أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في إطار ما يشهده الملف السوري من تطورات متسارعة تلت فترة ما بعد كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، وعودة العرب لدمشق، وعودة دمشق للجامعة العربية، وحضور الرئيس بشار الأسد للقمة في جدة، يبدو أن هناك احتمال في عرقلة إعادة العلاقات بشكل كامل بين دمشق والعرب، وذلك بعد تصريحات من قبل وزير الخارجية السوري فيصل المقداد التي وصفت بأنها “نسفت مبادرة خطوة مقابل خطوة”.
الموقف السوري الجديد تجاه العرب، يقابله موقف تركي قد يكون هو الآخر حجر عثرة أمام مساعي روسيا لإعادة العلاقات والتطبيع بين دمشق وأنقرة، وذلك بعد تصريحات المسؤولين الأتراك حول عدم انسحابهم من سوريا واعتبار أن بعض المناطق الشمالية “كحلب” هي أراضي تركية وأن مواطنيها “مواطنون أتراك”، ناهيك عن بعض التطورات العسكرية في منطقة “خفض التصعيد”.
هذه التطورات الأخيرة، وضع متابعون فرضية عودة الملف السوري إلى “نقطة الصفر”، واصفين إياها “بإنقلاب الأسد على العرب.. وانقلاب أردوغان على الأسد”.
المقداد ينسف “خطوة مقابل خطوة” ويعلق على 2254
البداية من تصريحات وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، الذي تحدث عن “خطوة مقابل خطوة”، وقال إنه لم يتم الحديث عن العمل خطوة بخطوة بشأن حل الأزمة السورية في اجتماع عمان الذي عقده مع وزراء خارجية السعودية والأردن والعراق ومصر مطلع الشهر الحالي، ناسفاً بذلك ما تم الحديث عنه في الاجتماع وما جاء في البيان الختامي.
وأشار المقداد خلال مقابلة مع قناة “روسيا اليوم”، إلى أنه تم التأكيد في اجتماع عمان على إيجاد حل تدريجي للازمة السورية، وفيما يتعلق بعودة اللاجئين، أوضح أنه لا يمكن للاجئين أن يعودوا مباشرة إلى سوريا، وأنه يجب تهيئة الظروف لهم قبل قدومهم.
وحول القرار الدولي 2254، لفت المقداد إلى أن الحكومة السورية ستنفّذ ما يهمها منه، وسيسعى إلى الحل السياسي الذي يستلزم القضاء على الإرهاب وإعادة إنعاش الأوضاع الاقتصادية وإنهاء العقوبات المفروضة من الدول الغربية.
دمشق للعرب “لا يمكنني محاربة تجارة المخدرات” فماذا عن واشنطن ؟
وكانت تقارير إعلامية نقلت عن مصادر مطلعة على اجتماعات الجامعة العربية الأخيرة أفادت بأن دمشق أخبرت العرب أنه لا يمكنها محاربة والحد من تجارة المخدرات في البلاد وتهريبها إلى الأردن دول الخليج، وهذا ذكره المقداد أيضاً في حديثه، حيث حمل الحرب في سوريا مسؤولية تحول البلاد لممر لتهريب الممنوعات، وعبر عن أمله بمساعدة العرب للتخلص منها.
ويفهم من حديث الوزير السوري أن دمشق بحاجة للدعم المالي لمواجهة هذه الآفة، ومن دون هذا الدعم لن يكون هناك مكافحة مخدرات، بينما العرب وصلتهم رسالة تهديد من الولايات المتحدة تقول بأنهم سيتعرضون للضغوطات في حال مساندة دمشق مالياً لأجل مكافحة الإرهاب والمخدرات، كون هذا ادعاء ولن يكون هناك أي خطوات بهذا الاتجاه.
“اليد الأردنية الحديدية”.. وعمان تتحدث مع الأمم المتحدة عن “خطوة مقابل خطوة”
وبعد الموقف السوري الأخير، بساعات، توعد الملك الأردني عبد الله الثاني، بضرب عصابات المخدرات المحلية والإقليمية التي تهدد أمن المملكة “بيد من حديد”، وأشار إلى أنهم سيقدمون كامل الدعم للقوات المسلحة للتصدي لهذه العصابات”.
كما أطلع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الأمين العام للأمم المتحدة انتونيو غوتيريش على الجهود العربية للحل في سوريا على أساس مبادرة “خطوة مقابل خطوة” وبما يستند للمقررات الدولية،
وكان الجيش الأردني شن غارات جوية على مناطق جنوب سوريا خلال الفترة الماضية، أسفرت عن مقتل أكبر تجار المخدرات في المنطقة، مرعي الرمثان”، وينشط الجيش الأردني في مجال إحباط عمليات تهريب أسلحة ومخدرات قادمة من سوريا، وتنقل منها إلى دول الخليج.
أردوغان يرد على دمشق “لن ننسحب”.. وصويلو “حلب ولاية تركية”
أما بخصوص ما قيل “انقلاب أردوغان على الأسد”، ما جاء في تصريحات الرئيس التركي قبل أيام، حول عدم امكانية سحب قواتهم العسكرية في سوريا، وأنهم سيستمرون في “محاربة الإرهاب” في الشمال السوري، وسيكون هناك مساعي لإعادة مليون سوري إلى الشمال خلال الفترة القادمة. وذلك كرد على حديث المقداد الذي ربط التطبيع مع أنقرة بالانسحاب العسكري.
إضافة لذلك، جاءت تصريحات وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، لتزيد من تعقيد الأمور، حيث اعتبر أن الشمال السوري ومن بينها “حلب” والشمال العراقي، أراضي تركية في إطار ما أسماها “الحدود الوطنية” في إشارة إلى “الميثاق الملي”.
القوات التركية تنتقل لخطوط التماس مع قوات الحكومة السورية
وبالتزامن مع التصريحات التركية، أخلت القوات التركية بشكل مفاجئ مواقعها الداخلية في ريف محافظة إدلب ضمن منطقة “خفض التصعيد”، وذكر المرصد أن القوات التركية أخلت العديد من النقاط ابتداء من بلدة معارة النعسان وحتى محيط مدينة سراقب، بينما تقدمت نحو خطوط التماس، وتمركزت في مواقع جديدة لتعزيز خط المواجهة مع قوات الحكومة السورية، ووصل عدد كبير من القوات المنسحبة إلى مطار تفتناز العسكري والنقاط المتقدمة قرب قرية الطلحية.
هذه التحركات العسكرية الجديدة اعتبرتها أوساط متابعة أنها تأتي لمواجهة أي تصعيد محتمل على المنطقة، مشيرين إلى أنها قد تكون وسيلة ضغط على دمشق للقبول بالجلوس لطاولة التفاوض دون أي شروط مسبقة.
دمشق تربط التطبيع “بالانسحاب” والوقت مبكر عن “خارطة طريق”
وفي السياق، نقلت صحيفة “الوطن” السورية عن مصادر أن دمشق شددت على عدم التنازل عن مبادئها في عملية التطبيع مع تركيا، ومن بينها “إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب وعدم التدخل في شؤون الدولة الداخلية”.
وأضاف المصدر، أنه من المبكر الحديث عن أي خطوات تطبيعية وإعداد لجنة سورية لمتابعة خريطة طريق لتطوير العلاقة مع تركيا، وأشارت إلى أن كل هذا مرتبط بتنفيذ الشروط المطروحة.
إعداد: ربى نجار