أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تشهد مناطق شمال شرق سوريا والبادية تصاعداً ملحوظاً لنشاط تنظيم داعش الإرهابي وخلاياه النائمة من حيث شن الهجمات على مواقع عسكرية وأمنية لمختلف الأطراف واستهداف المدنيين ممن يرفضون الفكر المتطرف لهذا التنظيم وممارساته، يأتي ذلك في وقت لاتزال جهات دولية معنية بشؤون الإرهاب تحذر من استفادة داعش للأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط والحرب في غزة وتوقف الحرب ضده، للعودة واستعادة نشاطه وقوته من جديد.
ماذا بعد “الانتصار العسكري” على داعش ؟
وفي مناطق شمال شرقي سوريا، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية فيها في آذار/مارس 2018، تحرير كامل المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، وذلك بعد طرد التنظيم من آخر معاقله في قرية الباغوز، واستسلام العشرات من العناصر وعائلاتهم للقوات العسكرية الشريكة للتحالف الدولي، وبعدها تم الإعلان عن الدخول في “المرحلة الأمنية” والتي من خلالها سيتم تنفيذ عمليات أمنية ضد خلايا التنظيم بعد الانتصار العسكري.
ورغم تلقي التنظيم لضربات موجعة بمقتل “أميره” المدعو “أبو بكر البغدادي” وخليفته، والمتزعمين من الصف الأول، إلا أن داعش بدأ مجدداً بالعودة لشن هجمات على مواقع عسكرية وأمنية في مختلف مناطق شمال شرق سوريا والبادية، مع تحذيرات جدية من خطورة المخيمات التي تؤوي عشرات الآلاف من نساء وأطفال التنظيم والتي يتم وصفها “بالقنابل الموقوتة” والبيئة الخصبة لتلقي الفكر المتطرف للأجيال القادمة من أطفال التنظيم.
اجتماع دولي لمناقشة ملف داعش في سوريا
وبعد سنوات من دعوات الإدارة الذاتية للمجتمع الدولي بالمساندة لحل هذه المعضلة، عقد اجتماع دولي هو الأول من نوعه في مدينة جنيف السويسرية، بمشاركة دول التحالف و الإدارة الذاتية، حيث تم مناقشة ملفات عدة بخصوص التنظيم منها “قضية المحتجزين ومسؤولية المجتمع الدولي وتحمله التزاماته حيال حل هذه المعضلة”.
وفي هذا السياق، قال “الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية، بدران جيا كرد” في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الكردية “هوار”، بأن “قضية محتجزي داعش وعوائلهم قضية دولية وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم حيالها”.
“الاجتماع ناقش سبل تعزيز الجهود لمحاربة داعش”
جيا كرد الذي كان على رأس الوفد القادم من مناطق الإدارة الذاتية، قال خلال الاجتماع الدولي الذي عقد يومي الـ29 و الـ30 من تشرين الثاني الماضي، إن الاجتماع استعرض مجموعة من القضايا الرئيسية المتعلقة بسبل تعزيز الجهود لمكافحة الإرهاب، والتأكيد على ضرورة التركيز على جهود شاملة على مستويات مختلفة بما في ذلك الجوانب السياسية والإنسانية والقضائية بهدف تحقيق القضاء الشامل على داعش”.
وحضر الاجتماع الدولي الأول من نوعه، ممثلون عن دول أوروبية وآسيوية ومنظمات دولية، وتم التباحث خلاله مع وفد الإدارة الذاتية، سبل مواجهة داعش وتحديد الجهود اللازمة لضمان هزيمته المستدامة.
مسؤولية كبيرة.. وتجاهل دولي
ودائماً كانت الإدارة الذاتية تؤكد أنه يجب على المجتمع الدولي المساندة في التقليل من المسؤولية الملقاة على عاتقها إزاء ملف محتجزي داعش وعائلاته في المخيمات، إضافة إلى مشاركة دولية في إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة من تلطخت أيديه بدماء السوريين.
وحول ذلك قال المسؤول في الإدارة الذاتية خلال تصريحات إعلامية، بأن “الجهود العسكرية وحدها لا تكفي للقضاء المستدام على هذا التنظيم، وأن قضية المحتجزين من داعش وعوائلهم في شمال وشرق سوريا قضية دولية وعلى الجميع العمل من أجل تحقيق تنسيق وتعاون دولي شامل، مع التحمّل المشترك للمسؤوليات من قبل القوى الدولية من خلال تأمين المخيمات ومراكز الاحتجاز، وإنشاء المزيد من مراكز التأهيل للأطفال داعش الذين يتلقون فكراً أيديولوجياً متطرفاً، ما يجعلهم تهديداً كبيراً على المستوى الدولي”.
“حل قضية عائلات داعش ومحاولات عرقلة الحرب”
وسبق أن أقدمت الإدارة الذاتية على العديد من الخطوات التي من شأنها التقليل من مخاطر ترك الأطفال مع أمهاتهم من نساء التنظيم، اللواتي لم يذخرن جهداً في تلقين أطفالهن الفكر الداعشي المتطرف والاستمرار بالحرب حتى إعلان ما يسمونه “بالدولة الإسلامية”، وهذا الأمر حذرت منه جهات دولية مراراً لكن دون أي دعم أو مساندة للإدارة الذاتية في فتح مراكز تأهيل أو استعادة الدول لرعاياها التي قاتلت مع التنظيم.
وفي هذا السياق، تحدث “الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية بدران جيا كرد”، بأن “الاجتماع أكد على ضرورة البحث عن حلول متوسطة على الأقل لقضية الأطفال والنساء والرجال، حيث أشير إلى أن الترحيل بمفرده لا يُعتبر حلاً جذرياً، نظراً لوجود عراقيل تعترض ذلك. وكما تم التطرق إلى التحديات التي تواجه جهود الإدارة الذاتية في مكافحة داعش، وخاصة العدوان التركي المستمر على المنطقة، الذي يُعتبر عاملاً يُضعف جهود مكافحة الإرهاب ويهدد أمن واستقرار المنطقة والذي يستغله داعش”.
إعداد: علي إبراهيم