أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يخشى الكثير من المهاجرين السوريين العالقين على الحدود بين بيلاروسيا و بولندا من العودة إلى بلادهم خوفاً من المطاردة الأمنية و الأوضاع الاقتصادية والامنية السيئة التي تخيم على البلاد، خاصة وأن أغلبهم باعوا كل ما شقوا في جنيه خلال سنوات عمرهم ووضعوه على رحلة هجرتهم التي لم تكتمل حتى الآن لأوروبا.
السوريون بين الخوف من العودة واختيار الموت
ومنذ أكثر من شهرين لاتزال معاناة المهاجرين العالقين على الحدود البيلاروسية البولندية مستمرة، حيث يشكل السوريون والعراقيون أغلب المهاجرين العالقين. وكشفت تقارير إعلامية بان بعض المواطنين من سوريا قرروا العودة إلى بلادهم بعدما تقطعت بهم السبل ووصولهم لقناعة أنهم لن يدخلوا الاتحاد الأوروبي، فيما يرفض البعض الآخر العودة خوفاً من المطاردة الأمنية والأوضاع الاقتصادية بعد أن بات لا يملك شيئاً في بلده.
وأدت موجات البرد القارس وهطول الثلوج وعدم وجود أي مقومات للحياة، لفقدان الكثير من المواطنين السوريين وأبنائهم لحياتهم على الحدود البيلاروسية البولندية، وذلك بعد أن رفض الاتحاد الأوروبي دخولهم إلى أراضيه، وعلقوا في غابات دون أن يملكوا أي شيء يقيهم برد الشتاء القارس.
الخوف من الاعتقال والخدمة الإلزامية والانتقام
هذه الحالة المأساوية التي لم يتحرك المجتمع الدولي لفعل أي شيء حيالها، دفعت بالكثير من السوريين والعراقيين أيضاً لمراجعة أنفسهم وقرارهم بالعودة إلى وطنهم، وسط خشية كبيرة لما ستؤول إليهم أوضاعهم بعد العودة لوطنهم، كون أغلب المهاجرين الذين يرغبون بالعودة لم يعد يملكون شيئاً للاستمرار بحياتهم، خاصة وأن سوريا والعراق يشهدان أزمة اقتصادية وعدم استقرار في الأوضاع الأمنية، إضافة لمخاوف من المطاردة الأمنية، خاصة وأن هناك المئات من الشباب فارين من الخدمة الإلزامية وعند عودتهم لابد لهم من الالتحاق بها؛ هذا إن لم يعاقبوا.
ورغم تصريحات الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو بأنهم لن يجبروا أي مهاجر على المغادرة، وجدت العديد من العائلات أنفسها في رحلة عودة إجبارية لأوطانهم، وخلال الأيام الماضية عاد العشرات من الأشخاص من بيلاروسيا إلى أوطانهم.
وقامت شركة الطيران السورية “أجنحة الشام” بأول رحلة لإجلاء السوريين الراغبين بالعودة إلى البلاد، حيث حملت على متنها في أول رحلة يوم الأربعاء الماضي، 97 راكباً.
ونقلت وكالة “رويترز” للأنباء عن أحد المهاجرين الشبان، أن تأشيرته انتهت منذ أكثر من شهرين، ولم يكن لديه مكان ليذهب إليه كما تم منعه من دخول لبنان، وعبر عن مخاوفه من العودة إلى دمشق كونه لم يؤدي الخدمة الإلزامية.
كما عبر العشرات من المواطنين السوريين العالقين عن قلقهم وخوفهم من “انتقام السلطات السورية واعتقالهم” عند عودتهم، مشيرين إلى أنهم يفضلون البقاء في هذه الأجواء القاسية في غابات بيلاروسيا على العودة إلى سوريا، كونهم لن يستطيعوا بناء مستقبلهم على الإطلاق خاصة مع ما تعانيه البلاد من أزمة اقتصادية ونزاعات مسلحة.
“بصيص أمل”
وبحسب رويترز، فإن هناك بعض السوريون الذين لايزال يأملون في أن تتراجع الدول الأوروبية عن قرارها و يتم السماح لهم بالدخول، لافتين إلى أنهم سيبقون “فإما الموت أو الدخول لأوروبا”.
ويتهم الاتحاد الأوروبي يبلاروسيا، بالسماح للآلاف من المهاجرين بالقدوم إلى أراضيها وإعطائهم تأشيرات الدخول، واعتبرت أن مينسك تهدف لزعزعة أمن واستقرار الاتحاد الأوروبي عبر خلق أزمة اللاجئين الحالية ردا على عقوبات ضده.
وبحسب تقارير إعلامية فإن العديد من السوريين فقدوا حياتهم في الفترة الماضية نتيجة البرد القارس وغياب أي دعم للمهاجرين العالقين على الحدود.
هل دمشق متورطة بخلق أزمة المهاجرين ؟
وقبل أزمة اللاجئين، اكتظت مراكز الهجرة والجوازات في مناطق سيطرة الحكومة السورية، حيث كان السوريون يخرجون جوازات سفرهم للهجرة نحو بيلاروسيا والدخول لدول الاتحاد الأوروبي، واعتبرت تقارير إعلامية بأن التساهل الذي بُدر من الحكومة السورية ونقل خطوطها الجوية وخاصة “أجنحة الشام” تدل على تواطؤ مع بيلاروسيا لخلق هذه الأزمة وإغراق أوروبا بالمزيد من المهاجرين.
ويخشى المهاجرون العالقون من أن تستمر معاناتهم لأشهر عدة، وتمسك كل الأطراف بآرائهم التي تمنعهم من الدخول لدول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فإن حياتهم ستكون حينها في خطر.. هذا الخطر الذي سيهدد حياتهم أيضاً في حال عودتهم إلى بلدهم.
إعداد: علي إبراهيم