أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لأول مرة منذ اندلاع الأزمة السورية، تستقبل سوريا رئيساً إيرانياً، حيث التقى الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي بالرئيس بشار الأسد في العاصمة السورية دمشق، وذلك لإجراء مباحثات ثنائية حول الأوضاع على الساحتين السورية والعربية، وتوقيع مذكرات تفاهم في مجالات عدة منها الطاقة وإعادة الإعمار والأمن والسياسة الخارجية.
وتعتبر إيران أحد الحلفاء الأقوياء لدمشق، والتي ساعدتها على القضاء على المعارضة السورية في محيط العاصمة بعد تدخلها العسكري في البلاد في السنوات الأولى من الصراع المسلح على السلطة، كما كانت طهران مشاركة في كل الاجتماعات والمسارات الحل في سوريا، وكانت شريكة لدمشق وخففت من الضغوطات الممارسة عليها من قبل الحليف الأكبر (روسيا)، وخاصة في إطار إعادة تطبيع العلاقات.
ولدى إيران الكثير من القواعد العسكرية المشتركة مع قوات الحكومة السورية، كنوع من التمويه والتخفي، للحد من الهجمات الإسرائيلية ضدها، إلا أن ذلك لم يعد يفلح، حيث صعدت إسرائيل عمليات الاستهداف ضد المواقع الإيرانية حتى البعيدة عن حدودها، كما لإيران سيطرة ونفوذ على قسم كبير من الأراضي السورية وخاصة في دير الزور ودمشق والجنوب.
زيارة تزامنت مع جهود عربية للحل في سوريا
وبالعودة لزيارة “رئيسي” التي جاءت على رأس وفد يضم وزراء الطاقة وإعادة الإعمار والخارجية والدفاع، فهي تأتي في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من تغيرات، خاصة في الملف السوري، حيث بدأت بعض الدول العربية بإعادة علاقاتها مع دمشق، وبات العرب يوسعون ويكثفون من جهودهم لإعادة دمشق للجامعة والحضن العربي.
توجه العرب نحو دمشق يقلق إيران
عودة دمشق إلى الحضن العربي، باتت تقلق طهران، من فقدان مكانتها ونفوذها في سوريا، وأن لا يكون لها حصة في “الكعكة السورية”، حيث جاء رئيسي مع وزراء حكومته لتوقيع جملة من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والأمنية والخدمية مع دمشق، ووضع اليد على ما لم يتم وضع اليد عليه بعد من الموارد والثروات السورية.
رسائل إيرانية للعرب “مكانتي محفوظة بسوريا”
ورأت أوساط سياسية سورية أن زيارة رئيسي مع وزراء حكومته يعني أن طهران لن تتنازل عن مكتسباتها ولن تتخلى عن مكانتها ومشروعها في سوريا، حتى ولو عادت العلاقات مع العرب وأصبح هناك حل سياسي، مشددين على أن طهران بدأت تلتمس امكانية حل الأزمة السورية بعد التدخل العربي، وذلك كان دافعاً لتوقيع اتفاقيات عدة منها “إعادة الإعمار” و “الاستثمار” لمنفعة الاقتصاد الإيراني الذي يعاني هو الآخر من العقوبات الغربية.
اتفاقات عدة تم التوقيع عليها
وبحسب ما نقلته وكالة “سانا” فإن الرئيس الأسد وقع مع رئيسي في دمشق، مذكرة تفاهم لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد بين البلدين، إضافة إلى توقيع الوثائق التالية :
– توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الزراعي بين البلدين.
– توقيع محضر اجتماع للتعاون في مجال السكك الحديدية بين سوريا وإيران.
– مذكرة تفاهم بشأن الاعتراف المتبادل بالشهادات البحرية بين البلدين.
– محضر اجتماع للطيران المدني بين سوريا وإيران.
– مذكرة تفاهم في مجال المناطق الحرة بين سوريا وإيران.
– مذكرة تفاهم للتعاون في مجال النفط بين سوريا وإيران.
تحصيل فاتورة التدخل العسكري
ولطالما كان المسؤولون الإيرانيون يتحدثون عن مليارات الدولارات التي صرفت في سوريا والصراع المسلح على السلطة فيها، ومساعدتهم للنظام الحاكم في القضاء على المعارضة، وأن الوقت لتحصيل هذه الفواتير قد حان. خاصة مع استيلاء روسيا على معظم الثروات السورية والمعامل والموانئ والمطارات والمصانع الكبيرة لصالح استيفاء فاتورة تدخلها العسكري.
وكان وزير الطرق والتنمية العمرانية، مهرداد بزر باش، قال في وقت سابق، إن بلاده ستركز على مناقشة وضع الكهرباء والأولويات في الخط الائتماني الإيراني، وملف الممر السككي وزيادة عدد الرحلات بين البلدين ومساعدة الأسطول السوري، وتقديم القوى البشرية وتدشين ميناء الحميدية في طرطوس والذي سيكون الميناء الثالث في سوريا، والأول تحت السيطرة الإيرانية الفعلية.
زيارة مع مساعي روسية للصلح بيت الأسد وأردوغان
وتأتي المساعي الإيرانية في سوريا، بالتزامن مع استمرار الجهود العربية لإعادة سوريا للجامعة العربية، حيث كشفت صحيفة “الشرق الأوسط” عن الأردن أطلق سلسلة اتصالات مع دول عربية، حول عودة سوريا للجامعة العربية ومشاركتها في القمة العربية المرتقبة في السعودية.
المساعي العربية تأتي في ظل جهود روسية لإسراع التطبيع بين أنقرة ودمشق، وإنجاح إعادة العلاقات قبل عودة سوريا للحضن العربي الذي سيعطيها قوة كبيرة في التفاوض، إضافة لما تريد إيران تحصيله قبل فوات الأوان وإنهاء الصراع، وربما خروج قواتهم فيما بعد.
إعداد: ربى نجار