أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد أن تم تأجيل “الاجتماع الرباعي” الذي كان من المفترض أن يعقد بين نواب وزراء الخارجية الروسي والسوري والإيراني والتركي بهدف إزالة العقبات أمام إعادة تطبيع العلاقات بين الحكومة السورية والتركية بعد قطيعة دامت لأكثر من 11 عاماً، وقول موسكو أن الاتصالات جارية لعقد هذا الاجتماع وإعادة العلاقات، كشفت تقارير إعلامية بأن “مسار التطبيع” أجل “لما بعد الانتخابات التركية”.
عودة العلاقات والانتخابات التركية
ومن المقرر أن تجري الانتخابات الرئاسية في تركيا خلال شهر أيار/مايو المقبل، حيث يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان معارضة شرسة هذه المرة قد تطيح بحكم العدالة والتنمية المستمر منذ 15 عاماً، خاصة بعد انهيار شعبية الرئيس التركي نتيجة “السياسات الخاطئة” في سوريا ودول الجوار وتدخله في أزمات سياسية وصراعات أثرت بشكل كبير على اقتصاد البلاد وجعلها نقطة لقدوم اللاجئين إليها، وما يمكن أن يميل الكفة للمعارضة؛ فوزها ببلديات ولايات كبرى منها اسطنبول خلال انتخابات البلديات السابقة، وهي الولاية التي تظهر بنسبة كبيرة شكل نظام الحكم في البلاد.
الرئيس الروسي بحسب ما تراه أوساط سياسية، لا يريد أن تأتي جهة أخرى لسدة الحكم في تركيا غير الرئيس أردوغان، لذلك يعمل على تحقيق أي شيء يحسب له، ويعتبر أن الخلاص من الأزمة السورية بما فيها ملف اللاجئين وإعادة العلاقات مع الأسد ستعطي فرصة كبيرة كي يضع المقترع التركي صوته لحزب العدالة والتنمية.
بوتين يريد بقاء أردوغان في سدة الحكم
وتعتبر هذه الأوساط السياسية أن هدف الرئيس الروسي من بقاء أردوغان في سدة الحكم، هو عدم تأكده من تعامل المعارضة مع موسكو في حال وصولها للسلطة، ويمكن أن تكون موالية للغرب وتشارك في العزلة المفروضة على روسيا والعقوبات ضدها، لذلك تستميت روسيا لمساندة أردوغان للبقاء من خلال خطوات قد ترفع من شعبيته، بينما حل الأزمة السورية ليس ببال بوتين لا من قريب ولا من بعيد.
صحيفة “فيدوموستي” الروسية، كشفت إن مسار التطبيع بين تركيا وسوريا ”لم يتوقف” إنما أُجّل إلى ما بعد الانتخابات التركية. وجاء ذلك بعد ساعات من تصريحات رسمية روسية تحدثت عن استمرار جهود موسكو لإعادة العلاقات.
فترة راحة.. والأسد ينتظر وصول المعارضة للسلطة
ونقلت الصحيفة الروسية عن الباحث في “معهد الدراسات الشرقية في أكاديمية العلوم الروسية”، عمر جادجييف، أن أنقرة ودمشق “لم يتخليا عن خطط تطبيع العلاقات، لكنهما أخذا فترة راحة”، مشيراً إلى أن امتناع الحكومة التركية عن توجيه انتقادات لتصريح الرئيس السوري بشار الأسد، حول ضرورة سحب القوات التركية من سوريا يدل على أن “الطرفين جمدا عملية التطبيع ولم يوقفوها نهائياً”.
وكانت الرئاسة التركية علقت على تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد، الذي ربط الجلوس مع أنقرة بالانسحاب العسكري الكامل من الأراضي السورية ووقف الدعم عن “الإرهاب”، واعتبرت أن شروط الأسد “غير مناسبة لتطبيع العلاقات”.
وبالعودة لتقرير الصحيفة الروسية، فإن أنقرة ودمشق عززا العلاقات في مجال العمليات الإنسانية والإغاثية بعد الزلازل المدمرة الأخيرة، أما بالنسبة لعملية التطبيع السياسي، فمع اقتراب موعد الانتخابات التركية وعدم ضمان فوز أردوغان، يمكن الافتراض أن الأطراف قد أخذت استراحة لتطوير آليات جديدة للتفاعل”، حسب تعبيره.
بدوره اعتبر المحاضر في علم الاقتصاد، أندري زيلتين، في حديث للصحيفة الروسية أن الوقت “غير مناسب لتطبيع العلاقات بين الحكومة السورية وتركيا”، وأشار إلى أن أنقرة في خضم “حمى انتخابية، وفرص أردوغان في إعادة انتخابه تبدو قاتمة”، مبيناً أنه في حال فازت المعارضة التركية، التي لا تخفي توجهها نحو الغرب وحلف شمال الأطلسي، في الانتخابات، فإن شكل المحادثات مع الحكومة السورية سيتغير بشكل كبير.
ويتفق محللون سياسيون على أن الرئيس السوري يراهن على فوز المعارضة التركية في الانتخابات المقبلة لذلك يحاول تصدير “الشروط”، والتي تراها أنقرة غير واقعية في الوقت الحالي، وخاصة انسحاب قواتها من شمال سوريا، مشيرين إلى أن دمشق لم تكن مندفعة منذ البداية ولولا الدفع الروسي لما كانت دمشق لتسلك هذا المسار من الأساس.
المعارضة جاهزة للتطبيع مع الأسد
ولطالما أبدى زعيم المعارضة كلشدار أوغلو نيته التقارب مع الحكومة السورية حال وصوله إلى السلطة، بينما بعث كليشدار أوغلو برسالة تعزية عن ضحايا كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا إلى الرئيس السوري.
وتسيطر تركيا على مساحات واسعة من الأراضي السورية تشمل إدلب وإعزاز والباب وجرابلس وعفرين ورأس العين وتل أبيض، وسعت أنقرة لزيادة مساحات سيطرتها العسكرية عبر عمليات وهجمات على مناطق شمال شرقي البلاد، وإبدائها مرات عدة شن عمليات عسكرية جديدة إلا أن الرفض الأمريكي والروسي والإيراني حال دون ذلك.
إعداد: ربى نجار