أوغاريت بوست (مركز الأخبار)-جدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، دعوته لدعم خطط بلاده، لإنشاء مدن وقرى لللاجئين السوريين المتواجدين على أراضيها، في المناطق التي سيطرت عليها القوات التركية وفصائل المعارضة السورية، بشمال شرق سوريا، وذلك خلال مشاركته في منتدى اللاجئين بجنيف الذي عقد، الثلاثاء، على مدار يومين متتاليين، الأمر الذي اعتبرته دمشق خطة تركية لتغيير ديمغرافية الشمال السوري، عبر إفراغ تلك المناطق من سكانها، وتوطين آخرين من مناطق أخرى مكانهم.
أردوغان طالب مجدداً في “المنتدى العالمي” بإعادة توطين اللاجئين السوريين في شمال سوريا
تعد قضية اللاجئين السوريين، من أعقد المسائل التي أفرزتها الأزمة السورية وحربها الطاحنة التي أتت على الحجر والبشر، على مدار 8 أعوام الماضية. حتى أصبح هؤلاء اللاجئين، بشقيهم الداخلي والخارجي، ورقة رابحة بيد الأطراف الضالعة أصلاً في أزمتها، تستثمرها للضغط السياسي حيناً، والابتزاز أحياناً أخرى.
وعقد، الثلاثاء الفائت، في جنيف المنتدى العالمي الأول للاجئين الذي تنظمه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وبطبيعة الحال كان ملف اللاجئين السوريين الحاضر الأبرز في أعمال المنتدى.
وتعد تركيا من بين الدول التي تستضيف العدد الأكبر من اللاجئين السوريين، وبينما كانت أنقرة تستخدم خطاباً إنسانياً وأخلاقياً في مسألة استقبال اللاجئين في بداية الأزمة السورية، يبدو أنها أصبحت ورقة رابحة بيدها، لتمرير أجنداتها في سوريا المستقبل، وكسب مواقف سياسية داعمة لمصالحها، وفق مراقبين.
وخلال مشاركته في المنتدى العالمي للاجئين، أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الحاجة إلى “صيغة للسماح بإعادة توطين اللاجئين السوريين الذين نزحوا إلى تركيا في بلادهم”. داعياً إلى “إقامة منطقة سلام في شمال سوريا وبناء مساكن ومدارس للاجئين”.
وأشار أردوغان إلى أن “371 ألف لاجئ سوري جرت إعادة توطينهم طواعية بشمال سوريا منذ بدء العمليات العسكرية التركية”. مضيفاً أن أكثر من 600 ألف لاجئ سينضمون لهؤلاء قريباً. كما وصف أردوغان، في معرض رده على أسئلة الصحفيين، أن المنتدى كان عملاً ناجحاً.
الحكومة السورية تتهم تركيا بإجراء تغيير ديمغرافي في شمال سوريا والمتاجرة بمعاناة السوريين
الحكومة السورية من جهتها وعلى لسان مسؤول في وزارة خارجيتها، قالت إنها ترفض بشكل قاطع السياسات والخطط التي يروج لها الرئيس التركي أردوغان، لما تسمى بالـ “المنطقة الآمنة” شمال شرقي البلاد.
ونقلت وكالة “سانا” الرسمية عن المصدر المسؤول في الخارجية السورية، الخميس، تعليقاً على تصريحات أردوغان أمام المنتدى: “من جديد يحاول أردوغان استغلال المنابر الدولية للترويج لخططه المشبوهة حول ما يسميه بـ”المنطقة الآمنة” المزعومة، واستخدام قضية عودة اللاجئين ذريعة لإبعاد مليون من السوريين إلى المناطق التي يحتلها في الشمال الشرقي من سوريا، في إطار عملية إبعاد وترحيل جماعي قسري لسكان تلك المناطق وإحلال آخرين مكانهم”.
وأضاف المصدر، أن مطالبة أردوغان بالموارد النفطية السورية، واستخدامه لتمويل خططه كشف نياته الحقيقية وأفعاله القائمة على انتهاك القانون الدولي.
