالفساد الواسع النطاق والتلاعب الإداري كعقبات كبيرة، مما أدى إلى الهجرة الجماعية للأفراد المهرة اللازمين لجهود إعادة البناء.

وقال أبو شرخ “في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، واجهنا في البداية نقصًا حادًا في الموارد البشرية الماهرة. كانت هناك جهود لتدريب وتطوير الموظفين الأكفاء، لكن هذا يتطلب التزامًا طويل الأمد ببناء القدرات الإدارية والفنية، بما في ذلك الكليات المتخصصة”.

على الرغم من هذه الصعوبات، يرى أبو شرخ مسارًا للمضي قدمًا. وقال للموقع: “الحكومة الانتقالية تحت قيادة محمد البشير هي فرصة لتحقيق الاستقرار في البلاد”.

واضاف “إن دمج فصائل المعارضة تحت وزارة الدفاع سيساعد في الانتقال إلى الحكم المدني وإرساء الأمن وحقوق الإنسان وحماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم”.

وانتقد أبو شرخ أيضًا الوجود الإسرائيلي في المنطقة العازلة. وقال: “إنه بلا شك عمل من أعمال العدوان والاحتلال. وعلى الرغم من التحديات مثل انتشار الأسلحة وعدم استقرار الحدود، فإن الجهود جارية لجمع الأسلحة من المدنيين ووضعهم تحت السيطرة السليمة. إن مزاعم الفوضى لا أساس لها من الصحة”.

ومع ذلك، وفقًا لبيان صادر عن جيش الدفاع الإسرائيلي يوم الأربعاء، فقد استولت قواته العاملة في سوريا على أكثر من 3000 قطعة سلاح وأصول عسكرية أخرى منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول 2024. ومن بين العناصر المصادرة البالغ عددها 3300 قطعة أسلحة نارية وصواريخ مضادة للدبابات وأنظمة آر بي جي وقذائف هاون وأجهزة متفجرة ومعدات مراقبة وحتى دبابتين، وفقًا لمديرية التكنولوجيا واللوجستيات في جيش الدفاع الإسرائيلي.

إن جهود إعادة الإعمار هذه تعوقها عقود من الإهمال في ظل نظام الأسد، مما ترك البنية التحتية للمحافظة في حالة من الفوضى. فر العديد من السكان أثناء الحرب، ويواجه أولئك الذين بقوا نقصًا في الموارد الأساسية.

صراعات الحياة اليومية في القنيطرة

بالنسبة لسكان القنيطرة، فإن تأثير الصراع المستمر واضح في كل جانب من جوانب الحياة اليومية، وأشار أحمد السعيد، الذي يعمل في محل للفواكه والخضروات في خان أرنبة، إلى أن الأجور المنخفضة وندرة العمل الحر لا تزال تحد من القدرة الشرائية للعديد من السكان.

وقال: “لا يستطيع الناس شراء هذه السلع، مهما كانت رخيصة الثمن”.

ويضيف قرب البلدة من الحدود الإسرائيلية نوعاً آخر من القلق “يخشى الناس النزوح مرة أخرى، هذا الخوف متجذر في تجارب سابقة من النزوح القسري أثناء الحرب”.

التحديات في التعليم

التعليم في القنيطرة هو مجال آخر يعاني منه السكان. بالنسبة لهيفاء يونس، مديرة مدرسة الشهيد علي الجريدة الابتدائية في خان أرنبة، فإن الصعوبات تمتد إلى ما هو أبعد من الأمن والاقتصاد.

وقالت للموقع “تواجه المدرسة نقصًا حادًا في الموارد، بينما أجرت المنظمات الدولية بعض الإصلاحات، ما زلنا نفتقر إلى الأدوات الأساسية مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والمعدات السمعية والبصرية”.

على الرغم من هذه القيود، يظل المعلمون مكرسين لواجباتهم، ويقدمون الدروس بإمدادات محدودة.

وتخدم المدرسة، التي سميت على اسم بطل محلي من حرب عام 1973، الأطفال من رياض الأطفال إلى الصف السادس.

وقالت يونس: “التعليم هو سلاحنا ضد اليأس. لكننا بحاجة إلى موارد حديثة لمواكبة العالم”.

الرعاية الصحية تحت الضغط

تواجه الرعاية الصحية في القنيطرة تحديات مماثلة. يحتاج مستشفى عباس، أكبر منشأة طبية في المنطقة، بشدة إلى معدات حديثة وموظفين إضافيين. تكافح العيادات الأصغر في المناطق الريفية مثل مدينة السلام لتلبية الطلب المتزايد. قالت الدكتورة عناية كنشو، رئيسة مركز البحوث الزراعية السابق في القنيطرة: “نحن بحاجة ماسة إلى الاستثمار لتحسين المرافق الصحية”.

وأوضحت كنشو أن الافتقار إلى إمدادات المياه المستمرة والخدمات العامة الأخرى يزيد من العبء على كل من المرضى والموظفين الطبيين. إن خيارات الرعاية الصحية المحدودة غالباً ما تجبر السكان على السفر لمسافات طويلة لتلقي العلاج، مما يزيد من إجهاد مواردهم المالية والعاطفية.

وعلى الرغم من الصعوبات، يظل العديد من السكان متفائلين بحذر بشأن إمكانية السلام. وأكد غسان بدرية، وهو مسؤول إداري يبلغ من العمر 47 عاماً في مستشفى الجولان في قرية حضر، على الإمكانات التحويلية لاتفاقية سلام عادلة.

وقال: “يعيش معظم الناس هنا تحت خط الفقر. إن السلام العادل يمكن أن يشعل شرارة النمو الاقتصادي ويجلب الرخاء الحقيقي لهذه المنطقة”.

كما أكد على أهمية الاحترام المتبادل في أي مفاوضات سلام. وقال بدرية: “إذا كانت إسرائيل تريد السلام، فعليها أن تعامل سوريا كشريك متساوٍ وأن تتواصل مع قيادتنا من خلال وسطاء موثوق بهم”.

دعوات للحوار وإعادة الإعمار

أعلنت الحكومة السورية الجديدة عن خطط لعقد مؤتمر للحوار الوطني في وقت لاحق من هذا الشهر. ويهدف المؤتمر إلى جمع 1200 ممثل لمناقشة مستقبل البلاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وأكد أحمد أبو شرخ أن مثل هذه الجهود ضرورية للاستقرار على المدى الطويل.

وقال أبو شرخ للموقع : “إن دمج فصائل المعارضة تحت إشراف وزارة الدفاع والانتقال إلى الحكم المدني سيساعد في إرساء الأمن وحقوق الإنسان”.

وشدد آخرون، مثل يونس وكنشو، على الحاجة إلى الدعم الدولي لمعالجة التحديات الإنسانية الفورية.

وقالت كنشو: “النقل والرعاية الصحية والتعليم – هذه هي أسس الاستقرار”. وقال بدرية: “السلام لا يتعلق فقط بإنهاء الصراع. إنه يتعلق بخلق الفرص وبناء حياة أفضل للجميع”.

المصدر: موقع ميديا لاين

ترجمة: أوغاريت بوست