واتهم المصدر تركيا بتسببها بأزمة اللاجئين منذ بداية الأزمة في البلاد، والمتاجرة بمعاناة الإنسانية للمهجرين السوريين، قائلاً: “سياسة الباب المفتوح التي أشار إليها الرئيس التركي في خطابه أمام المنتدى العالمي للاجئين، لم تكن في واقع الأمر سوى سياسة باب دوار استخدمه أردوغان لإدخال آلاف الإرهابيين الأجانب إلى سوريا وتسليحهم وتمويلهم، ولدفع السوريين بالمقابل للنزوح القسري عبر الحدود هرباً من جرائم الإرهاب المدعوم من تركيا، تمهيداً لاستغلال قضية اللاجئين لاحقاً كورقة ابتزاز وسلعة للمقايضة على مكاسب سياسية ومالية يسعى للحصول عليها من شركائه في التآمر على سوريا”.
في وقت سابق.. أردوغان كشف عن مطالبته بإنفاق عائدات النفط السوري في بناء المدن والقرى للاجئين على الشريط الحدودي
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، كشف أردوغان، أنه طالب من قادة دول العالم، بإنفاق عائدات النفط السوري في شمال شرق البلاد، في إقامة مدن وقرى للاجئين السوريين، في “المنطقة الآمنة” على إثر عملية “نبع السلام” التي سيطرت تركيا وفصائل المعارضة السورية من خلالها، على منطقتي رأس العين وتل أبيض، في شمال شرق سوريا، بعد إخراج قوات سوريا الديمقراطية منهما.
أنقرة تخوض صراعاً مع أوروبا حول مسالة تمويل إيواء اللاجئين أو دعم خططها في “المنطقة الآمنة”
وعلى الجانب الآخر، تخوض تركيا، صراعاً آخر مع الأوروبيين، في قضية اللاجئين السوريين، حيث هددت أنقرة مراراً بفتح حدودها أمام اللاجئين، للتدفق إلى أوروبا، إن لم تقدم لها دول الاتحاد الأوروبي، ما تعهدت بها من التزامات مالية لتركيا لإيواء اللاجئين، والتي تقدر بـ (6.61 مليار دولار)، أو دعم خططه بتوطين هؤلاء في “المنطقة الآمنة”، فيما يقول الاتحاد الأوروبي، أنه قدم هذا المبلغ لأنقرة بالفعل.
وتشاطر الحكومة السورية والإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، المخاوف ذاتها، بشأن إعادة توطين اللاجئين المتواجدين في تركيا في الشمال السوري. وتتهم الطرفان تركيا بإجراء تغير ديمغرافي في تلك المنطقة، عبر إسكان موالين لأنقرة مكان سكانها المهجرين بفعل العمليات العسكرية التركية، بهدف إقامة شريط حدودي تضم موالين لحكومة العدالة والتنمية التركية.
الأمم المتحدة: أكثر من 25 مليون لاجئ يبحثون عن حلول والرقم مضاعف إذا أضيف إليهم النازحين داخل بلدانهم
وتجدر الإشارة إلى أن المنتدى العالمي للاجئين، يهدف للحصول على تعهدات بتوفير مساعدات مالية وتقنية وتشجيع إحداث تغييرات في السياسة لتمكين اللاجئين من الاندماج بشكل أفضل في المجتمع.
وحثت الأمم المتحدة حكومات وشركات، الثلاثاء المنصرم، على تنشيط جهودها لمساعدة اللاجئين، وذلك مع ارتفاع عدد الفارين من بلادهم، إلى جانب تنامي العداء للمهاجرين، وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين خلال المنتدى: أكثر من 25 مليون لاجئ يبحثون عن حلول. مشيراً إلى أن الرقم أعلى بكثير إذا أضيف إليهم النازحين داخل بلدانهم.
إعداد: رزان أيوبي